لماذا يتصارع نتنياهو وبن غفير على "إخلاء الأقصى" في رمضان؟

تحت غطاء الحرب، طالب وزير الأمن الإسرائيلي المفوض العام للشرطة كوبي شبيتاي بتقييد وصول المسلمين للمسجد الأقصى خلال رمضان.

بن غفير أراد منع وصول فئات عمرية معينة بشكل كامل، سواء من الفلسطينيين أو حتى المسلمين الحاملين للجنسية الإسرائيلية، فلسطينيي الـ48.

وسعى أيضا لتحديد أقصى عدد يُسمح له بدخول المسجد، وألا يتجاوز بضعة آلاف، ليتسنى لرجال الشرطة الإسرائيليين السيطرة على تلك الحشود إذا وقعت اضطرابات.

حجة بن غفير هي أنه بعد 7 أكتوبر يجب منع الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى بشكل كامل لدواع أمنية، كي لا يقوم المصلون مثلا بتنظيم مظاهرات أو حملات تضامن مع غزة.

لكن الملفت للنظر أن بن غفير منع ممثلي جهاز الأمن الوطني وممثلي مكتب رئيس الوزراء من حضور اجتماعاته مع جهاز الشرطة حول المسجد الأقصى ورمضان كما قاطع جهاز الشاباك الأمني تلك الاجتماعات.

ضابط الشرطة السابق رفيع المستوى أرييه عميت أخبر صحيفة معاريف الإسرائيلية أن بن غفير "كعادته يحاول إشعال النيران، وهذه المرة يحاول إشعال نار ضخمة" عبر استغلال المسجد الأقصى ورمضان.

وصف عميت سلوك بن غفير بـ"البلطجة" وحذر من أن وزير الأمن يعرض حياة الإسرائيليين للخطر، مضيفا أنه لا يوجد سبب أمني مقنع لفرض تقييد شامل على الوصول للحرم القدسي على أساس العمر، وبخاصة للفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية.

وأضاف عميت بأن ما يقلقه هو سيطرة بن غفير على جهاز الشرطة بشكل حاسم للغاية بينما "فقد كبار قادة الشرطة نزاهتهم المهنية تماماً، ويتصرفون وفقاً لتعليماته" وهو أمر "خطير جداً جداً".

وحذر الضابط الكبير المتقاعد من أن وزير الأمن قد "يجبر قائد المنطقة على القيام بأشياء لا ينبغي القيام بها من الناحية المهنية، وبما أنني أرى مدى انحناء قادة المنطقة في وجهه، فهم حقاً نبذوا الأمانة المهنية بسبب الخوف منه".

بن غفير قد يحاول مثلاً أن يدفع الشرطة في القدس لوضع حواجز تفتيش وأن يدفع عناصر الشرطة للتعامل بعنف مفرط وغير مبرر مع المصلين أو من يحاولون الوصول للمسجد.

وقد يحاول إعطاء الأوامر لقادة الشرطة لفض الاعتكافات الليلية أو الاعتداء على كل من يرفع العلم الفلسطيني أو يهتف لغزة من داخل باحة الحرم.

في شهر فبراير الماضي، أعربت إدارة بايدن عن مخاوفها من أن وزير الأمن الإسرائيلي المتطرف سيستغل شهر رمضان لاستفزاز مشاعر الفلسطينيين والمسلمين وتأجيج الصراع.

الإدارة الأميركية تحاول الدفع باتجاه تهدئة مؤقتة في غزة لستة أسابيع مع بداية رمضان، وتخشى من قيود بن غفير على الوصول للأقصى التي قد تغضب الفلسطينيين وتؤدي للتصعيد في القدس والضفة.

أحد المخاوف الأميركية هي أن بن غفير وشركاءه من اليمين المتطرف قد يسعون لاقتحام المسجد الأقصى خلال رمضان، بالإضافة لتمكين الشرطة الإسرائيلية من استخدام العنف المفرط ضد المصلين أو من يحاولون الوصول للمسجد.

رئيس الوزراء الإسرائيلي عقد جلسة حضرها وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، ووزير الحرب غادي آيزنكوت، بالإضافة إلى بن غفير نفسه ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، ورؤساء مجلس الأمن القومي، والشاباك، والشرطة الإسرائيلية وغيرهم من كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين.

وصرح نتنياهو في الجلسة أن إسرائيل لن تقوم بتخفيض عدد المصلين المسموح لهم بالصلاة في الحرم القدسي في الأسبوع الأول من رمضان وأنه سيتم إجراء "تقييم للوضع بشأن الأمن والسلامة كل أسبوع وسيتم اتخاذ القرار وفقاً لذلك".

بمعنى أنه إذا نشبت توترات أو تصعيد في القدس المحتلة، فقد يقرر نتنياهو إغلاق أو تقييد الوصول للمسجد.

في رمضان الماضي إسرائيل سمحت لسكان الضفة الغربية من النساء وفئات عمرية معينة من الرجال بالوصول للقدس عبر حواجز عسكرية على الأقدام خلال أيام الجمعة في رمضان للصلاة في المسجد.

لكنها منعت فئة الشباب الذكور من الدخول للقدس وقامت باستخدام طائرات مسيرة ومروحية فوق رؤوس المصلين لمراقبتهم وترهيبهم.

وفي بعض الأحيان، اقتحمت قوات الجيش حرم المسجد الأقصى بالأحذية العسكرية ومنع الاعتكاف بالقوة والاعتداء على المصلين بقنابل الغاز والضرب، وأصابت 50 شخصا واعتقلت 400 بشكل تعسفي.

في رمضان الماضي كانت القيود على الفئات العمرية تفرض بشكل مؤقت وفقاً لمستوى التوترات على الأرض.

فإذا كانت التوترات منخفضة، يدخل للأقصى جميع من تمكنوا من الوصول للقدس، أما إذا كانت ارتفعت حدة التوترات، فالشرطة تمنع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عام من الدخول، وكان يتم اتخاذ تلك القرارات على أساس يومي.

أما ما يريد بن غفير تنفيذه فهو منع شامل على أساس العمر كسياسة رسمية دون النظر لوجود توترات أو عدمه.