كيف غرقت إسرائيل في متاهة "سباغيتي غزة"؟

الآن بعد ما يزيد عن 100 يوم من القتال، تعيد إسرائيل تقييم المعلومات التي تمتلكها عن شبكة الأنفاق الممتدة أسفل قطاع غزة، والتي أُطلق عليها سابقا اسم "مترو غزة".

فهؤلاء الذين زاروا الأنفاق، بمن فيهم المسؤولين الإسرائيليين والجنود، وحتى المسؤولين الأميركيين السابقين والحالين، أفادوا أن ما تكشف حتى الآن من شبكة الأنفاق أذهلهم، بحسب تقرير حديث نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

الأمر لا يتعلق بالأنفاق وتجهيزاتها فقط، وإنما بمدى اتساع الأنفاق تحت سطح الأرض، والمعدات التي استلزم استخدامها لبناء تلك الأنفاق.

حسنا، في ديسمبر من العام الماضي، بلغت التقديرات حول حجم شبكة الأنفاق أنها تمتد لمسافة 402.3 كيلو متر، إلا أن مسؤول عسكري إسرائيلي تحدث للصحيفة الأميركية، يؤكد أن التقديرات اليوم تشير إلى أن حجم الشبكة يتراوح ما بين 563.27 و 724.2 كيلو متر.

اكتشفت القوات الإسرائيلية في القطاع كذلك ما يصل إلى 5700 مدخل منفصل لأنفاق.

تعتقد القوات الإسرائيلية أيضا أن هناك نوعين منفصلين من الأنفاق، الأول يستخدمه المقاتلين، وعادة ما يكون بسيط المظهر وأقرب للسطح، بينما الآخر يستخدمه القادة، وغالبا ما يكون أعمق، ويزود بوسائل الراحلة ويستخدم فيه السيراميك.

حجم الأنفاق، ليس المفاجأة الوحيدة التي قابلتها القوات الإسرائيلية بالأسفل.

ففي الحرب التي اندلعت في العام ٢٠١٤، تقاطعت إسرائيل أيضا مع الأنفاق، لكن المواجهة لم تكن مشابهة لمواجهات اليوم، بحسب تحليل لـ دافني ريتشموند باراك نشرته مجلة فورين بوليسي.

على عكس الأنفاق المدعمة بقوائم خشبية في أوائل الألفية، يرى باراك، الأستاذ بجامعة رايخمان في إسرائيل، أن حماس أعدت جيلا جديدا من الأنفاق، أكثر عمقا وأكثر صلابة، استخدمت لتدشينه تقنيات مدنية حديثة، ومن ثم تدعم تلك الأنفاق بصورتها الحالية من قدرة حماس القتالية.

استثمار حماس في الأنفاق من وجهة نظر باراك أتى بثماره، إذ يقول: "لم يسبق في تاريخ حرب الأنفاق أن تمكن مدافع من قضاء أشهر في مثل تلك الأماكن الضيقة.. عملية الحفر نفسها، والطرق التي استخدمت حماس بها الأنفاق، وبقاء الجماعة لفترة طويلة تحت الأرض، كلها أمور غير مسبوقة".

لكن القوات الإسرائيلية لم تدخل إلى المعركة الجديدة بدون استعداد ملائم، وفقا لتحليل نشره بريان جلين ويليامز الأستاذ بجامعة ماساتشوستس على موقع ذا كونفيرزيشن.

فقد دشنت القوات الإسرائيلية وحدة خاصة لحرب الأنفاق، يتمتع أفرادها بقدرة خاصة على القتال في الظروف الاستثنائية تحت سطح الأرض.

كما تعمل الوحدة على تطوير أجهزة استشعار يمكنها اكتشاف الأنفاق تحت الأرض، وكذلك الأفخاخ والمتفجرات.

كما طوروا قنابل مخصصة لإغلاق مداخل الأنفاق، بالإضافة إلى تعامل الوحدة مع الكلاب المدربة عسكريا على اكتشاف المتفجرات ومهاجمة المسلحين.

ويقول موقع وزارة الدفاع الإسرائيلية عن الوحدة التي تعرف بالاسم "ياهالوم" إنها متخصصة في اكتشاف وتطهير وتدمير "أنفاق الإرهاب".

وتشمل الوحدة ثلاثة أقسام؛ قسم يُعرف بالاسم "ياعيل" ومتخصص في الاستطلاع الهندسي، وقسم "سايفان" المتخصص في التعامل مع الأسلحة غير التقليدية كأسلحة الدمار الشامل، وقسم "سامور" المتخصص في حرب الأنفاق.