خوف ورعب.. الحرب تدخل مستشفيات جنوب لبنان

تؤكد فاطمة، 50 عاما، أن المخاوف من تمدد الحرب تلازمها يوميا، بظل الخشية من توسع رقعة الاشتباك في جنوب لبنان، وتضيف: "خلال حرب عام 2006، كنتُ غير متزوجة، ولم أكن أهاب شيئا، كنت أشعر أنني قوية.. أذهب إلى عملي في مدينة صيدا رغم التوتر.. اختلف الوضع الآن بعد زواجي وانتقالي لمرحلة الأمومة، فبتّ أخشى كثيرا على نفسي وعلى أطفالي".

تعمل فاطمة في أحد مستشفيات مدينة صور القريبة جدا من الحدود بين لبنان وإسرائيل، وتقول إنه "حين ترد أخبار عن قصف قريب من المدينة، يتصل أطفالها بها للاطمئنان على حالها"، وتكمل: "اللحظات صعبة، ولكن ماذا عسانا أن نفعل؟ بالي دائما مع أطفالي خصوصا في حال حصول أي طارئ وسط الوضع القائم، وأنا لا أستطيع الوصول إليهم بسرعة".

المكوث في مدينة صور ليوم واحد كفيل بأن يكشف لك عن الكثير من المعاناة.

تلك المدينة تبعد عن الحدود الإسرائيلية نحو 10 كيلومترات تقريبا، كما أنها تضم أبرز المستشفيات مثل اللبناني الإيطالي، وحيرام، وجبل عامل، والمستشفى الحكومي، وغيرها من المراكز الطبية.

يسمع السكان، بصورة مستمرة، أصوات سيارات إسعاف حاضرة من كل مكان، لا سيما عند حصول قصف في منطقة قريبة من المدينة.

رصد مراسل بلينكس، داخل أحد المستشفيات، حالة البلبلة التي حصلت لحظة وصول سيارة إسعاف مصحوبة بسيارة مدنية أطلقت الزمّور.

اللحظة هذه كفيلة بإظهار حجم المخاوف من كل طارئ، لكن البعض "يُهوّن" على الآخر، بالقول "ما في شيء.. بكون حدا مريض.. إن شاء الله ما في قصف".

داخل صالة الانتظار في المستشفى، ترى معظم المواطنين يشاهدون فيديوهات عن القصف الذي يتعرض له الجنوب، وأخرى عن العمليات التي ينفذها حزب الله.

وسط ذلك، وعند المرور قليلا بجانب بعض الغرف، سترى أن جميع من فيها يتابعون الأنباء والأخبار بصورة مستمرة، فساعات المكوث في المستشفى كفيلة بأن تكون متابعة الأحداث حاضرة.

الممرض حسن، 36 عاما، يخشى أن تتحول مستشفيات لبنان إلى نموذج آخر لما شهدته مستشفيات غزة، التي خرج بعضها عن الخدمة بسبب تدهور وضعها وانقطاع الأدوات الطبية منها.

يقول حسن لبلينكس، إن المخاوف من استهداف إسرائيل المستشفيات وارد إلى حد كبير، مضيفا: "في غزة، حصل هذا السيناريو المخيف.. المستشفيات وكل المرافق العامة تحت الخطر، وهذا ما نخشاه باستمرار".

يعاني المواطن اللبناني علي، 73 عاما، من مشكلات في القلب وخضع لعملية "قسطرة" في القلب بمستشفى خاص بمدينة صور، وقد تكلّل الإجراء الطبي بالنجاح.

"الحاج علي"، كما يُحب أن يُقال له، آثر الخروج من المستشفى سريعا خوفا من حصول أي طارئ، ويضيف في حديث لبلينكس: "منزلي على طريق عام النبطية، وبما أنني بت في حالة جيدة، فلا داعي للبقاء هنا. منطقة صور ليست آمنة، وفي حال حصول أي قصف أو حرب مفاجئة، نخاف أن نُحاصر داخل المستشفى".

وقال أحمد، وهو شقيق مريض خضع لعملية جراحية، عبر بلينكس: "لا نريد شيئا سوى الاستقرار.. حين خرجنا من منزلنا، تمنينا العودة سريعا من المستشفى، لأن الأمور ليست على ما يرام.. في كل لحظة نشعر بالخوف.. شقيقي خضع لعملية جراحية ونتمنى له الشفاء العاجل داخل المستشفى، كي نعود إلى منزلنا، لأنني لا أحبذ البقاء في المستشفيات وسط هذه الأوضاع".