سياسة
بعد مرور نحو أربعة أشهر على الحرب، ووعده بالقضاء على حركة حماس، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطا من أعضاء حكومته للاستمرار في القتال.
وفي الوقت ذاته يتعرض لضغوط من واشنطن بشأن خطط ما بعد الحرب في غزة، فيما يجد نفسه محاصرا من وزراء اليمين المتشدد في الحكومة.
ويواجه نتنياهو الذي يتعرض مستقبله السياسي للخطر، مطالب بالالتزام بالنهج المتشدد من جانب شركائه في الائتلاف اليميني، الذين هدد بعضهم بإسقاط الحكومة إذا تراجع عن مواقفه، وهو بذلك يتعرض للملاحقة من 4 أشباح بعضها من إسرائيل وبعضها من غزة.. فما هي؟
يعتقد نتنياهو أن القيادات الكبيرة المستهدفة في حماس تختبئ في عمق شبكة الأنفاق الواسعة تحت غزة.
وفي استطلاع للرأي أجراه باحثون في الجامعة العبرية في 14 يناير قال نصف من شملهم الاستطلاع إن الأولوية القصوى هي تحرير الرهائن الذين يتزايد الخوف على حياتهم بعد نحو أربعة أشهر من هجوم السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي.
وأُطلق سراح أكثر من 100 رهينة من 253 أثناء هدنة استمرت أسبوعا في نوفمبر، لكن لم يخرج أحد غيرهم من الرهائن على قيد الحياة منذئذ.
وعبّر الوزير في الحكومة الحالية غادي أيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، عن مخاوفه في اليوم الذي تحدث فيه نتنياهو.
وقال أيزنكوت لبرنامج عوفدا بالقناة 12 التلفزيونية: "أعتقد أنه من الضروري القول بجرأة إن من المستحيل إعادة الرهائن أحياء في المستقبل القريب دون اتفاق".
استراتيجية الحرب يضعها ثلاثي مؤلف من نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت وبيني غانتس، السياسي المعارض من الوسط الذي يقود حزب أزرق أبيض الذي ينتمي إليه أيزنكوت والذي انضم إلى حكومة الطوارئ بعد وقت قصير من هجوم السابع من أكتوبر.
ويحق للثلاثة التصويت على الحرب، بينما يبقى أيزنكوت ورون ديرمر، حليف نتنياهو المقرب، مراقبان في حكومة الحرب.
وأظهرت بيانات أصدرها الثلاثة بعد مرور نحو 100 يوم على الهجوم اختلافات طفيفة في النهج المتبع في الصراع. فقال غانتس أيضا إن هدف استعادة الرهائن يتعين أن يسبق الأهداف العسكرية الأخرى.
وقال غالانت إن هدف إسرائيل لن يتحقق إلا بالضغط العسكري لكنه دعا أيضا مجلس الوزراء إلى تحديد أهداف دبلوماسية ومناقشة خطط ما بعد الحرب في غزة. وأضاف أن الافتقار للقرار السياسي في خطة ما بعد الحرب قد يضر بالتقدم العسكري.
في أحدث استطلاع أسبوعي أجرته الجامعة العبرية وشمل 1373 شخصا بالغا من الأغلبية اليهودية في إسرائيل، قال 42٪ إنه يجب التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن حتى لو كان بإطلاق سراح فلسطينيين مسجونين بسبب هجمات مسلحة تمخضت عن قتلى.
وقال 17٪ إن الاتفاق قد ينطوي على إبطاء وتيرة الرد العسكري الإسرائيلي. وتشير النتائج المجمعة إلى أن 59٪ يدعمون الإجراءين في ارتفاع عن 39٪ كانوا يؤيدون ذلك في التاسع من أكتوبر.
وقال نمرود نير، الباحث المشارك في إجراء الاستطلاع، إن الجمهور يتزايد ميله إلى النظر إلى الأمر باعتباره لعبة صفرية.
وأضاف "إما أن نطلق سراح الرهائن، مما يعني أنه يتعين علينا الانتهاء من الجزء الثقيل من العملية في غزة على الأقل. أو نواصل القتال على الرغم من أن هذا سيكلفنا حياة الرهائن".
