"رياض المغرب".. ملاذ السائحين الهادئ

توفّر "الرياض" تجربة إقامة استثنائية، بطابعها التراثي المغربي الأندلسي القديم من حيث الأثاث والزخرفة والبناء. وهي تنتشر بشكل كبير في المدن التاريخية منها مراكش وفاس ومكناس، وتجذب إليها العديد من السائحين الذين يختارونها بدلاً من الفنادق.

يشير وليد الجعواني، أحد القائمين على هذا النمط من الإقامة في الرباط الذي اشتراه أحد المستثمرين المغاربة وطوره منذ عام 2021، أنّ أغلب الوافدين إلى دور الضيافة المغربية هم من المتقاعدين "الذين يبحثون عن الراحة والسكينة، ولاحظت مؤخرا أنه بحكم المساحة الصغيرة للمنزل مقارنة مع الفنادق الكبيرة، فزبائن الرياض يصبحون مثل العائلة الواحدة أحيانا تنشأ بينهم صداقات، خاصة إذا طال بهم المقام".

تقول السائحة الفرنسية كارولين فاغرلان "هذه ثاني مرة آتي فيها إلى المغرب وأختار الرياض بدلاً عن الفندق، فما أبحث عنه هو الطابع التقليدي للمغرب والانغماس في تراثه وثقافته.

تفسر فاغرلان: "أما ارتياد فندق من 5 نجوم فلا أجده مثيرا، لأنني يمكن أن أجد نفس الفندق بنفس الأسلوب في المغرب، أو في فرنسا أو البرازيل أو أستراليا، كما أن الناس هنا يشعرونك بأنك ضيف عندهم، وليس سائحاً عكس الفنادق".

في الرياض يشعر البعض بأنّ هناك "مرونة في أوقات المغادرة والاستقبال، كما لو كنت تزور عائلة مقربة منك"، كما تقول السائحة الألمانية مارسيلا ليسنيغ.

هذا فضلاً عن تحضير الطعام "بناءً على رغبة الزبائن وليس باللائحة فقط. أي من الممكن أن أطلب من الطباخ الغذاء الذي أنوي تناوله، وهذا ما أفعله في الصباح قبل مغادرة الرياض نحو المدينة".

يساهم إقبال السائح على دور الضيافة المنتشرة في المدن القديمة، في تحسين جودة الحياة فيها، وفرض المزيد من الأمن حفاظاً على السياحة.

كما بدأت تساهم في تحسين السياحة، كما يقول الزبير بوحوت المحلل في القطاع السياحي، خاصة وأنها تدخل في إطار المؤسسات السياحية للاستقبال التي تتجاوز 4400 مؤسسة في مختلف المدن المغربية، نصفها دور ضيافة ورياضات، و70% منها متمركزة في مراكش، بالإضافة إلى المدن العتيقة الأخرى كفاس والرباط والصويرة والمناطق الصحراوية.

ويؤمّن العمل في الرياض بالنسبة لموظف الاستقبال باسم ياسين "الشعور براحة غريبة في الاشتغال بها بدل الفنادق، فلا أشعر بالضغط وغالبا المعاملة بين الزبون والمشرفين فيها نوع من المرونة المتبادلة ربما بحكم أن سعة الرياضات ليست كبيرة كما الفنادق".

أما من جهة أخرى، يشكّل الرياض استثماراً للعديد من الراغبين بافتتاح هذه المشاريع، سواء من قبل الأجانب أو السكّان المحليين. وهو يتطلّب ميزانية كبيرة، من أجل عملية الترميم وتجهيزه بمقومات تجمع بين التراث، والتقليد، والفخامة، والراحة.

وهو ما قامت به أسماء، صاحبة أحد دور الضيافة في مدينة مراكش التي "استثمرت في فكرة الرياض لما رأيت عددا من الأجانب يشترون منازل مغربية ويحولونها إلى رياضات. فقلت لما لا؟ أنا أولى بتراث بلادي".

تضيف "الرياض مصنف جيدا على أحد المواقع الشهيرة للحجز على الإنترنت، ورغم ذلك أسعى لتطويره خاصة بعد التوقف في فترة كورونا وزلزال الحوز" الذي ضرب المغرب في سبتمبر أيلول الماضي".

الرياض المغربي هو منزل أو قصر تقليدي، يُبنى حول فناء مركزي أو حديقة، ويتميز بنافورة وأشجار أو نباتات. غالباً ما تتواجد هذه الهياكل في مدن المغرب التاريخية، مثل مراكش وفاس والرباط.

تعكس الهندسة المعمارية لهذا المبنى التصميم المغربي والإسلامي، مع عناصر مختلفة منها الأقواس وأنماط الفسيفساء والتفاصيل الزخرفية.

تاريخياً، تمّ بناء الرياضات كمنازل عائلية، مع غرف مختلفة ومناطق مشتركة للتواصل الاجتماعي، وأماكن خاصة للعائلة، ومناطق منفصلة للضيوف. تطلّ الغرف على الفناء المركزي، بدلاً من الإطلالة على الشارع، ممّا يجنّب الضيف التعرّض لضجيج المدينة.

وعلى الرغم من تجديد العديد من الرياضات وتحويلها إلى فنادق بوتيك، أو بيوت ضيافة، أو مطاعم، إلاّ أنها تحافظ على هندسة البناء التقليدية، مع تأمين وسائل الراحة الحديثة.