سكان قلائل في رفح تحت رحمة الكواد كوبتر

عائلة هيثم أبو طه، لاحظت انخفاض العمليات في منطقة شرق رفح، فقررت العودة إلى منزلها في المدينة، فبالنسبة للأسرة، البقاء في المنزل أفضل من الخيام، كما أنه أفضل من البقاء عند الأقارب.

لكن رحلة العودة لم تكن يسيرة بأي حال، فيقول أبو طه: "كنا مشتتين... لم نكن نعلم أنهم فعلا لم ينسحبوا، فقد كانت الآليات تتحرك وتعود ثانية، ولا نعرف حقا كيف استطعنا النجاة، والدخول إلى المنزل".

يؤكد أبو طه أن الإقامة في المدينة بعد الرحلة العسيرة ليست سهلة، إذ يخشى السكان الحركة في الطرقات خوفا من خطر الموت بواسطة طائرات الكواد كوبتر المسيرة، فيقول عن تلك الطائرات: "هي تستهدف أي أحد يمشي في الطريق دون رحمة".

في المدينة المهجورة، وسط الركام، يتكرر ذكر الخوف من هذه المسيرات التي تسمح بضرب أهداف محددة على ارتفاع منخفض، على لسان العديد من الفلسطينيين، فهذه المسيرات الصامتة تقريبا توفر صورا تفصيلية للمنطقة التي تحلق فوقها ويقول الشهود إنها تُستخدم لتوجيه ضربات دقيقة.

إسماعيل أبو شعر، وهو شاب فلسطيني يبلغ من العمر 22 عاما، يُرجع الخوف من المسيرات الصغيرة، إلى مقتل العديد من الأشخاص بواسطتها، ويضيف: "الأمر مخيف وليس بسيطا، لكن رفح فعلا لا يوجد بها سوى البعض مثل حالاتنا المحاصرين في منازلهم".

وكان أبو شعر بقي في المنزل لحمايته بعد أن نزحت عائلته إلى المواصي في الشمال.

وقال عن بقائه في منزله: "لم أتمكن من المغادرة. حجم الخطر كبير جدا. ممنوع الحركة نهائيا، إذ يُستهدف أي شخص في الطريق. حجم القصف هائل، لم يكن يتوقف، من جوي ومدفعي وإطلاق نار واشتباكات".

أعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين أنه "يواصل عملياته الدقيقة" في رفح ومحيطها، وقال إنه عثر على "كميات كبيرة من الأسلحة".

يقول ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رفح، وليام شومبورغ: "إننا نرى عددا قليلا جدا من الناس، ودمارا هائلا".

وأضاف متحدثا عن رفح: "مدينة الأشباح هذه هي مجرد صورة أخرى للمأساة المستمرة التي صارت عليها غزة خلال الأشهر التسعة الماضية".

قبل بدء الهجوم الإسرائيلي على المدينة في أوائل شهر مايو، كانت المدينة تؤوي مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا من جميع أنحاء القطاع هربا من القصف والدمار والقتال.

شيئا فشيئا، رحل الكثيرون عن منازلهم وتركوا الأماكن التي عاشوا فيها أحيانا لسنوات أو تشاركوها مع أهلهم وأحبائهم؛ أو غادروا الشقق التي استأجروها بأسعار مرتفعة منذ بداية الحرب، أو الخيام التي نصبوها على عجل في حين كانت الدبابات الإسرائيلية تقترب من المدينة والجيش يحكم قبضته عليها.

وتُغلق المصيدة على من تخلف عن الرحيل، ويقول العديد منهم إنهم لا يملكون وسيلة تمكنهم من النزوح من جديد.