لايف ستايل
.
يجازف هاشم كثيرا باختيار قصات شعر غريبة، ما يعرضه للطرد من المنزل والتوبيخ من والده الذي يريده "شابا أشعث الشعر"، وهو يواجه معارك الحياة والفقر الذي تعاني منه الأسرة.
في مجتمع محافظ يفرض قيودا كثيرة على الشباب.. سألت بلينكس هاشم وغيره من الشباب، كيف يتعاملون مع أبسط اختياراتهم المتعلقة بالمظهر أو الـlook؟ وما سعر "قصّات الشعر" الغريبة، وهل تتفوق "حلاقة" كريستيانو رونالدو على محمد صلاح؟
يعتبر الشاب هاشم، 20 سنة، قصّ الشعر "مساحته الحرة في زحام القيود التي يفرضها عليه والده على اختياراته".
ويوضح العشريني لبلينكس وجهة نظره بالقول "العمر يفرض فضول تجربة أشياء غير مألوفة"، ما يدفعه لاختيار قصات شعر غريبة مثل قصّات الشعر المعروفة بأسماء "المتدرج، والأفتار، والمارينز".
الشاب العشريني هاشم. بلينكس
ما يعتبره والده المحافظ خروجا عن المألوف، يعترض الأب الخمسيني القادم من قرية بعيدة من محافظة إب المحافظة على العادات والتقاليد والأعراف القبلية، للانتقادات من محيطه الاجتماعي والعائلي، بأنه فشل في تربية ابنه هاشم، وهو ما ينعكس على هاشم توبيخا وطردا من المنزل لأيام.
يتذكر الشاب أنه في عيد الفطر الماضي قص شعره من الأطراف كليا، واكتفى بمقدمة الشعر على شكل شطرنج، أو ما يعرف شعبياً بحلاقة "الأفتار".
لم يلاحظ والده "القصة" لأن هاشم كان يحرص على الظهور أمامه مغطى الرأس بـ"الشال"، أمام تستّر وصمت والدته وإخوته الأربعة.
لكن الجيران في حارته الصغيرة بأحد أحياء العاصمة صنعاء، بادروا بتنبيه والده وعتابه على تهاونه مع قصة شعر هاشم "الشيطانية"، ما تسبب في طرد شاب "الأفتار" من المنزل، وقضاء أيام العيد من بيت صديق إلى آخر، لمدة أسبوع.
يقول هاشم: "نفذّت شرط والدي بالعودة للمنزل بعد الحلاقة على درجة صفر، وشعرت مع كل خطوة في الشارع أنني عبرة لكل شاب يخالف القواعد المألوفة".
يقول ممازحا، "بعد ذلك قررت أن أطلق شعري المتجعد، فأصبح شكله أكثر غرابة وزادت كثافته وأصبح يرتفع لأعلى ويرتفع معه غضب والدي".
ويضيف: "اضطررت إلى حلاقته بطريقة جديدة تدعى المارينز وهو ما أرضى والدي، نسبيا، واقنعه بأني تجاوزت مرحلة الخطر".
"لا يعرف والدي أنها موضة جديدة بدأت بالانتشار وحالما يسمع بها، سيكون له تصرف عقابي جديد"، كما يقول الشاب العشريني بمرح.
يرفض الشاب حسام فرض قيود الشكل على قصة شعر معينة، أو اللباس، من محيطه الأسري، ويؤمن بأن يترك له حرية الاختيار في خوض تجاربه حتى يستقر على الشكل الذي يناسبه.
يوضح الشاب لبلينكس أنه مع تقدم العمر يصبح الشاب أكثر انتقائية وحرصا على اختيار قصات تتناسب مع الشكل والعمر.
وهو ما حدث معه حيث كان يفضل قصات الشعر العصرية والغريبة عام 2020، لكن الآن، وبعد 4 سنوات، استقر على قصة شعر تقليدية نسبيا لأنها تناسب شكله أكثر، كما قال.
في حين تعرّض الشاب العشريني وسام للسخرية من زملائه في الجامعة، بعد أن اختار قصة شعر مع خط جانبي واضح في شعره.
