كرة قدم

إنييستا يعلّق الحذاء.. فنان بدرجة "قاتل خجول"

نشر

.

blinx

أسدل صانع الألعاب الإسباني المخضرم أندريس إنييستا الستار على مسيرته المذهلة في عالم الساحرة المستديرة بإعلان اعتزاله كرة القدم بشكل نهائي بعد مشوار حافل بالألقاب والإنجازات.

صاحب الـ40 عاما قرر تعليق حذائه، بعدما فعل كل شيء في كرة القدم، سواء مع ناديه الأسبق برشلونة الإسباني، أو مع منتخب بلاده إسبانيا، حيث عاصر الجيل التاريخي في كلا الفريقين، وكان ضلعا رئيسيا في كتيبة الإنجازات.

وحظي لاعب الوسط التاريخي بالإعجاب والتقدير في إسبانيا على مدار مسيرته الحافلة، حتى من قبل الخصوم اللدودين لبرشلونة، ويعتبره الكثيرون أعظم لاعب في تاريخ البلاد، متفوقا على كل أساطير الماتادور.

واشتهر إنييستا بتواضعه وأناقة لعبه، بالإضافة إلى إبداعه و"سحره" على المستطيل الأخضر.. ورغم ذلك فإنه كان كتوما وخجولا بطبعه، ولم يبحث أبدا عن إثارة الأضواء ولفت الانتباه، ويُعد رمزا للرصانة.

فنان لاماسيا

تخرّج إنييستا في أكاديمية لاماسيا الشهيرة بنادي برشلونة، بعدما انضم إلى القلعة الكتالونية بعمر الـ12 سنة، وتألق بين فرقها السنية ليصل سريعا إلى الفريق الأول.

ولم يكن مشوار إنييستا نحو القمة مفروشا بالورود، حيث تخطى ابن مقاطعة ألباسيتي آلام الفراق عن عائلته بعد انضمامه إلى لاماسيا التي تبعد 500 كيلومتر، وكان يبكي كل يوم، كما كتب في كتابه "الفنان" بسبب مشاعره حينها.

نبوءة غوارديولا

مع انطلاقة إنييستا وبزوغ نجمه بين ناشئي برشلونة شاهده مواطنه بيب غوارديولا، الذي كان لا يزال لاعبا في الفريق الكتالوني حينها، وهو بعمر 15 عاما، فتنبأ له بأنه سيتفوق على الجميع، سيصبح الأفضل في مركزه.

ووفق فرانس برس، فقد قال غوارديولا لتشافي هيرنانديز، الذي كان زميل إنييستا في صفوف ناشئي برشلونة: "أنت ستدفعني إلى الاعتزال، وهو سيدفعنا جميعا للاعتزال".

مايسترو الجيل الذهبي

أصبح إنييستا أحد أضلاع ثلاثي خط الوسط التاريخي في برشلونة إلى جانب تشافي وسيرجيو بوسكيتس، وقدّم التمريرات السحرية لزميله الأرجنتيني ليونيل ميسي، ليسهم بشكل أو بآخر في صناعة أسطورة الأخير.

وسمح تألق المايسترو إنييستا مع زملائه لبرشلونة بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات، والدوري الإسباني 9 مرات، وكأس الملك 6 مرات، من بين 32 لقبا حققها الفنان مع الفريق الكتالوني.

لا كرات ذهبية

لكن بطبيعة الحال، فإن إنييستا وقع ضحية لتألق ميسي، فلم ينل أبدا جائزة الكرة الذهبية التي كان يستحقها بالنظر إلى مسيرته الكروية، وكانت أفضل نتيجة له المركز الثاني عام 2010.

ونقلت "فرانس برس" عن ميسي قوله سابقا عن إنييستا: "في الملعب أحب أن يكون إلى جانبي، خصوصا عندما تسوء الأمور وتصعب المباراة.. أقول له عندها: اقترب أكثر".

إنييستا وميسي في برشلونة. (أ ب)

الفنان القاتل

قال بيب غوارديولا، الذي تولى تدريب إنييستا لسنوات في برشلونة: "لا أحد يقرأ المباراة في الوقت والمساحة أفضل من إنييستا، لكن الأكثر من ذلك أن لديه القدرة على ضرب توازن الخصم.. بمقدوره قتلك في الهجوم، وهو حاضر دوما في المناسبات الكبرى".

وقد تجلى ذلك في أكثر من مناسبة، أشهرها عندما سجل إنييستا أهم هدف في تاريخ منتخب إسبانيا، والذي منح الماتادور لقبه الوحيد في كأس العالم عام 2010، في الوقت القاتل من مواجهة هولندا في المباراة النهائية، وقبل 4 دقائق من الاتجاه لركلات الترجيح.

وقدم إنييستا واحدا من أفضل أداءاته في مباراة الكلاسيكو ضد ريال مدريد التي أقيمت في نوفمبر 2015، في ملعب الفريق الملكي، وانتهت المباراة بفوز برشلونة 4-0، وسجل هدفا بعد تمريرة رائعة من البرازيلي نيمار.

وخرج الرسام إنييستا حينها من الملعب وسط تصفيق جزء كبير من جماهير ملعب سانتياغو برنابيو، وهو أمر نادر جدا بالنسبة للاعبي الخصم، لكنه تمكن بفنه وسحره من اكتساب إعجابهم، رغم قتل فريقهم في الملعب.

هاري بوتر برشلونة

كان اللاعب القصير القامة نسبيا (170 سم و65 كغم) أحد أفراد تشكيلة برشلونة التي اعتبرت بين أفضل التشكيلات على مر تاريخ اللعبة، وخاض مع الفريق نحو 700 مباراة على مدار 16 عاما، قبل أن يرحل عنه في 2018 بعد 22 عاما داخل قلعته.

وأسهم إنييستا في إحراز برشلونة 32 لقبا، بينها السداسية التاريخية مع غوارديولا في 2009، وخماسية تاريخية أخرى تحت إشراف لويس إنريكي في 2015، عندما شبّهه مدربه بشخصية هاري بوتر الخيالية.

وقال إنريكي عن إنييستا بعدها "انظر إليه، يبدو كما لو كان يقول واحد، اثنان، ثلاثة.. ويتخطى اللاعب.. كما لو أنه يملك عصا سحرية"، مؤكدا أن لاعب الوسط التاريخي يعتبر "إرثا إنسانيا" لكرة القدم.

إنييستا ومنتخب إسبانيا

يدين إنييستا الملقب بـ"الساحر" بوجوده في منتخب إسبانيا للمرة الأولى إلى المدرب الأسبق للماتادور لويس أراغونيس، الذي فاجأ الجميع عندما استدعاه إلى مونديال ألمانيا 2006، في مسيرة امتدت 131 مباراة دولية سجل فيها 14 هدفا.

ولعب الرسام دورا أساسيا مع جيل إسبانيا الذي أحرز كأس أمم أوروبا مرتين في 2008 و2012، وبينهما كأس العالم الوحيدة في تاريخ الماتادور والتي أقيمت في جنوب أفريقيا عام 2010 وكان صاحب هدف الحسم فيها.

فقبل 4 دقائق من نهاية الوقت الإضافي الثاني لركلات الترجيح، سيطر الفنان على تمريرة سيسك فابريغاس، ثم أطلقها في الشباك الهولندية معلنا وصول بطل أوروبا لعرش العالم.

وقال إنييستا عن ذلك: "ستظل تلك اللحظة ماثلة في التاريخ.. وأنا أصبحت بسببها أسعد شخص في العالم، بعد أن أسهمت في تحقيق هذا الحلم".

إنييستا الإنسان

كشف إنييستا على مدار مسيرته عن العديد من اللمحات الإنسانية التي طغت على شخصيته، بعيدا عن حسمه، وقتله أحلام المنافسين داخل الملعب.

فبعد إحراز هدف المونديال التاريخي مزّق إنييستا قميصه احتفالا، وكشف تحته عن تكريم مكتوب بخط اليد لصديقه الراحل داني خاركي، قائد إسبانيول، الذي توفي إثر نوبة قلبية بعمر السادسة والعشرين في أغسطس 2009.

وقبل تلك الفترة كان إنييستا يعيش فترة من الاكتئاب الشديد تأثرا بوفاة صديقه خاركي، بجانب تعرضه هو لبعض الإصابات، ليلجأ إلى معالجين نفسيين، ويقر بعدها بأنه كان فاقدا وقتها "الرغبة في الحياة".

لكن الهدف والرسالة المؤثرة التي بعث بها بعده جعلته يدخل قلوب الشعب الإسباني بأسره، حتى أطلق عليه لقب "دون أندريس".

وقد علق تشافي هيرنانديز على الجانب الإنساني لدى إنييستا بالقول: "إذا تحدثنا عن الإنسان، فلا أعرف من أين أبدأ. هو رائع من كل النواحي، قدوة للآخرين وتجسيد للاعب الذي يقدم كل شيء من أجل الفريق".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة