أبو مريم يكافح التصحر في بغداد.. شجرة مجانا لكل مواطن
في مكان هادئ ببغداد يستخدم المتطوع في زراعة البساتين عبد الكريم عباس، المعروف بين سكان العاصمة العراقية باسم أبو مريم، باحة مسجد حوّلها إلى مشتل أشجار لمكافحة التصحر.
ولاحظ الرجل العراقي، 64 عاما، قبل 5 سنوات نزوح الناس من المدينة بحثا عن هواء أنقى، فبدأ بزراعة الأشجار على سطح منزله وتوزيعها مجانا.
ونما مشروعه الصغير ليصبح مشتلا في منزله ثم في باحة مسجد حيث يوزع آلاف الشتلات لجعل بغداد تنعم بمزيد من الأشجار.
وبعد أن سقى بالماء صفوفا من النباتات مرصوصة في أصص، قال عباس لرويترز "قبل خمس سنوات، يعني بعد أن شاهدنا الهجرة العكسية من المدن إلى الأرياف بحثا عن هواء نقي وأكسجين، حاولت أن أزرع فوق سطح المنزل وأوزعه مجانا. لما (وجدت) آثار التصحر ومخاطر البيئة اللي اتأثر على البيئة، فبديت أوزع مجانا".

"أبو مريم" ومكافحة التصحر في بغداد. رويترز
ويضيف "لاقيت استحسانا كثيرا من الناس، فحولت واجهة الدار، استغليتها، ومن ثم هذا المكان اللي وزعت آلاف الأشجار لتضلل أرصفة الشوارع وتخفف بصمات الكربون وتضيف جمالا بصريا للأحياء التي لونها الأسمنت الرمادي".
وأوضح "عادة هذه البذور أجمعها من المتساقطة، من تحت الأشجار، من الساحات العامة، يعني مثلا هسة (الآن) هذه الأشجار، هذه النواة، هذا مجانا. أعثر عليه وأحوله إلى فندق للعصافير، وأحوله إلى بطل أكسجين في الشوارع مجانا. ما مكلف أي شي يحتاج فقط عزيمة وإرادة. والقسم الآخر أشتريه. يعني أحيانا أشتغل عمالة، أجير يومي عامل بناء، حتى أشتري بعض الأشجار وأقلمها وأكاثرها وأوزعها مجانا".
يُعد العراق من بين أكثر 5 دول تأثرا بتغير المناخ في العالم. وذكر تقرير صدر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن التصحر يؤثر على 39 بالمئة من الأراضي العراقية.
تنتشر في مشتل عباس لافتات مكتوبة بخط اليد تحث السكان على زراعة الأشجار. تقول إحداها "تذكر دائما. لا يوجد كوكب بديل. حافظ على البيئة".

متطوعون يزرعون أشجارا في شوارع بغداد. رويترز
تقبّل سكان في بغداد هذه الفكرة. ويقول أبو نبيل، وهو من سكان العاصمة، بعد أن تسلم شتلة لحديقته، "فكرة جيدة وممتازة كانت من الأستاذ أبو مريم. انه لتوزيع النباتات في هذا الوقت المناسب لتغير المناخ. هذه الشتلة راح (سوف) آخذها الى البيت وأزرعها في مكان جيد وأشجع الجيران على زيادة النباتات".
كما يزرع عباس وبعض مجموعات المتطوعين الشتلات على الطرق في بغداد وفي الأراضي الفضاء والأماكن العامة بهدف تحويلها إلى حدائق.
وقال "بهذا المشتل، هو مشتل مجاني تجد كثيرا من الشعارات التي تحث الناس على الزراعة واحترام الشجرة. لا تشتري قفص، ازرع شجرة كي تسمع أصوات العصافير والبلابل. أفضل وقت لزراعة الأشجار كان قبل 20 عاما. والوقت الأجمل هو الآن. بهذه الطريقة بديت أحث الناس على الزراعة".
وقال المتطوع أبو داليا، من أمام أرض وضعوا بها المشاتل، "جبنا (أحضرنا) كمية من الزرع. راح (سوف) نزرعه بهذا المكان هنا. وعندنا شباب متطوعون يساعدونا بهذا الزرع هنانة (هنا)، بارشادات أبو مريم. ونسوي (نجعل) هذا المكان منتزه ومتنفس للعوائل".