كبسولة "الموت الرحيم" تكتسح سويسرا

كبسولة Sarco، التي ابتكرها الدكتور فيليب نيتشكي، مؤسس منظمة "Exit international"، هي جهاز مصنوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D، إذ يسمح للمستخدم -المريض- الذي يرغب في إنهاء حياته، بتشغيله من الداخل، ووضعه في أي مكان يريد. في أثناء استلقاء الشخص داخل الكبسولة، يتمّ طرح مجموعة من الأسئلة عليه، وعقب الإجابة عنها يمكنه الضغط على زر خاص موجود داخلها لتفعيل آلية العمل في الوقت الذي يناسبه.

تحتوي الكبسولة على عبوات النيتروجين السائل، التي ينطلق منها الغاز إلى داخلها، ما يؤدي إلى تقليل مستوى الأكسجين من 25% إلى أقل من 1%. عندها يشعر الشخص بنوع من الضبابية، ويفقد وعيه تدريجياً دون أي عوارض أو شعور بالاختناق. وبمجرّد نقص الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم يموت الإنسان.

وكان الهدف من الجهاز هو تحكّم الفرد بنفسه قبل الموت، في وقت كان يجري فيه عادة "الموت الرحيم" تحت إشراف طبيب أو لجنة أطباء، والتأكد من قدرته العقلية، ثم إعطائه عقار بنتوباربيتال الصوديوم. بعد تناوله، ينام الشخص خلال دقيقتين إلى ٥ دقائق، ثم يدخل في غيبوبة عميقة، يتبعها الموت بعد فترة وجيزة.

في أربعينيات القرن الماضي، شرّعت سويسرا قانونياً "الانتحار بمساعدة الغير" أو "الموت الرحيم"، للأشخاص الذي يعانون من أمراض مستعصية ومزمنة، أو إعاقة خطيرة. وحسب المادة ١١٥ من القانون الجنائي السويسري (عام 1942)، يسمح بتقديم المساعدة لشخص ما يريد الانتحار -الموت الرحيم-، ما دام الدافع ليس أنانياً، وإلا تعتبر جريمة ويعاقب المتّهم بالسجن لمدة لا تقلّ عن ٥ سنوات. ومن الجمعيات التي تساعد على الموت الرحيم، المنظمة السويسرية (Exit)، التي تقدّم المساعدة على الانتحار بموجب هذا القانون، ولا يعاقبون إلا إذا اتهموا بتقديم المساعدة بدوافع أنانية.

أحد الأسباب التي تجعل هؤلاء الأشخاص يفكرون بإنهاء حياتهم، هو التخلّص من المعاناة خاصة عندما تكون قاسية ولا قدرة لهم على التحمّل، مثل حالة الياباني يوشي الذي سافر من اليابان إلى سويسرا لوضع حدّ لحياته.

وقال: "لأنني أريد الموت بكرامة.. فالتنفس والأكل والذهاب إلى المرحاض والتواصل مع الآخرين، كلها أساسيات في الحياة. ولأنني لم أعد قادراً على القيام بها، فإنني أتخذ القرار الصحيح بإنهاء ذلك".

يثير مبدأ "القتل الرحيم" إشكالية في العالم بين مؤيد ومعارض، بين تجريمه وتشريعه. البعض يراه وسيلة لمساعدة الشخص على الانتحار، والبعض الآخر يعتبره حرية فردية ومن حقّ الشخص في ظروف معينة تقرير مصير موته.

من بين الدول التي شرّعت "الموت الرحيم"، والموت بمساعدة الغير، من خلال تناول الأدوية:

• إسبانيا: تسمح باستخدامه فقط للأشخاص الذين يعانون من مرض خطير وغير قابل للشفاء.
• هولندا: كانت أول مكان في العالم يوافق على القتل الرحيم النشط في أبريل 2002. ومن شروطه، أن يكون المريض في المراحل النهائية، ويعاني من آلام لا يمكن تحمّلها، بالإضافة إلى طلب القتل الرحيم عدة مرات واستشارة أكثر من طبيب.

• بلجيكا: كانت أول دولة في العالم وافقت على القتل الرحيم للأطفال دون سن 12 عاماً في حالات المرض العضال.
• لوكسمبورغ: تمّت الموافقة على القتل الرحيم عام 2009، وسيكون للمرضى في الحالات الحرجة وغير قابلة للشفاء الحق بذلك، بعد الحصول على موافقة طبيبين ولجنة من الخبراء.

• كولومبيا: أعلنت المحكمة الدستورية عام 1997 أن جريمة "القتل الرحيم" غير دستورية، وتمّ إعفاء الأطباء من المسؤولية الجنائية، في حال كان الشخص مريضاً بمرض خطير يؤدي للموت. هذا ويتمّ تقديم المساعدة للموت من قبل طبيب، وبتفويض من "لجنة علمية متعددة التخصصات". ويحقّ للطبيب رفض طلب المريض باستخدام مبدأ "حرية الضمير"، الذي يسمح للأطباء بعدم إجراء القتل الرحيم إذا كان يتعارض مع معتقداتهم الشخصية.
• كندا: يسمّى لديها "المساعدة الطبية للموت"، وتم تشريعها عام ٢٠١٦، ويتمّ تقديم الطلب بوجود شاهدين مستقلين وموافقة طبيبين. يجب أن يؤكّد الأطباء أنّ المريض ليس له علاج، وأنه في مرحلة متقدمة من المعاناة.