واعتصم أقارب الرهائن يوم السبت 20 يناير، في خيام أمام منزل نتنياهو، كما شهد مطلع الأسبوع مسيرات طالبت ببذل مزيد من الجهد لإطلاق سراح الرهائن.
وفي مطلع الأسبوع، دعا محتجون في مسيرة أيضا إلى إجراء انتخابات مبكرة. ويوم الاثنين 22 يناير، اقتحم أقارب الرهائن جلسة للجنة برلمانية في القدس.
يسير نتنياهو بالفعل على حبل دبلوماسي رفيع بين واشنطن والحكومة الائتلافية اليمينية المتشددة، ومن المرجح أنه سيواجه المزيد من التحديات حين تبدأ مرحلة القتال الأشد كثافة في الانتهاء.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن جيران إسرائيل ربما يكونون مستعدين لدمج كامل لإسرائيل في المنطقة، لكنهم بحاجة أيضا لأن يشهدوا التزاما بمسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
وأصدر نتنياهو بيانا يوم الأحد 21 يناير، قال فيه إنه صمد في السابق أمام "ضغوط دولية وداخلية كبيرة" لمنع إقامة دولة فلسطينية كانت ستشكل "خطرا وجوديا على إسرائيل".
لكنه لم يعلن صراحة استبعاده الكامل لقيام دولة فلسطينية، وقال إن "إسرائيل يتعين أن تحتفظ دائما بسيطرة أمنية كاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب الأردن، وهو موقف سأصرّ عليه دوما ما بقيت رئيسا للوزراء".
وأضاف "إذا كان لدى شخص ما موقف مختلف، فليُظهِر سمات القيادة ويعلن موقفه بصراحة لمواطني إسرائيل".
المناقشات الإسرائيلية رفيعة المستوى حول مَن يدير غزة بعد الحرب أُرجئت مرات في غمرة الشقاق السياسي الداخلي.
وقال مسؤول مطلع إن حكومة الحرب حددت أصلا موعدا لعقد جلسة، لكن ضغط شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتشدد الذين اُستبعدوا، أدى إلى إحالة الجلسة للنقاش في مجلس الوزراء الأمني الموسع.
وقال المسؤول إن الرؤى المختلفة لما بعد الحرب تباعدت الآن لدرجة تجعل عقد مثل هذه المناقشة مرة أخرى "عصيا على التحقيق".
وقال وزير المالية، وشريك نتنياهو في الائتلاف الحاكم، بتسلإيل سموتريتش، إنه يجب إخراج الفلسطينيين من غزة، في تصريحات أدانتها واشنطن. وقال سموتريتش يوم السبت 20 يناير، إنه يجب على البيت الأبيض التوقف عن الضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية.
وشدد إيتمار بن غفير وزير الأمن الوطني لهجته في الأسابيع القليلة الماضية ضد حكومة الحرب.
وفي رسالة إلى نتنياهو الأسبوع الماضي، حذر بن غفير من أن الحكومة ستتهاون مع حماس في غزة وأنه لن يكون أداة طيعة توافق على سياسات لا يرضاها. وأشار إلى أن حزب القوة اليهودية الذي يتزعمه قد ينسحب من الائتلاف الحكومي، في خطوة قد تدفع نحو إجراء انتخابات مبكرة.
وقال للصحافيين في الكنيست يوم الاثنين 22 يناير، إنه إذا انتهت الحرب قبل الأوان "لن تكون هناك حكومة".
وأظهر استطلاع للرأي نُشر في أوائل يناير أن 15٪ فقط من الإسرائيليين يريدون بقاء نتنياهو في منصبه بعد انتهاء الحرب وهو ما يوضح أنه لم يتعاف مما أصابه من تدهور في شعبيته بعد هجوم حماس.
وقال أستاذ العلوم السياسية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، جدعون رهط، إن نتنياهو يروج فيما يبدو لحملة انتخابية على الرغم من تمتعه بدعم ضعيف.
وقال رهط "إنه يحاول وضع نفسه في إطار الشخص الذي سيوقف إقامة دولة فلسطينية".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة