لايف ستايل
.
يستمتع شباب في هذا الجيل بالتسوق بطريقة "صديقة للبيئة"، أو هكذا يعتقدون، والنتيجة التوجه إلى شراء الملابس التي تحمل شعار "مُعاد تدويره".
لكن يوجد جانب مظلم خلف هذا الشعار، مثل استخدام البلاستيك بشكل مفرط لإنتاج "قطعة ملابس بيئية" تتسبب بدورها في زيادة التلوث.
فما هي حقيقة الملابس "الصديقة للبيئة"؟ وفي المقابل ما أهمية تدوير ملابسنا؟
يصعب العثور على ملابس لا تحمل مؤشر أنها مصنوعة من "مواد معاد تدويرها" في متجر رئيسي تابع لإحدى العلامات التجارية الشعبية الكبرى في باريس.
الحقيقة أن ٧٩٪ من البوليستر المستخدم في مجموعات هذه الماركة مصنوع من مواد معاد تدويرها في 2023. إذ تسعى الشركة إلى أن تعتمد بالكامل على هذه المواد اعتبارا من السنة المقبلة.
ولكن "93% من جميع المنسوجات المعاد تدويرها حالياً تأتي من عبوات بلاستيكية، وليس من ملابس قديمة".
أي بمعنى آخر، من الوقود الأحفوري بحسب أورسكا ترنك من مجموعة "تشانجينغ ماركتس".
غير أن القميص المصنوع من البوليستر المعاد تدويره "لا يمكن إعادة تدويره بتاتاً" في المستقبل، وفق ترنك.
وقالت المفوضية الأوروبية إن "أقل من ١٪ من الأقمشة المستخدمة في إنتاج الملابس يعاد تدويرها وتحويلها إلى ملابس جديدة".
في المقام الأول، تُعتبر الملابس المصنوعة من أكثر من نوعين من الألياف غير قابلة لإعادة التدوير. ويقول الخبراء إن هذا الأمر مكلف بسبب طريقة فرزها، ويتطلب الأمر الاستعانة بعدد كبير من العمال.
وبينما تبدو إعادة استخدام القطن بمثابة حل بديهي، لكن عندما يعاد تدوير القطن، تنخفض جودته كثيراً لدرجة أنه غالباً ما يتعين نسجه بمواد أخرى، وفق الخبراء، ما يعيدنا إلى مشكلة الأقمشة المختلطة.
ولحل مشكلة إعادة التدوير، استخدمت علامات تجارية للأزياء البلاستيك المعاد تدويره، ما أثار غضب قطاع صناعة المواد الغذائية، الذي يدفع تكاليف جمع العبوات المستخدمة المصنوعة من مادة PET.
ولا تشكل إعادة تدوير البوليستر أيضاً الحل المناسب، بحسب لوريان فيار، العضو في شبكة "زيرو وايست نتوورك"، إذ غالباً ما يكون غير نقي أو ممزوج بمواد أخرى مثل الإيلاستين أو الليكرا، ما "يمنع أي إعادة تدوير".
وفي الواقع، تطالب المجموعات البيئية قطاع النسيج بالتوقف عن إنتاج البوليستر بالكامل، رغم أنه يمثل أكثر من نصف إنتاجها، بحسب Textile Exchange.
يأتي هنا السؤال الأهم، أين ينتهي كل البوليستر غير القابل لإعادة التدوير والأقمشة المختلطة بعد أن يُحضرها المستهلكون إلى صناديق إعادة التدوير؟
أشارت وكالة البيئة الأوروبية إلى أن "المنسوجات المستخدمة تُحوّل في الغالب إلى خرق صناعية أو مواد للحشو، أو يعاد تصديرها بغاية إعادة التدوير في دول آسيوية أخرى أو لإعادة استخدامها في إفريقيا".
وأقر الاتحاد الأوروبي في نوفمبر تشريعا جديدا ينص على ضرورة إعادة تدوير صادرات النفايات بدلاً من التخلص منها. ولكن الوكالة الأوروبية للبيئة اعترفت بوجود "نقص في البيانات حول كميات ومصير المنسوجات المستعملة ومخلفات المنسوجات في أوروبا".
وفي الواقع، الكثير من مخلفات الملابس الأوروبية المرسلة إلى آسيا تذهب إلى "مناطق لتجهيز الصادرات"، والتي وصفها بول رولان من Clean Clothes Campaign (حملة الملابس النظيفة) بأنها "مشهورة بتوفير مناطق "خارجة عن القانون"، لا يُلتزم فيها حتى بمعايير العمل المتدنية السارية في باكستان والهند".
الحقيقة المرّة في هذا المجال هي أن "إعادة التدوير ليست سوى خرافة في قطاع الملابس"، وفق الخبيرة في شؤون الاستهلاك في منظمة "غرينبيس" بانهوبر.
مع ذلك، يتجه آخرون نحو ألياف نباتية جديدة، إذ تستخدم العلامة التجارية الألمانية Hugo Boss مادة بيناتكس المصنوعة من أوراق الأناناس في بعض أحذيتها الرياضية.
في المقابل، بعض الخبراء يحذرون من الوقوع في فخ آخر، عند الطريقة التي تُجمع من خلالها هذه الألياف غير المنسوجة معا "في معظم الحالات" باستخدام البوليستر الحراري بحسب توماس إيبيلي من شركة "سلو وي ار" SloWeAre. ولكن "المشكلة الأكبر تكمن في كمية الملابس التي يتم تصنيعها"، وفق سيليست غرييه من منظمة "كربون 4".
والحل بسيط: شراء كميات أقل من الملابس.
لتجنب الوقوع في فخ شراء ملابس جديدة معاد تدويرها، بإمكانك التوجه إلى أقرب سوق "بالة" للملابس المستعملة. وهذا هو توجه العديد من شباب الجيل. وبحسب استطلاع أُجري العام الماضي، ثلث من المستهلكين يشترون سلع مستعملة. ومن بين المشاركين، شكل الجيل زيد أعلى نسبة بنسبة 42%، يليه جيل الألفية بنسبة 39%.
وتقول إحصائية أخرى أن الجيل زيد سيشكل حوالي 28% من مشتري السلع المستعملة بحلول عام 2027، وفقا لشركة ThredUp.
لسوق البالة فوائد عديدة للبيئة. ويؤدي شراء الملابس المستعملة إلى إعادة استخدام المنسوجات وتجنب استخدام المياه والأسمدة وانبعاثات الغازات الدفيئة وغيرها من التأثيرات البيئية الضارة التي قد تنجم عن إنتاج ملابس جديدة.
وكمتسوق، بإمكانك التبرع بملابسك القديمة للمحلات التي تعيد الاهتمام بها لبيعها. وبهذه الطريقة، فأنت تختار طريقاً للتسوق لا يتضمن استهلاكا جديدا للموارد والطاقة، مما يقلل من عبء ملوثات البيئة التي تأتي من الملابس "المعاد تدويرها" .
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة