غزة تستقبل رمضان.. بالأسود

في مدينة رفح، يتكدس نحو ١.٥ مليون نسمة من سكان القطاع المحاصر، الذين فروا تحت وطأة القتال والقصف المستمر في شمال ووسط غزة.

لم يبق لهؤلاء من حياتهم الماضية سوى خيام بلاستيكية متواضعة، وبعد المتعلقات التي انتقلت معهم من موضع نزوح لآخر منذ بدء الحرب، لكن هذا ليس كل شيء إذا يعاني النازحون أيضا من نقص الغذاء الحاد.

قبل عام كامل اعتادت مها، الأم لخمسة أطفال، أن تستعد لشهر رمضان على الطريقة التقليدية، حيث تملأ منزلها بالزينة وتملأ ثلاجتها بالأغذية، التي تستخدمها يوما بعد آخر لتملأ طاولتها بما لذ وطاب من أطعمة الإفطار حسبما تشرح لوكالة رويترز، الآن تغير كل شيء.

ما تملكه الأسرة اليوم لا يعدو بعض المعلبات والأرز، إذ تقول الأم: "لا يوجد طعام، وتباع معظم المواد الغذائية بأسعار مرتفعة خيالية".

تُضيف الأم لتشرح حالة عائلتها منذ بداية الحرب: "لم نقم بأي استعدادات لاستقبال شهر رمضان لأننا صيام منذ خمسة أشهر".

منذ فترة، سقط على رأس أسرة هناء المصري في خان يونس تحذير إسرائيلي، انتقلوا حفاظا على سلامتكم.

انتقلت الأسرة بالفعل، إلى مخيم متواضع للنازحين بمدينة رفح، إلا أن هناء الأم لستة أطفال تفتقد الأجواء الرمضانية في منزلها السابق، حيث البهجة والأضواء وفانوس رمضان الذي تختاره بنفسها، وذلك حسب حديثها لصحيفة الغارديان البريطانية.

تتوق الأم أيضا لذكريات إعداد الوجبات لأسرتها، وجبة السحور بالجبن والفول والمربى والبيض، ووجبة الإفطار اللذيذة، ولكن لهذا العام في ضوء شح الطعام لا إفطار ولا سحور.

وتقول هناء المصري: "أنا لست الوحيدة التي تتوق للحفاظ على عاداتنا. كنت أنا وجيراني نزين شارعنا بالأضواء والفوانيس، لكن الآن أصبح كل شيء حولنا كئيبا..الشوارع تحمل آثار القصف الإسرائيلي، والمجتمع في حالة حداد".

إلا أن مها وهناء في الجنوب، أفضل حالا من عشرات الأسر الأخرى العالقة في شمال قطاع غزة، حيث شح الطعام الشديد.

وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 576 ألف شخص في غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة، أي حوالي ربع عدد سكان القطاع.

وزارة الصحة التابعة لحماس، تقول أن سوء التغذية والجفاف، تسببا في مقتل ٢٥ شخص.

كل أسرة في الشمال، تتحايل بطريقتها الخاصة على جوع الصغار، ومن بين هؤلاء براق أبهر، التي تقطن إلى الآن في مدينة غزة، وتحدثت لوكالة فرانس برس.

تحمل أبهر طفلتها الباكية بين ذراعيها وتقول: "وصلت إلى حد أنني أرضع طفلتي الماء حتى لا تفقد حياتها. أنا مضطرة. ابنتي لا تشبع. لا توجد تغذية لا للأم ولا للطفل، ولا يوجد حليب. وإن توافر، فهو غال ويصعب الحصول عليه".

يحل رمضان في الجهة المقابلة بضيق أيضا، ولكن لا بسبب القصف، وإنما بسبب التشديد الأمني، حسب وكالة رويترز.

حيث نشرت إسرائيل آلاف من أفراد الشرطة في الشوارع الضيقة بالبلدة القديمة في القدس، حيث من المتوقع أن يصل عشرات الآلاف كل يوم لأداء الصلاة بالمسجد الأقصى.

ولم تشهد البلدة القديمة الزخارف المعتادة والزينة والأضواء، وسادت أجواء كئيبة مماثلة في البلدات بأنحاء الضفة الغربية المحتلة.

وقال عمار سدر، أحد شيوخ البلدة القديمة: "العام هذا قررنا إن البلدة القديمة لن تُزين، كرامة لدماء أطفالنا ودماء شيوخنا وكبارنا الشهداء".