سياسة
.
بعد شكاوي عديدة من سكان المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، قرر الجيش الإسرائيلي تشكيل فريق خاص للبحث عن أنفاق هجومية في الضفة الغربية المحتلة.
إسرائيل لم تعثر من قبل على هذا النوع من الأنفاق في الضفة، لكن منذ هجوم 7 أكتوبر ارتفعت مخاوف المستوطنين وبلاغاتهم عن سماع أصوات حفر وشعور اهتزازات أرضية تحت منازلهم.
الإسرائيليون في مختلف أنحاء البلاد أصابتهم "بارانويا" (جنون الارتياب) الأنفاق ويخشون أن يظهر لهم فجأة مسلحو القسام أو حزب الله من وسط بيوتهم، وهو ما دفع الجيش لتلك المبادرة لطمأنة الجمهور.
فما قصة هذا الفريق الخاص؟ وما الذي فجر بارانويا الأنفاق لدى المستوطنين في الضفة؟
بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن الجيش الإسرائيلي قام بتشكيل فريق خاص يضم عناصر هندسية واستخباراتية وخبراء من سلطات مدنية مهمتهم إجراء تقييمات بشكل دوري بناءً على معلومات استخباراتية ناشئة أو تقارير عن وجود أنفاق مزعومة ومن ثم التحري من دقة تلك المعلومات.
لكن الصحيفة تقول إنه حتى اللحظة لم ينجح الجيش الإسرائيلي في العثور على أي أنفاق هجومية في الضفة الغربية على الرغم من البحث المكثف بعد عدة بلاغات، لكن الجيش لا يستبعد وجود مثل تلك الأنفاق.
فبعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، اشتكى سكان مستوطنة بات حيفر، القريبة من طولكرم، أنهم سمعوا أصوات حفر بالقرب من منازلهم، ما دفع الجيش لإجراء تحقيقات منفصلة وفحوصات ميدانية انتهت "بلا شيء".
واشتكى مستوطنون أيضاً من احتمالية وجود أنفاق في جبل الخليل وبالقرب من مستوطنة شيلو، لكن بعد إجراء الجيش للفحوصات اللازمة، تبين عدم صحة تلك الشكوك وأنها مجرد آبار ماء.
النفق الوحيد الذي عثرت عليه إسرائيل في الضفة كان في مخيم جنين لللاجئين في صيف عام 2023، حينما ادعى الجيش عثوره على نفقاً بطول عشرات الأمتار يربط بين مسجد المخيم وأحد البيوت فيه.
وتضيف صحيفة يديعوت أنه منذ بدء الحرب، يقوم الجيش باقتحام مخيمات اللاجئين في الضفة المحتلة بشكل أسبوعي، وأنه تمكن من العثور على نحو خمس فتحات في الأرض في مخيمي جيني ونور شمس، لكن جميعها لم تكن فتحات أنفاق.
بمعنى آخر، تشكيل تلك الوحدة الخاصة الجديدة لمحاربة الأنفاق في الضفة يعتبر خطوة شكلية لطمأنة الجمهور الإسرائيلي وتخفيف وسواس الأنفاق المنتشر في البلاد.
في الأشهر الأخيرة، سجلت السلطات الإسرائيلية ارتفاعاً في شكاوى وبلاغات مستوطنين عن سماع أصوات حفر تحت الأرض في الضفة الغربية، لكن كل تلك البلاغات انتهت بلا شيء بحسب صحيفة جيروازليم بوست.
الصحيفة نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الإسرائيليين باتوا يفسرون أي صوت غريب على أنه حفر نفق تحت منازلهم بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
ويزداد ذلك الخوف بالنظر أن سكان مستوطنات غلاف غزة عكفوا على مدار سنين على إبلاغ السلطات الإسرائيلية عن أصوات حفر وارتجاجات تحت أقدامهم دون أن تصدقهم السلطات وانتهى الأمر بتسلل مقاتلي القسام من تلك الأنفاق ومهاجمة القواعد العسكرية والكيبوتسات في هجوم ٧ أكتوبر.
