"لعبة المزايدة والتردد".. ماذا يجري في مفاوضات غزة الآن؟

مفاوضات وقف إطلاق النار في الأصل متعثرة، لكنها ربما دخلت مرحلة جديدة من التعقيد عندما قُتل، إسماعيل هنية، في طهران 31 يوليو الماضي.

إلا أن الوسطاء سارعوا إلى محاولة إحياء المفاوضات بعد اغتيال هنية، عن طريق إصدار بيان يدفع طرفي النزاع إلى الطاولة مرة أخرى، وجاء في البيان الموقع من قبل الولايات المتحدة وقطر ومصر، إنه قد حان الوقت "لتقديم الإغاثة الفورية" لشعب غزة الذي عانى طويلا، بالإضافة إلى الأسرى وعائلاتهم، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وزاد البيان: "لم يعد هناك وقت يمكن إهداره، أو أعذار من أي طرف لمزيد من التأخير، حان وقت إطلاق سراح الرهائن وبدء وقف إطلاق النار وتنفيذ هذا الاتفاق".

هذا الموقف لم يأت من قبل الوسطاء فقط، بل أصدر أيضا زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بيانا يؤيدون فيه سعي الوسطاء للعودة للمفاوضات، بحسب وكالة الأناضول، وأضاف البيان: "يجب أن تنتهي المعارك الآن، ويجب إطلاق سراح جميع الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس".

أعلن مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل سوف تُرسل وفدا لحضور اجتماع المفاوضات يوم الخميس الموافق 15 أغسطس، مؤكدا أن الفريق سوف ينتقل إلى أي مكان يتم الاتفاق عليه من أجل "إتمام التفاصيل اللازمة لتنفيذ الاتفاق".

حماس على الجهة الأخرى، غير مرحبة بجولة أخرى من المفاوضات والأخذ والرد، بل تريد خطة لوقف إطلاق النار مستندة على المحادثات التي جرت قبل شهر ونصف، والتي وافقت عليها الحركة بالفعل في الثاني من يوليو الماضي، في ضوء خطة بايدن.

ملامح الاتفاق التي وافقت عليها حماس حينها لم تُعلن بشكل كامل، ولكن حسب هيئة الإذاعة البريطانية كان من المفهوم آنذاك أن حماس وافقت على التخلي عن مطلب وقف إطلاق النار الكامل، واستبداله بهدنة لمدة 6 أسابيع كما اقترح بايدن.

وقبل ساعات من اجتماع التفاوض، الخميس، نفى مسؤول في حماس لوكالة رويترز، الثلاثاء، أن الحركة سوف تُرسل أي وفد للمحادثات، فيما نقل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحي السنوار لوسطاء، أمس الإثنين، إنه إذا كانت إسرائيل جادة حقا بشأن المفاوضات، فعليها أولا وقف عملياتها العسكرية في غزة، بحسب تقرير أعدته صحيفة وول ستريت جورنال، التي ترجح أن إسرائيل لن تخضع لهذا المطلب.

ولكن لا يمكن اعتبار حماس هي الطرف الوحيد الذي يثقل الاتفاق بمطالب إضافية تعرقل مسار المحادثات، إسرائيل تُمارس تلك الهواية بكثافة.

ففي يوليو الماضي، وبينما كانت تبدو المفاوضات في مرحلة متقدمة، قال مسؤولون غربيون وفلسطينيون ومصريون إن إسرائيل أضافت شرطا جديدا على الطاولة، وهو محاولة وضع آليه لـ"فحص" النازحين الفلسطينيين العائدين إلى شمال قطاع غزة، وذلك للتأكد من أن هؤلاء لا يدعموا مقاتلي حماس الذين يتحصنوا بشمال القطاع.

إلا أن هذا الشرط ليس الوحيد، فهناك شروط إضافية متعلقة باستمرار إسرائيل في السيطرة على حدود قطاع غزة الجنوبية، وذلك حسب ما كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، بعدما حصلت على وثائق غير منشوره، تشير إلى إضافة حكومة نتنياهو لشروط جديدة في يوليو تجعل موقفها أكثر تشددا.

وتؤكد الصحيفة أن حكومة نتنياهو تقوم بـ"مناورات" واسعة النطاق، خلف الكواليس، مما يجعل الوصول لاتفاق في جولة المفاوضات الجديدة أمر بعيد المنال، وبحسب مسؤولين إسرائيليين كبار، يخشى بعض من أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي ذاته، من أن الإضافات الجديدة قد تؤدي لإفشال المفاوضات.

في أواخر مايو الماضي، وضع الرئيس الأميركي، جو بايدن، ما بدى خريطة طريق، من 3 مراحل تسهدف في الأساس "وقف دائم لإطلاق النار" مع إطلاق سراح جميع الأسرى في قطاع غزة.

تستمر المرحلة الأولى مدة 6 أسابيع وتتضمن وقفا كاملا ودائما لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى مقابل إطلاق سراح مئات من المعتقلين الفلسطينيين.

يتزامن ذلك مع عودة النازحين إلى مناطقهم وزيادة المساعدات المتدفقة للقطاع.

وفي المرحلة الثانية، وفي حال اتفق الجانبان سيتم التفاوض على "وقف دائم للأعمال العدائية"، بالإضافة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وبحسب بايدن، يستمر العمل في وقف إطلاق النار ما دامت المفاوضات مستمرة.

أما في المرحلة الثالثة، وعد بايدن بأن يكون هناك "خطة كبيرة لإعادة إعمار غزة" ولإعادة رفات الرهائن القتلى.

وقال بايدن إنه في حال "فشلت حماس في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق، يمكن لإسرائيل استئناف العمليات العسكرية".

في إسرائيل، هناك حالة من الترقب مستمرة على مدار قرابة أسبوعين، بالتحديد منذ اغتيال إسماعيل هنية في طهران.

فتتوعد إيران إسرائيل برد حاسم على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس.

لكن ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار، قالوا لوكالة رويترز الثلاثاء، إن "السبيل الوحيد" لإرجاء رد إيران مباشرة على إسرائيل هو التوصل في محادثات هذا الأسبوع إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع المحاصر.

وقال أحد المصادر، إن إيران وحلفاء لها مثل حزب الله، سيشنون هجوما مباشرا إذا فشلت محادثات غزة أو إذا شعرت بأن إسرائيل تماطل في المفاوضات، ولكن ولم يذكر هؤلاء المسؤولون المدة التي تعطيها إيران لإحراز تقدم في المحادثات قبل أن ترد.