مقامرة الحرب.. ارتفاع "مراهنات" اجتياح لبنان

موقع بوليماركت الأميركي في نيويورك تحول لمنصة رئيسية للتنبؤات السياسية حول مستقبل الحرب على غزة، والتصعيد في شمال إسرائيل وجنوب لبنان.

على سبيل المثال، تقول صحيفة والا إن المراهنين على هذا الموقع الذي يعتمد على تقنية blockchain كان 9% منهم فقط يراهنون حتى بداية شهر سبتمبر على أن إسرائيل ستقوم باجتياح لبنان برياً، مقابل 91% الذين رأوا عكس ذلك.

لكن في الأسبوع الأخير بعد عمليات تفجير أجهزة البيجرز واللاسلكي واغتيال قيادات حزب الله، قفز تأييد احتمالية الاجتياح 4 أضعاف ليصل لـ39% ممن يعتقدون بأن الجيش الإسرائيلي سيقوم بحملة برية في لبنان بحلول شهر نوفمبر، وضارب متصفحو الإنترنت بأكثر من مليون دولار على هذا الرهان وحده.

كذلك، فيما يتعلق بغزة، انخفضت نسبة من يراهنون على أن الحرب ستتوقف باتفاق تهدئة قبل نهاية العام من 67% في شهر أغسطس الماضي لـ25% فقط هذا الأسبوع.

المضاربون على الموقع الأميركي يقومون بوضع رهانات أيضاً على رأس يحيى السنوار، رئيس حركة حماس. قبل يومين، كان 90% من مستخدمي الموقع يتوقعون أن إسرائيل ستفشل باغتياله حتى نهاية شهر أكتوبر.

لكن، بعد انتشار شائعات إسرائيلية عن اختفاء السنوار واحتمال مقتله في غارة جوية، انخفضت تلك النسبة لـ68%، ثم عاودت الارتفاع لـ75% بعد يومين وسط عدم ثبوت تلك المزاعم.

مضاربات متصفحي الإنترنت على مواقع المراهنات لا تختلف كثيراً عن حال أسواق الأسهم والسندات والعقود الآجلة وأسعار صرف العملة، فجميعها تتأثر بالإيجاب والسلب بالتكهنات السياسية والاقتصادية حول أحداث معينة.

وعلى سبيل المثال انخفض الشيكل الإسرائيلي بمقدار 4-5% بعد قيام إسرائيل بعملية تفجير البيجرز في لبنان، ليصل سعره لحوالي 3.8 شيكل مقابل الدولار الأميركي.

في الوقت نفسه، كلما خرجت للعلن أنباء عن حدوث انفراجة في محادثات التهدئة في غزة وزاد التفاؤل حول المحادثات بين حماس وإسرائيل، يتحسن سعر صرف الشيكل وتتأثر أسواق الأسهم الإسرائيلية بالإيجاب.

وبسبب ذلك، أصدرت وزارة الدفاع الأميركية بيانا قبل 20 عاما أكدت فيه أن "أسواق العقود الآجلة" أثبتت قدرتها على التنبؤ بنتائج الانتخابات بشكل أفضل من آراء الخبراء.

هذا الموقف يجعل وزارة الدفاع واحدة من القلائل داخل الحكومة الأميركية التي تدعم استخدام "أسواق التنبؤ السياسي"، داعية لاستغلال هذه الأدوات لتعزيز الفهم العام للمسائل السياسية والانتخابية.

بوليماركت ليس الموقع الوحيد الذي يتيح المراهنة على حرب غزة وتصعيد حزب الله ومواضيع سياسية مشابهة. فصحيفة بوليتيكو تسلط الضوء على انتشار مواقع المراهنات من هذا النوع، وجلبها لمراهنات بمئات الملايين على الانتخابات الأميركية المرتقبة.

فهناك موقع PredictIt التابع لإحدى الجامعات النيوزيلاندية، والذي يسمح للمستخدمين بالرهان على نتائج الانتخابات، ولكن وفقا لقيود إنفاق مالية صارمة.

وهناك أيضاً موقع كالشي الذي أسسه الشاب طارق منصور، 27 عاما، وشريكته لوانا لوبيز لارا في عام 2018 للمراهنة على الانتخابات النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس الأميركي، واتسع ليشمل جميع المواضيع الاقتصادية والثقافية والسياسية والرياضية الممكنة.

الثنائي التقى أثناء الدراسة في أهم معاهد التكنولوجيا بالعالم، معهد ماساتشوستس، MIT، وراودتهم الفكرة بعد العمل لفترة في مؤسسات تمويل واستثمار عالمية كبرى، مثل غولدمان ساكس، حيث لاحظا أن عمليات التداول في البورصات غالبا ما تُبنى على توقع الأحداث المستقبلية.

اقتصاديون وشركات في وادي السيلكون الشهير، وحتى بعض المسؤولين الحكوميين السابقين يعتقدون أن المراهنات على تلك المواقع تتفوق على نتائج استطلاعات الرأي، بسبب وجود أرباح مالية مقابل الإدلاء بالرأي.

حيث يشرح القانوني روبرت زويرب أن تلك الرهانات قد تفيد المصلحة العامة لأنها تسهم في إنتاج معلومات وتنبؤات قد تكون أكثر دقة وموثوقية من تلك التي تفرزها استطلاعات الرأي.

هجوم حماس "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر باغت إسرائيل من حيث الفشل الاستخباراتي الهائل في التنبؤ بتلك العملية، أو حجم الدمار الذي تسببت به، وتعيش الحكومة والجيش الإسرائيليين أزمة منذ ذلك الحين وتبادل اللوم عن هذه الغفلة المكلفة للغاية.

لكن محطة CBS الأميركية تقول إن هناك تحذيراً صارخاً وغير متوقع ظهر قبل 5 أيام من تنفيذ ذلك الهجوم لم تدركه إسرائيل، وهو قيام مستثمرين بالمضاربة في بورصتي نيويورك وتل أبيب على انهيار قيمة أسهم الشركات الإسرائيلية، وهو ما حقق لأولئك المستثمرين عشرات ملايين الدولارات من الأرباح السهلة والسريعة.

المحطة الأميركية تنقل عن بحث علمي لأكاديميين من جامعتي نيويورك وكولومبيا استنتاجه أن الأدلة المتاحة تشير لاحتمالية توقع أولئك المضاربين بهجوم حماس والاستفادة منه والحرب التي اندلعت في أعقابه.

وتوضح الورقة البحثية "المضاربة على الإرهاب" لروبرت جيه جاكسون من جامعة نيويورك، وجوشوا ميتس من جامعة كولومبيا، ما وصفه الخبيران بـ"ارتفاع كبير" في عمليات المضاربة على انخفاض أسهم الشركات الإسرائيلية المدرجة في بورصة نيويورك وبورصة تل أبيب في الأسابيع التي سبقت الهجوم.