في كوخاف يائير تسور يغال مثلاً، البعيدة عن مدينة قلقيلة جنوبي الضفة 800 متر، يروي إسرائيليون شعورهم باهتزازات تحت الأرض فسروها على أنها حفريات أنفاق.
باروخ بن نيريا القاطن في تلك المنطقة أخبر جيروزاليم بوست: "شعرت وكأن زلزالاً حدث، وكأن السرير الذي كنت مستلقياً عليه يتحرك ويبحر. أنا لا أختلق الأمر. لقد كنت أشعر بهذا على مدى العامين الماضيين، وأحياناً يستمر لدقائق في منتصف الليل".
وأضاف بن نيريا "هناك هدوء في الخارج، ثم فجأة يحدث ذلك. في البداية، اعتقدت أنها قد تكون شاحنات ثقيلة تمر على الطريق، ولكن لم تكن هناك أي شاحنات في منتصف الليل".
أحد سكان الكوخاف شارك في مجموعة على فيسبوك للسكان المحليين تسجيل فيديو للصوت الذي يعتقد بأنه يعود لحفريات محتملة تحت الأرض، وقال إن العديد من السكان أفادوا بسماعهم أصواتاً مماثلة.
وفي بات حيفر القريبة من طولكرم في شمال الضفة، تنقل الصحيفة الإسرائيلية عن ماتان بوشنر قوله إنه العديد من سكان البلدة سمعوا أصوات الحفريات تحت الأرض في عدة أماكن، مضيفاً "آخر مرة سمعت فيها أصوات الحفر تلك كانت ليلة الخميس الماضي".
وأكد بوشنر انعدام الثقة في تطمينات السلطات المحلية قائلاً "كل القصص التي تُروى لنا هنا، حول صعوبة الحفر في شمال الضفة كذبة كبيرة. لقد حفر أسلافنا بالفعل أنفاقاً سرية هنا، باستخدام الأدوات التي كانت لديهم في ذلك الوقت".
السلطات الإسرائيلية من جهتها تقول إن شكاوى المستوطنين في الضفة الغربية والإسرائيليين في المدن المحاذية للضفة هي في الغالب وسواس وتفسير لأي صوت غريب على أنه عمليات حفر أنفاق.
بلدية بات حيفر استعانت بشركة متخصصة ووزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي للقيام بثلاث اختبارات جميعها فشلت في اثبات وجود أنفاق، بينما يرفض السكان الاقتناع بتلك النتائج مستشهدين بتطمينات الحكومة في مستوطنات غلاف غزة.
في شهر يناير الماضي، قام جندي إسرائيلي بشكل فردي بتصوير فيديو له في الخليل زعم فيه اكتشافه لـ"نفق إرهابي".
الجندي عثر على حفرة في الأرض بها سلم خشبي وعند نزوله لأسفل الحفرة، وجد أنه تتفرع نحو الداخل فيما يشبه النفق، لكن بفتحة ضيقة للغاية لم تتسع له للعبور فيها.
وسرعان ما انتشر هذا المقطع بشكل كبير في الأوساط الإسرائيلية وأحدث حالة ذعر من فكرة وجود أنفاق هجومية متجه نحو مستوطنة تيليم وأنه ربما هناك مزيداً من تلك الأنفاق في المنطقة.
لكن الجيش الإسرائيلي خرج ببيان رسمي نفى فيه مزاعم ذلك الجندي وقال إنه "فور تلقي البلاغ، تم إرسال مسؤولين محترفين لمعاينة الفتحة في الأرض. من الفحص الأولي يبدو أنه من المحتمل أن يكون تحضيراً لخزان صرف صحي لمياه الأمطار".
مع ذلك، عمد الجيش للقول إنه يتعامل مع تلك المزاعم بشكل جدي لطمأنة الجمهور وقال: "يجري متابعة ودراسة الفتحة لاستبعاد أي تورط إرهابي".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة