سياسة
.
بينما يقف العالم منتظرا لنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر ٢٠٢٤ إذا ما كانت ستُبقي على الديمقراطي جو بايدن في البيت الأبيض، أم تعيد سلفه الجمهوري دونالد ترمب؛ تنظر بكين إلى الأمر كالواقع بين خيارين أحلاهما مرّ.
فبين ترمب الذي انتقد في وقت قريب تايوان، وبايدن الذي قال إنه سيدافع عنها، والجمهوري الذي ترك فراغا دوليا عدته بكين فرصة لاستغلاله، وديمقراطي عمل على تعزيز مكانة واشنطن؛ تترقب الصين.
فكيف تنظر الصين إلى المرشحين، ومَن يفيدها أكثر؟
تمثل تايوان والتعامل معها العقدة الأبرز في العلاقات الأميركية الصينية، ويظهر تباين بين ترمب وبايدن في التعامل مع الجزيرة التي تعدها بكين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
في يوليو 2023، وفي معرض حديثه مع فوكس نيوز رد ترمب على سؤال الدفاع عن تايوان حال محاولة الصين ضمها عسكريا بالقول: "إذا أجبت على هذا السؤال، فسوف يضعني ذلك في موقف تفاوضي سيئ للغاية".
ويقصد الرئيس الأميركي السابق من ذلك "الغموض الاستراتيجي" الذي تنتهجه واشنطن فيما يخص التعامل مع هذا الأمر، لكنه في الوقت ذاته شن هجوما على تايوان قائلا "لقد أخذوا أعمالنا"، في إشارة إلى صناعة الرقائق وأشباه الموصلات التي تستحوذ الجزيرة على جزء كبير منها.
على الجانب الآخر، تحدث بايدن في أكثر من مناسبة عن الدفاع عن تايوان، علاوة على وجود تدريبات تجريها أميركا في مناطق تحيط بالجزيرة، بل في جزر قريبة من البر الصيني تتبع تايوان.
ويشجع الغموض الاستراتيجي الأميركي، بكين على التعامل بصورة أكثر عدوانية تجاه تايوان، ويدلل على ذلك بتصريح المتحدث باسم مكتب معلومات تايوان في الحكومة الصينية تشين بنهوا الذي قال إن الجزيرة مع ترمب في فترته الثانية "يمكن أن تتحول إلى قطعة شطرنج مهملة في أي وقت" بحسب مقال الباحث لي جونغ هيوك على موقع تشانيل نيوز آسيا السنغافوري.
رغم ذلك فإن فترة حكم ترمب شهدت تواصلا كبيرا مع تايوان حيث هنأ الرئيسة السابقة تساي إنغ وين بفوزها في الانتخابات عام ٢٠١٦ ما أثار حفيظة الصين.
السفير السابق لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، جيمس غيلمور، قال للصحافيين في تايوان، إنه يعتقد أن ترمب سيكون داعما للجزيرة في فترته الجديدة حال انتخابه مثلما كان في فترته الأولى، بحسب رويترز.
ويشترك كل من ترمب وبايدن في الرغبة في تعميق العلاقات مع تايوان من أجل الضغط على الصين، وتقويض بكين في بحر الصين الجنوبي والشرقي بحسب مركز الإمارات للسياسات.
في الوقت الذي سعى فيه ترمب لما قال إنه إنهاء "الممارسات التجارية غير العادلة" لبكين من خلال زيادة وارداتها من أميركا بـ٢٠٠ مليار دولار خلال عامين بعد ٢٠١٧، فإن واشنطن خسرت ٣٠٠ ألف وظيفة بسبب رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، بحسب مركز الإمارات للسياسات.
وخرج ترمب في فبراير ٢٠٢٤ ليعد بفرض رسوم جمركية على الصين تتجاوز ٦٠٪ حال انتخابه رئيسا مجددا بحسب سي إن بي سي، لكن في الوقت نفسه كان بايدن قد استبق في مايو 2024 بفرض رسوم تصل إلى 100% على السيارات الكهربائية الصينية، و25% على واردات أخرى.
إلى جانب ذلك، استخدمت الولايات المتحدة قانونيّ خفض التضخم، والرقائق والعلوم لمواجهة الصين وصعودها، علاوة على تعزيز التحالفات مع أصدقاء واشنطن في المحيط الهادي والهندي وأوروبا لتقويض القدرات التكنولوجية للصين بحسب المركز.
مع دخوله البيت الأبيض، انسحب ترمب من عدة اتفاقات دولية أبرزها اتفاقية باريس للمناخ والشراكة عبر المحيط الهادئ التجارية (TPP)، كما انسحب من منظمة اليونسكو، إضافة لانتقاد حلف الناتو ومنظمة التجارة العالمية.
كل هذه الخطوات تركت فراغا ملأته الصين.
ولكن مع تولي بايدن عادت واشنطن للاتفاقات التي انسحبت منها وعملت على تعزيز وجودها في مجالات مثل تغير المناخ والصحة العامة التي كانت تحاول بكين زيادة نفوذها فيها.
ويهدف بايدن إلى موازنة الوجود العالمي المتنامي للصين والدعوة إلى نظام عالمي يعكس القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ما يمثل تحديا كبيرا لبكين من وجهة نظر شي جين بينغ.
وفي حين عززت ميول ترامب الانعزالية مكانة الصين العالمية، فإن استراتيجية بايدن المتمثلة في المشاركة والقيادة النشطة للولايات المتحدة في الحوكمة العالمية تتحدى بشكل مباشر الرؤية الصينية، بحسب مقال الباحث لي جونغ هيوك على موقع تشانيل نيوز آسيا السنغافوري.
بالنسبة للصين فإن عليها الاختيار بين السيناريو السيئ والأسوأ، بحسب مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون المتخصص في آسيا ومقره واشنطن بحسب لوس أنجلوس تايمز.
وإذا كان بايدن هو الأكثر ميلا للتوقع بالنسبة للصين، فهو يأتي في وقت تشعر فيه بكين بأنها محاصرَة بشكل متزايد من قبل حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان وأستراليا والفلبين.
في الوقت ذاته فإن دخول ترمب البيت الأبيض مرة أخرى سيوفر فراغا تملؤه بكين، إذا اتخذ قرارات تؤدي إلى تدهور سريع في العلاقة بين بلاده والصين.
فمع بايدن تهتم الصين بلعبة القوة طويلة الأمد، أما مع ترمب فسيكون القلق من مزيد من الاضطرابات بحسب تحليل مينغهاو تشاو، نائب مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شنغهاي
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة