ما لا تعرفه عن البطاطا في يومها العالمي

يعود أصل البطاطا، المعروفة علميا باسم Solanum tuberosum، إلى جبال الإنديز في أميركا الجنوبية. وكانت تُعامل البطاطا باعتبارها "زهرة الحضارة الهندية القديمة".

وتمت زراعتها لأول مرة من قبل السكان الأصليين قبل حوالي 7 آلاف إلى 10 آلاف سنة. وزرع الفلاحون من حضارة الإنكا البطاطا على نطاق واسع، وطوّروا مجموعة متنوعة من الأصناف التي يمكن أن تزدهر في مناخات وارتفاعات مختلفة.

وكان الإنكا يكنون تقديرا كبيرا للبطاطا، ليس فقط كغذاء أساسي ولكن أيضا لدورها في ثقافتهم وطقوسهم، كما استخدموا تقنيات زراعية متقدمة، بما في ذلك المدرجات والري، لتعظيم إنتاجية محصول البطاطا، الذي كان ضروريا للغاية لدرجة أنه كان يستخدم لقياس الوقت من حيث مدة الطهي.

وفي القرن الـ16، اكتشف المستعمرون الإسبان البطاطا أثناء غزواتهم في الأميركتين. وكان الأوروبيون متشككين من هذا الغذاء الجديد الغريب، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه عضو في عائلة الباذنجانيات، التي تضم بعض النباتات السامة.

ولكن مع مرور الوقت، اكتسبت البطاطا قبولا في أوروبا، لا سيما عندما ظهرت المجاعات، فظهرت قيمتها كمحصول موثوق وعالي الإنتاجية بجانب قدراته الغذائية المرتفعة.

تم إدخال البطاطا إلى آسيا في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر، بعد تقديمها لأول مرة إلى أوروبا على يد المستكشفين الإسبان. وفي الصين، ساعدت البطاطا في تخفيف المجاعة خلال عهد أسرة تشينغ، مما أدى إلى تأمين مكانتها كجزء حيوي من الزراعة الصينية.

لعبت البطاطا دورا أساسيا في الكثير من الحروب، وبينما لم تكن السبب الرئيسي لها، إلا أنها كانت حاضرة في خلفية الصراعات والأحداث الكبرى مثل:

حرب الخلافة البافارية (1778–1779)

غالبا ما يشار إليها باسم "حرب البطاطا" أو "Kartoffelkrieg"، ودار هذا الصراع بين بروسيا والنمسا حول خلافة العرش البافاري.

على الرغم من أن البطاطا لم تكن سببا في ذلك، إلا أن الحرب اكتسبت لقبها لأن كلا الجيشين قضيا وقتا أطول في محاولة قطع الإمدادات الغذائية عن بعضهما البعض، وخاصة حقول البطاطا، بدلا من الانخراط في قتال مباشر.

تميزت الحرب بعدم وجود معارك كبيرة وارتفاع أعداد الضحايا، وبدلا من ذلك تضمنت مناورات استراتيجية للسيطرة على الموارد، بما في ذلك البطاطا، التي كانت مصدرا غذائيا حاسما.

المجاعة الآيرلندية الكبرى (1845–1852)

على الرغم من أنها لم تكن حربا، إلا أن المجاعة الأيرلندية الكبرى، والمعروفة أيضا باسم مجاعة البطاطا الأيرلندية، كانت فترة مدمرة كان لها تداعيات اجتماعية وسياسية عميقة.

كانت المجاعة ناجمة عن آفة البطاطا التي دمرت مصدر الغذاء الأساسي لكثير من سكان أيرلندا. وأدى رد فعل الحكومة البريطانية غير الكافي للأزمة إلى تفاقم الوضع، مما أدى إلى المجاعة الجماعية والمرض والهجرة.

أدت المجاعة إلى تكثيف الاستياء الأيرلندي تجاه الحكم البريطاني، مما ساهم في صعود القومية الأيرلندية والدفع في نهاية المطاف نحو الاستقلال.

الحرب العالمية الثانية (1939-1945)

خلال الحرب العالمية الثانية، لعبت البطاطا دورا حاسما في الحفاظ على السكان والقوات العسكرية. في أوروبا التي احتلها النازيون، كانت البطاطا عنصرا أساسيا في استراتيجية الغذاء الألمانية. اعتمد الجيش الألماني بشكل كبير على البطاطا كغذاء أساسي، واستولى النظام النازي على كميات كبيرة من البطاطا من الأراضي المحتلة.

وفي الاتحاد السوفييتي، أدى الغزو الألماني والحصار اللاحق لمدن مثل لينينغراد إلى نقص حاد في الغذاء. كانت البطاطا، باعتبارها محصولا قويا وعالي الإنتاجية، ضرورية للبقاء على قيد الحياة.

قد لا تعرف أن البطاطا كانت أول نوع من الخضروات يتم زراعته في الفضاء في العام 1995. تعاونت وكالة ناسا مع جامعة ويسكونسن لتطوير تقنيات زراعة البطاطا في مهمات فضائية طويلة.

أو أن أثقل بطاطا تم تسجيلها على الإطلاق كانت تزن 4.98 كيلوغرامات وزرعها بيتر جلازبروك في نوتنجهامشاير، المملكة المتحدة، بحسب موسوعة غينيس.

وإلى جانب الطعام، تُستخدم البطاطا في إنتاج مواد التعبئة والتغليف القابلة للتحلل، والمواد اللاصقة، وحتى في بعض التركيبات الدوائية.

وفي جبال الإنديز، يوجد منتزه للبطاطا، ويقع هذا المنتزه الذي تبلغ مساحته 12 ألف هكتار بالقرب من مدينة كوسكو في بيرو، وهو عبارة عن مبادرة للحفاظ على البيئة حيث تقوم المجتمعات المحلية بإدارة الموارد الوراثية للبطاطا وحمايتها.

ويستهلك حوالي ثلثي سكان العالم البطاطا كغذاء أساسي؛ يتم استخدام ما يقرب من 50% منها كغذاء منزلي أساسي أو كخضروات، بحسب الأمم المتحدة.

وبحلول عام 2030 سيصل إجمالي إنتاج البطاطا إلى 750 مليون طن بنسبة زيادة 112%، سيتجاوز إنتاج آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية 440 مليون طن بنسبة زيادة 100% تشكل حوالي 59% من الإنتاج العالمي.