حرب التنصت.. حيلة الصفعات المتبادلة بين روسيا والغرب

وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وكانت موسكو وواشنطن تسعيان لدعم علاقات مستقبلية إيجابية، فقدمت مجموعة من منظمة الرواد الشباب في الاتحاد السوفيتي هدية لسفارة الولايات المتحدة في بلادهم.

الهدية كانت عبارة منحوتة بارزة للنسر الأميركي، الذي يوضع في الأختام الرسمية، حيث قدمت للسفير أفريل هاريمان.

سُميّت هذه الهدية فيما بعد بـ"الشيء"، أو "The thing".

أصبح "الشيء" الذي علقه السفير الأميركي على الحائط جهاز التنصت الذي سرب مكالماته الخاصة لـ٧ سنوات تالية، بحسب بي بي سي.

تغير السفير الأميركي، وكشفت الصدفة عام ١٩٥٢ عن جهاز التنصت السوفيتي، فقد سمع ماسح إلكتروني صوت السفير الأميركي الأسطوري جورج كينان، لكن لم يتمكن أحد من معرفة المكان الذي يجري التنصت من خلاله.

وبعد مجهود بحثي، تم الوصول إلى النسخة الخشبية من الختم العظيم "الهدية" للولايات المتحدة، بحسب مجلة بوليتيكو.

وقد حاول الاتحاد السوفييتي اختراق سفارات أخرى حليفة للولايات المتحدة مثل فرنسا التي اكتشفت سفاراتها عام ١٩٨٣ أن جهاز إرسال البرقيات يعاني من خلل ينقل جميع البرقيات الواردة والصادرة إلى المخابرات السوفيتية (KGB) لمدة 6 سنوات.

بعد التحالف من أجل مواجهة النازيين في الحرب العالمية الثانية، والتوقف عن التجسس على الاتحاد السوفييتي، لم تسترح أجهزة الاستخبارات البريطانية لذلك.

ومن أجل هذا، زرع جهاز الاستخبارات البريطاني، MI5، أجهزة تنصت في مقر الحزب الشيوعي البريطاني في لندن، ما كشف عن تعاون قيادة الحزب مع موسكو.

أدت المراقبة إلى تحديد ومحاكمة العملاء السوفييت في زمن الحرب الذين نقلوا الأسرار البريطانية إلى موسكو، بحسب مقالة كالدر والتون المؤرخ في كلية هارفارد كينيدي في فورين بوليسي.

حاولت بريطانيا حماية نفسها لكن واجهت صفعة، ففي مايو 1943، تم تأسيس القسم التاسع داخل جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني، MI6، المعني بالشيوعية والتجسس السوفيتي.

لكن لحسن حظ السوفييت، عين الجهاز كيم فليبي رئيسا للقسم عام ١٩٤٤، والذي اتضح لاحقا أنه بالأساس يعمل جاسوسا رفيع المستوى لصالح موسكو.

ذكر أحد زملاء فيلبي في MI6 لاحقا، فإن تعيينه كرئيس للقسم التاسع كان مدمرا للأمن الغربي، بحسب المصدر نفسه.

مطلع الألفية، كشف عن نفق حفرته الولايات المتحدة تحت سفارة الاتحاد السوفيتي لديها من أجل التنصت عليها، والحصول على معلومات.

لكن هذه العملية يعتقد أنها كشفت عن طريق عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت هانسن، الذي اكتشفت واشنطن أنه كان عميلا لموسكو في الفترة بين ١٩٧٩ و٢٠٠١، والذي توفي العام الماضي في سجنه.

قدر مسؤولون أميركيون لصحيفة نيويورك تايمز حينها أن بناء الأنفاق وأنشطة جمع المعلومات ذات الصلة تكلف مئات الملايين من الدولارات، مما يجعلها، على ما يبدو، أغلى عملية استخباراتية سرية يتهم العميل روبرت فيليب هانسن بخيانتها.

وقد صُمّم النفق للمساعدة في عملية متطورة للتنصت على الاتصالات والمحادثات في مجمع السفارة السوفيتية، الذي بُني في السبعينيات والثمانينيات، ولكنه لم يكن مشغولا بالكامل حتى التسعينيات.