طلبة الأردن.. "هجرة" نحو جامعات الخارج

يمر طلاب امتحان التوجيهي، "شهادة الثانوية العامة"، في كل عام بضغوط هائلة، نظرا لأهمية هذا الامتحان في تقرير مصيرهم المستقبلي، ومن هنا فإن الأهالي يتجهزون لهذه المرحلة قبل الوصول لها.

يقول الشاب العشريني محمد لبلينكس "توجهت لتركيا بعدما بحثت جيدا بين الدول، وقارنت عددا من النقاط المهمة مثل التكلفة الدراسية والرغبة في الوصول للتخصص الذي أريده، السنة الأولى خضعت بها لامتحانات عدة أهلتني لأدرس في جامعة حكومية".

عن التكلفة يشرح محمد: "تكلفة الدراسة أقل من تكلفتها في الأردن، الرسوم الجامعية في كل فصل تصل إلى 150 دولارا، لو درست في بلدي فإن التكلفة تصل إلى 1400 دولار".

أعداد الطلبة الأردنيين الذين يدرسون في الخارج كبيرة، وأغلبهم يتوجه إلى مصر وتركيا وأوروبا الشرقية، يعلق على ذلك بالقول "كان بالإمكان دراسة الهندسة في الأردن ولكن ضمن اشتراطات لا أحبذها ولا أقدر عليها، سواء أكان بالدراسة في جامعات بعيدة عن العاصمة أو من خلال الانضمام للبرنامج الموازي وهذا يعني تكلفة إضافية".

في هذا العام تقدم لامتحان التوجيهي 2024، في الفروع الأكاديمية والمهنية أكثر من 187 ألف طالب وطالبة.

يبيّن محمد أن الطلبة الأردنيين الذين يلجأون للبحث عن جامعة خارج الأردن، فإنهم يكتشفون أنّ الدراسة بهذه الجامعات ستمنحهم غزارة معرفية وعلما مكثفا وأسلوبا في الدراسة.

يقول "درست التخصص في اللغة الإنكليزية، وأيضا اكتسبت لغة البلد، وهذه ميزات متعددة سأجدها مؤازرة لي في أثناء بحثي عن العمل، مع العلم أنّ أغلب المؤسسات تفضل خريج الجامعات الخارجية وهذا أمر لا يمكن الشك به".

في حين يجد الخبير التربوي، الدكتور ذوقان عبيدات، أنّ الدراسة الجامعية في الأردن تواجه عددا من الصعوبات، أبرزها تحدي القبول في بعض التخصصات خاصة التخصصات الطبية، ولا يتمكن الطلبة من دراسة ما يرغبون به نتيجة تحديد معدلات قبول تعتبر مرتفعة، والطلبة الذين تقل معدلاتهم عن 65% لا يتمكنون من الالتحاق بالجامعات.

ويلفت عبيدات في حديثه لبلينكس إلى أنّ الطلبة الأردنيين لا يهاجرون للبدء في تعليمهم فقط على المراحل الجامعية، وإنما أيضا يهاجرون للخارج في مرحلة الثانوية العامة بحثا عن امتحان أسهل، وبطبيعة الحال هناك طلاب يبحثون عن جودة تعليم أفضل، وخريج الجامعات الأجنبية مطلوب دوما لسوق العمل".

يدرس خارج الأردن "نحو 40 ألف طالب، وعلى الجامعات إعادة النظر في مناهج التعليم وقياداته ومجمل العملية التعليمية " وفقا لعبيدات.

يقول محمد "أثناء رحلة دراستي تعرفت على طلاب عرب من جنسيات مختلفة، وجميعنا لا يفكر في المعرفة التي نكتسبها فقط وإنما نفكر في المراحل المستقبلية، والمخاوف التي تسيطر علينا كأردنيين تتجسد في قضية البطالة، وبالتالي نحاول جاهدين التعرف على جهات دولية تمنحنا فرصة".

ويشير منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة، الدكتور فاخر دعاس لبلينكس إلى أنّ أغلب الطلبة يتوجهون لدراسة التخصصات الطبية، ووفقا للتقديرات يوجد ما يقارب 20 ألف طالب أردني على مقاعد الدراسة الطبية وحدها في الخارج.

يقول دعاس إن دراسة الطلبة في الخارج "له إيجابيات ولكن في ذات الوقت له سلبيات تتمثل في هجرة العقول المميزة والتي من الممكن خسارتها في حال استقطابها، أيضا خسارة اقتصادية خاصة أن الأردن يعاني من أوضاع صعبة".

وفقا لورقة نقاشية لجماعة حوارات عمّان، فإن عدد الطلبة الأردنيين الذين يدرسون الطب في الخارج بحسب التقييمات الرسمية يصل إلى 19 ألف طالب تكلفة دراستهم تبلغ مليار دينار، وموزعين على دول مختلفة ولكن نصفهم في مصر وأوكرانيا، وفي الأردن بلغ عدد الجامعات في نهاية 2023، 78 مؤسسة تعليمية منها 10 جامعات حكومية، و18 جامعة خاصة.

في ذات السياق، فإن التقديرات الرسمية تبين أنّ نسبة البطالة بين الخريجين الجامعيين الأردنيين بمختلف الدرجات العلمية من الذكور 27%، في حين تجاوزت نسبة 33% بين الإناث، وينتظر 455 ألف جامعي دورهم في ديوان الخدمة المدنية (مؤسسة رسمية تعنى بالتعيين في الوظائف الحكومية) للحصول على وظيفة حكومية.

ويدخل سوق العمل الأردني سنويا نحو 140 ألف طالب عمل من خريجي الثانوية وحتى الدراسات الجامعية العليا، في حين يوفر سوق العمل الأردني ما بين 35-40 ألف وظيفة سنويا.

يقول الطالب محمد "سأقترب من التخرج وأفكر فعلياً في استكمال مشواري التعليمي، رحلة طويلة تعلمت منها الكثير إلا أنها منحتني الكثير".

بالمقابل فإن الناطق الإعلامي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مهند الخطيب يؤكد لبلينكس "في كل عام نخبر الطلبة قبيل التسجيل ماهية التخصصات الراكدة والمشبعة وأيضا المطلوبة في سوق العمل، وبالنسبة لعدد الطلبة في الخارج لا يوجد لدينا أرقام دقيقة تبينها، ولكن أغلب الطلبة في الخارج يتوجهون لدراسة الطب وطب الأسنان، مع معرفة أن الجامعات الأردنية استحدثت تخصصات جديدة تتناسب مع الحاجة والعصر".