إسرائيل تهرب من واقع الحرب إلى "مواد إدمانية"

اعتقد شاؤول ليف-ران بشكل مبدئي، أن هناك ارتفاعا "كبيرا" في معدلات تناول مختلف المواد المهدئة المسببة للإدمان بين الإسرائيليين، سواء كانت عقاقير موصوفه من قبل طبيب أو مواد مخدرة غير مشروعة أو حتى مشروبات كحولية، وبعض السلوكيات الإدمانية الأخرى كالمقامرة.

ولتأكيد هذا الاستنتاج، أجرى فريقه دراسة شملت نحو ألف شخص يمثلون مختلف شرائح سكان إسرائيل، كشفت عن وجود صلة بين التعرض غير المباشر لأحداث الـ7 من أكتوبر، وارتفاع استهلاك المواد المسببة للإدمان، بنسبة 25% تقريبا، وزاد واحد من كل 4 إسرائيليين من استهلاكه للمنتجات المسببة للإدمان.

بينما في عام 2022، كان واحد فقط من كل 7 إسرائيليين يعاني من اضطرابات مرتبطة بتعاطي المخدرات.

من جهة أخرى زاد نصف الناجين من الهجوم تعاطيهم للعقاقير المسببة للإدمان، وبلغت النسبة لدى النازحين 33%، بحسب الدراسة.

كما ارتفع تناول الحبوب المنومة والمسكنات بنسبة 180% و70% على الترتيب.

استدعى الجيش يوني، اسم مستعار، لأداء خدمته العسكرية، إلا أنه فضل أن يؤجل تلك المهمة، كي ينتهى أولا من رحلة علاجية من إدمانه المواد المخدرة، الشاب بدأ استهلاك تلك المواد خلال جائحة كورونا، لكن الأمر ازداد سوءا مع الحرب، فيصف "يوني" تعاطي المخدرات بأنه وسيلة "للهروب من الواقع".

وللتغلب على "الملل" و"الخوف"، ارتاد مع أصدقائه حفلات موسيقى التكنو على غرار "نوفا"، المهرجان الموسيقي الذي حضره آلاف الشباب على أطراف قطاع غزة، حيث قُتل 364 شخصا، يوم السابع من أكتوبر.

في الأشهر الأولى، تناول يوني ضمن مجموعة، مخدرات مثل حبوب "الإكستاسي"، وعقار "إم دي إم أيه" وعقار "إل إس دي" التي كان الحصول عليها "سهلا" كما يصف، ثم أصبح يتعاطاها "وحده في المنزل".

وأقر يوني: "أعرف أنني مدمن، والآن أعلم أن علي الذهاب إلى مركز إعادة التأهيل للاعتناء بنفسي".

وينوي الشاب أداء الخدمة العسكرية بعد تلقيه العلاج، ويقول: "لكي أثبت لنفسي ولعائلتي أنني قادر على المساهمة في المجتمع".

خلص الطبيب ليف-ران إلى أنه بالاستناد إلى الدراسة، من الواضح بالفعل أن إسرائيل "على أعتاب وباء"، كما يظهر أن شرائح واسعة من السكان ستجنح إلى الاعتماد على مواد مسببة للإدمان.

إلا أن "الوباء" كما يصفه ليف-ران، ربما يتمدد في واقع الأمر، حتى أنه يتخطى الحدود ويتسلل إلى قوائم الجنود الإسرائيليين الذين يؤدون خدمتهم العسكرية في قطاع غزة، وفي خضم الحرب.

من بين هؤلاء شاب إسرائيلي التقاه فريق وكالة فرانس برس في إحدى حانات القدس، ويدعى ماتان، يعتقد الشاب أن الحرب، "غير مجدية"، لكنه يُضيف في الوقت ذاته "علينا أن نشارك فيها".

يحاول "ماتان" التغلب على تلك المفارقة بطريقته الخاصة، فيلجأ للمواد المخدرة، ويقول إن تلك المواد تسمح له "بالنسيان".