مصر.. أزمة الدولار تنعش فانوس رمضان المحلي

"نقص الدولار سلاح ذو حدين، استخدمنا الحد الحلو لصالحنا، والحد السلبي روّضناه لصالحنا كذلك"، مبتسما يقول رجب صاحب ورشة ومحل تصنيع فوانيس بمصر القديمة لبلينكس، موضحا أن بعض تداعيات أزمة شح العملة الأجنبية جاء لصالح الصناعة المحلية، في حين كان البعض الآخر سلبيا.

كان نقص العملة الأجنبية وارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء حائلا أمام استيراد فوانيس رمضان من الخارج، وهو ما أفسح المجال أمام الصناعة المحلية، وهو ما استفاد منه التجار والمصنعون بداية الأزمة في زيادة المعروض من المنتج المحلي في السوق.

"الفوانيس المستوردَة تكاد تكون اختفت" يقول نائب رئيس شعبة الهدايا ولعب الأطفال باتحاد الغرف التجارية، بركات صفا، لبلينكس، موضحا أن وزارة الصناعة أصدرت قرارا عام 2017 بوقف استيراد الفوانيس، ولكن القرار كان يتم التحايل عليه من خلال استيراد فوانيس تحت مسمى "ألعاب أطفال"، وهو ما سمح لها بالاستحواذ على حصة من السوق، حتى اشتدت أزمة العملة الأجنبية وانخفضت الفوانيس المستوردة في الأعوام الثلاثة الماضية.

في الوقت الذي تنحى فيه المستوردون عن استيراد الفوانيس، وأصبحت ساحة الأسواق خالية لشعار "صنع في مصر" اصطدم المصنعون بارتفاع أسعار خامات التصنيع التي يتم استيراد أغلبها من الخارج مثل "الصاج" وبعض المعادن الأخرى، وهنا بدأ التفكير خارج الصندوق لإنقاذ الفانوس المحلي خلال سنوات الأزمة.

"نعمل إيه، مش هينفع نوقف شغل، عملنا ميكس، شوية نشتغل معادن، وشوية قماش، وشوية خشب، وأهو كله يشيل (يفيد) بعضه"، يقول عم رجب عن آليات مواجهة أزمة ارتفاع خامات التصنيع بسبب انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، موضحا أن التوجه للبلاستيك والخشب والقماش ساعد على الاستمرار في التصنيع المحلي.

خلقت هذه الطريقة شريحة من المستهلكين انصرفت عن سوق الفوانيس بسبب ارتفاع أسعار المنتج النهائي. يقول رجب: "الفوانيس القماش والخشب لأنها أرخص رجعت لنا الزبون (العميل) اللي على قده، والزبون اللي عنده أطفال كتير في العائلة".

"إنتاج الفانوس المعدن انخفض نحو 80% الموسم ده علشان أسعار الخامات، والموجود في السوق كله من خامات وتصنيع رمضان الماضي"، يقول نائب رئيس شعبة الهدايا ولعب الأطفال بالغرفة التجارية، موضحًا أن مخزون المنتجات أنقذ المشهد الرمضاني هذا العام.

"الأسعار غالية آه، والناس وراها التزامات كتير، وده قلل المبيعات موقفهاش خالص (لم يوقفها نهائيا)، علشان فيه ارتباط عاطفي بين رمضان والفانوس"، يقول رجب.

وأوضح أنه يعمل في صناعة الفوانيس وتجارتها منذ أكثر من 40 عاما، لم يتوقف فيها المصريون عن شراء الفانوس في رمضان.

ولفت إلى أن سوق الفوانيس يتشابه مع أي سوق لا يسير على وتيرة واحدة، ولذا مواسم الرخاء تعوض مواسم الأزمات، وهذا سر استمرار الفانوس لأكثر من 1000 عام، بحسب قوله.