"عبداللهيان" يترك دبلوماسية إيران مزدحمة بالخطط والتحالفات

حسين أمير عبداللهيان، من مواليد مدينة دامغان الإيرانية عام 1964، وعلى عكس العادة، لم يبدأ مشواره بالعمل السياسي ثم انتقل إلى باحة الدبلوماسية، إذ كانت انطلاقته بدراسة العلاقات الدبلوماسية في المرحلة الجامعية، بالإضافة إلى دراسة العلاقات الدولية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في جامعة طهران، قبل أن يبدأ حياته المهنية.

تقلّد عبداللهيان العديد من المناصب الدبلوماسية، بحسب صحيفة طهران تايمز، إذ عمل ضمن البعثة الدبلوماسية في سفارة بلاده ببغداد في تسعينيات القرن الماضي، وعمل كذلك نائبا للمدير العام لمنطقة الخليج العربي في وزارة الخارجية في 2006، وسفيرا بالبحرين لاحقا في عام 2007.

وعمل مستشارا لوزير الخارجية في عام 2016، قبل أن يتولى منصب نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، والمدير العام للشؤون الدولية بالبرلمان في الفترة ذاتها.

في عام 2021 عندما وصل إلى قمة السُلم الدبلوماسي بمنصب وزير الخارجية، وبدأت تتكشف ملامح شخصيته باعتباره ممثلا رسميا لإيران، إذ وُصف -آنذاك- بأنه "قاسم سليماني الدبلوماسية"، في إشارة إلى قائد فيلق القدس الذي قُتل بعملية أميركية في العراق عام 2020.

عبداللهيان وصف نفسه سابقا بأنه أحد "جنود" سُليماني، بحسب تقرير أعدته حينها صحيفة فورين بوليسي، مؤكدا أنه عادة ما كان يستشيره قبل السفر لأداء مهام تفاوضية خارج إيران.

عُرف عن اللهيان كذلك تأييده لما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة، ويتشكل من بعض الوكلاء والجماعات الموالية لها مثل حماس وحزب الله والحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق.

تجلى تمسّك اللهيان بـ"محور المقاومة" عندما اندلعت الحرب في قطاع غزة، وما تبعها من مناوشات بين حزب الله في الشمال، إذ زار خلال تلك الفترة، لبنان عدة مرات، والتقى زعيم حزب الله المدعوم من إيران، حسن نصر الله.

الزيارة الأولى كانت في أكتوبر من عام 2023 بعد أيام قلائل من اندلاع الحرب، خلال تلك الزيارة وصف وزير الخارجية الإيراني ما تفعله إسرائيل في غزة بأنه "جرائم حرب" حسب وكالة رويترز، مؤكدا أن على إسرائيل أن تتحمل تبعات ما تفعل، إذ إن تصرفاتها سوف تستدعي "رد فعل" من حلفاء إيران.

لاحقا زار وزير الخارجية نوفمبر في نوفمبر، وتحدث حينها عن الهدنة التي كانت وشيكة ما بين حماس وإسرائيل، محذرا من أنه في حال عدم استمرارها، فالظروف في المنطقة "لن تبقى" كما كانت قبل وقف إطلاق النار وسوف تتسع رقعة القتال.

الوفاء لـ"محور المقاومة" لم يتوقف على اللقاءات المستمرة مع حزب الله، فخلال الحرب التقى وزير الخارجية الإيراني مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران مارس من العام الجاري.

وتحت إدارته أرسلت الخارجية الإيرانية وفودا للتفاوض مع الولايات المتحدة "بصورة غير مباشرة"، سواء لتهدئة وكلاء إيران في المنطقة أو لعدم توسع الصراع مع إسرائيل.

وخلال فترة ولايته لوزارة الخارجية التي لم تصل إلى 4 سنوات، عمل أمير عبداللهيان على محاولة تقليل عزلة إيران على الساحة الدولية والحد من تأثير العقوبات الأميركية في الاقتصاد الإيراني.

في عهد اللهيان، قررت إيران مد يد الترميم إلى علاقتها بالمملكة العربية السعودية، إذ عادت العلاقات في مارس 2023 بعد انقطاع بدأ في عام 2016.

إلا أن عودة العلاقات جاءت برعاية صينية بعيدا عن أي دور أميركي أو أوروبي يُذكر، بحسب المجلس الأطلسي.

وعلى الرغم من أنه مثل التيار المتشدد في إيران، في أعقاب انهيار الاتفاق النووي مع القوى العالمية بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في عام ٢٠١٨، شارك عبداللهيان في جهود استئناف المفاوضات حول ملف برنامج إيران النووي، لاحقا.

وفي عهده بالتحديد في عام 2023 خاضت إيران محادثات متزامنة مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بهذا الشأن.

في صباح الإثنين، قرر مجلس الوزراء الإيراني تعيين علي باقري كني قائما بأعمال وزير الخارجية، حسبما ذكرت وكالة إرنا.

علي باقري كني، هو كبير مفاوضي إيران، ونائب عبداللهيان للشؤون السياسية.

وعلى مدار أشهر، عمل باقري كني على الأهداف ذاتها التي وضعتها وزارة الخارجية نصب أعينها.

ففي العام 2022 شارك باقري كني في مفاوضات مع كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فينا لمحاولة إعادة إحياء الاتفاق النووي، بحسب وكالة أسوشيتد برس، وقال كني حينها إنه متوجه لفيينا لمحاولة دفع المفاوضات قدما.

وفي يونيو من عام 2023، وقبل أشهر قلائل من اندلاع القتال في قطاع غزة، التقى كني وسيط الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، في العاصمة القطرية الدوحة، لمحاولة إحياء الاتفاق النووي مرة أخرى، بحسب شبكة سي إن إن.

وصرّح مسؤول دبلوماسي -حينها- للشبكة بأن الظروف مناسبة لخفض التصعيد.