ماذا نعرف عن رفح.. ولماذا تستهدفها إسرائيل؟

مدينة رفح هي أكبر مدن غزة على الإطلاق، وتبلغ مساحتها 55 كم، وهي أبعد نقطة في جنوب القطاع، على الحدود مع مصر، وفيها المعبر البري الوحيد بين سيناء والقطاع.

ويبلغ عدد سكان مدينة رفح 152 ألف نسمة قبل وقوع الحرب الدائرة حاليا، لكن باعتبارها النقطة الوحيدة الآمنة في غزة، نزح إليها أكثر من نصف سكان القطاع، ليصل تعداد المواطنين الفلسطينيين هناك إلى نحو 1.4 مليون نسمة.

شهدت مدينة رفح العديد من المعارك والصراعات عبر التاريخ، إذ كانت موقعا لحروب عدة منذ أزمنة الفراعنة والبطالمة، نظرا إلى موقعها على حدود مصر، وكونها مدخلا إلى آسيا من أفريقيا.

وتشهد مدينة رفح عملا واسعا من منظمة "الأونروا" التي أنشأت 26 مدرسة تعليمية هناك، تحولت حاليا إلى أماكن لتجمعات النازحين القادمين من المناطق الشمالية في قطاع غزة.

وإجمالا تضم المدينة نحو 46 مدرسة و3 مستشفيات، وعددا من العيادات الحكومية.

كشف نتنياهو مرارا وتكرارا، عن رغبته في اقتحام رفح ضمن عملية عسكرية برية واسعة النطاق، لتواجه هذه الرغبة برفض وتحذيرات من قادة العالم، خاصة الولايات المتحدة، نظرا لتكدس أكثر من نصف سكان غزة هناك في خيام وملاجئ إيواء، هربا من القصف الإسرائيلي في القطاع.

الرفض والتحذيرات الدولية منعت نتنياهو لعدة أشهر من دخول رفح، لتضطر حكومة الحرب الإسرائيلية إلى تقديم خطط للولايات المتحدة والمجتمع الدولي بشأن إجلاء المدنيين من رفح قبل تنفيذ العمليات العسكرية هناك.

وكانت واشنطن ضمن أكبر الرافضين لدخول الجيش الإسرائيلي منطقة النازحين في رفح، وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أن بلاده لن تقبل العملية العسكرية في رفح دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ وتضمن حماية المدنيين.

وتحدث وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، عن مخاوف بلاده وشعورها بقلق بالغ إزاء العملية العسكرية في رفح، مطالبا إسرائيل بالتوقف والتفكير بجدية شديدة قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق باقتحام المدينة الفلسطينية المكتظة بالنازحين، معلقا: "من المستحيل خوض حرب في رفح بين كل هؤلاء الناس المتكدسين هناك، ليس لديهم مكان يذهبون إليه".

واتفق المجتمع الأوروبي على رفض الهجوم الإسرائيلي على رفح، إذ أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معارضة بلاده للعملية الإسرائيلية في مكالمة هاتفية مع نتنياهو، في حين اعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن الهجوم سيتسبب في "كارثة إنسانية".

وقال وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، إن اقتحام رفح سيجعل الدعم الإنساني للنازحين أمرا مستحيلا على أرض الواقع.

ومع تقديم إسرائيل خطتها لإجلاء المدنيين من أجل موافقة عالمية على عمليتها في رفح، رفض مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، فكرة إسرائيل في إجلاء كل المدنيين من رفح بنجاح قبل الهجوم، ساخراً: "إلى أين سيجلون النازحين؟ إلى القمر؟".

وعلى الرغم من الرفض والتحذيرات الدولية، بدأت إسرائيل تتحدى الجميع وتعلن عن طريق نتنياهو أنها ستدخل رفح في كل الأحوال، سواء علمت أميركا أم لا، وسواء حصلت على دعم المجتمع الدولي أو لم تحصل.

تعتبر إسرائيل أن رفح هي آخر معاقل حماس في قطاع غزة، الأمر الذي أكده قادتها أكثر من مرة.

وأكد نتنياهو أن إسرائيل لن تنجح في القضاء على حماس إلا عن طريق دخول رفح، والقضاء على بقية الكتائب العسكرية التابعة للحركة الفلسطينية هناك، مشيرا إلى أنه لو لم تدعم أميركا هذه العملية فستفعلها إسرائيل بمفردها.

وكشف متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، عن أن بلاده تستعد لعملية محدودة النطاق في قطاع غزة، قبل أن يؤكد وزير الدفاع يوآف غالانت، أن إسرائيل ليس لديها خيار آخر سوى دخول رفح.

واعتبر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانيال هاغاري، أن عملية رفح بمثابة محاولة إنقاذ معقدة تحت النيران، من أجل القضاء على حركة حماس في معاقلها الأخيرة هناك.

ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة، أعلنت إسرائيل أن الهدف الرئيسي بجانب إعادة الرهائن، هو القضاء تماما على حركة حماس، وتدمير كل قدراتها العسكرية، لكن مع اشتداد القتال في أماكن متفرقة في غزة، تقول الحكومة الإسرائيلية إن حماس أعادت تجميع قواها في الجنوب بمدينة رفح، وسط المدنيين النازحين.

واعتبر نتنياهو أن تحقيق ما سماه "النصر الكامل" على حماس يتطلب دخول مدينة رفح وإكمال الحرب هناك، معتبرا أن الجيش الإسرائيلي نجح في تفكيك وتدمير 18 كتيبة لحماس، من أصل 24 كتيبة تابعة للحركة، وأن الهدف الحالي هو تدمير الكتائب العسكرية المتبقية في رفح.

ووزعت حماس كتائبها وألويتها العسكرية في قطاع غزة بالكامل، مع بقاء 6 كتائب في لواء رفح ما زالت تتمتع بكامل قوتها حتى الآن، وتحمل كل كتيبة اسم منطقة مختلفة في أكبر مدن غزة، وهي الهدف الأبرز لإسرائيل من دخول رفح.

وترغب إسرائيل في استكشاف كل نقطة في قطاع غزة، لدراسة المنطقة بشكل كامل، ومحاولة منع خروج هجمات مماثلة لتلك التي تعرضت لها في 7 أكتوبر الماضي، ونجح الجيش الإسرائيلي بالفعل في دخول أغلب مناطق القطاع، باستثناء رفح، التي تعد النقطة العمياء الوحيدة حتى الآن لقوات نتنياهو.

كما يعتقد الجيش الإسرائيلي أن رئيس وقائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، قد يكون في مدينة رفح مع قيادات الحركة المُسلحة، وجميعهم أهداف معلنة تسعى إليها إسرائيل خلال الحرب الدائرة حاليا.