يقول وسام لبلينكس: "بعد تعليق زملائي على الحلاقة، تدّخل مندوب الطلاب في الجامعة لينصحني بصيغة تحمل بعض التهديد في حال الاستمرار في قص شعري بهذا الشكل".
تفرض بعض الجامعات اليمنية إجراءات صارمة على المظهر العام للطلاب والطالبات وتصدر تعليمات ملزمة لهم، فمثلا أصدرت جامعة ذمار تعميما يخص مظهر الطالب الجامعي ويحافظ على قيم وأخلاقيات المجتمع.
وبحسب الباحث والمتخصص في الشأن اليمني علي عبد الجواد، فإن المجتمع الذي يمر بحالة من التحول والتغير والصراع المستمر، تختلف التحديات التي تواجهه، لكن معظم الانتقادات تتركز على فئة الشباب خصوصا.
ويعاني الشباب اليمني من أعلى معدلات البطالة في المنطقة العربية، حيث تصل إلى 60% من إجمالي القوى العاملة، ما يخلف طاقة معطلة في المجتمع.
وفي وقت سابق، أثارت وثيقة صادرة عن إدارة أمن مديرية يريم التابعة لمحافظة إب اليمنية، جدلاً واسعاً بين اليمنيين، لتضمّنها توجيهات للحلاقين بتجنّب قصات الشعر المنافية للقيم والمبادئ الدينية، والمخالفة للتعاليم والتقاليد، "وإلا فسيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة" بحق كل من يخالف هذا التوجيه.
يرفض أحمد الدهمي صاحب أحد صالونات الحلاقة تنفيذ طلب زبائنه من الشباب بعمل "قصّات شعر غريبة"، لأنه وبحسب وجهة نظره التي يلخصها لبلينكس لأنه "لا يريد أن يساهم في نشر هذه القصات".
يوضح الدهمي أنه ذات مرة قص شعر شاب على طريقة الملحن المصري الشهير حسن الشافعي، وبعد ساعة جاء والد الشاب وتعارك معه مستعينا بأحد أئمة المساجد لإقناعه بالعزوف عن الترويج لهذه القصات وإدخالها للمجتمع.
لكن عمر، صاحب محل حلاقة آخر، يعتبر "قص الشعر بمثابة أحد الفنون"، وأنه يحق لأي شاب اختيار قصة الشعر التي ترضيه.
ويفسر وجهة نظره لبلينكس بالقول إن صالون الحلاقة "باب رزق" لا يتحمل مسؤولية اختيارات الشباب، وعليه تلبية طلبات الزبائن دون نقاش.
ويقول عمر، 25 سنة، إنه يواجه صعوبات في العمل، أبرزها أن عددا كبيرا من أولياء الأمور وبعد مشاهدة "قصة شعر الأبناء"، يسألون عن صالون الحلاقة، ويأتون إلى المحل معترضين.
ويُعرّف عمر القصات الغريبة، بأنها تلك التي تحتوي على رسومات في جزء من الشعر أو صبغات بألوان معينة.
وعن أغرب طلبات الشباب، يوضح عمر بابتسامة، أن شابا طلب منه قصة شعر لاعب ريال مدريد "تشاوميني" إلا أنه رفض تنفيذها بسبب صعوبتها وغرابتها في نفس الوقت، ونصح الشاب بتجاهلها لأنها ستجلب له الكثير من السخرية والانتقاد.
أما أكثر القصات انتشارا بين الشباب في اليمن حاليا، فتأتي "قصة القعشة" أو ما يعرف بـ"شعر MO"، تيمنا باللاعب المصري محمد صلاح، حيث يتم تشذيب. الشعر المجعد في محل الحلاقة وتركه ينمو، دون قلق من "مقص الرقيب المجتمعي"، "فهي طريقة حلاقة عصرية تحمل طابعا شرسا وقويا"، وفق الحلاق الشاب عمر.
يضيف: "بعده تأتي حلاقة الشعر على طريقة لاعب النصر السعودي كريستيانو رونالدو".
ويصل سعر بعض القصّات الغريبة إلى 20 دولارا، بينما سعر "القصّات العادية" لا يتجاوز 1000 ريال (2 دولار)، حسب ما يوضح الحلاق الشاب.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة