بين خطابي نصرالله ونائبه.. هل تخلى حزب الله عن وحدة الساحات؟

في خطابه الأخير قبل اغتياله في ٢٧ سبتمبر، ظهر نصرالله في خطاب في ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤، ليقول إن "المقاومة في لبنان لن تتوقف عن دعم غزة والضفة الغربية".

قتل نصرالله، وأصبح نائبه نعيم قاسم أعلى قيادة في الحزب، الذي كان في يوليو الماضي يقول في حديث لوكالة أسوشيتد برس "إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة فإننا سنتوقف دون أي نقاش".

لكن قاسم بعد تولي زمام الأمور، حتى ولو بصورة مؤقتة، خرج في الذكرى الأولى لبدء القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، ليعلن تأييده لجهود وقف إطلاق النار عبر "الحراك السياسي الذي يقوده الرئيس نبيه بري بعنوانه الأساس وهو وقف إطلاق النار".

ما أشار إليه قاسم، يرتبط ببيان مشترك بين رئيس البرلمان وزعيم حركة أمل التي ولد من رحمها حزب الله، نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار، والشروع في الخطوات لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، وإرسال الجيش اللبناني إلى منطقة جنوب الليطاني ليقوم بمهامه كاملةً بالتنسيق مع قوات حفظ السلام في الجنوب"، ويعني ذلك انسحاب حزب الله أيضا من جنوب نهر الليطاني.

وتعد هذه أول مرة، لا يذكر فيها أعلى قيادي في حزب الله انتهاء الحرب في غزة كشرط مسبق لوقف القتال في لبنان.

يأتي ذلك، بعد دعوات من مشرعين لبنانيين لوقف إطلاق النار في لبنان دون ربطه بمستقبل الهدنة في غزة، إذ قال جنبلاط "لن نربط مصيرنا بمصير غزة"، فيما اعتبر زعيم تيار المردة حليف حزب الله، سليمان فرنجية أن "الأولوية" هي وقف الهجوم الإسرائيلي. وأضاف "يجب أن نخرج موحدين في لبنان والأهم أن يخرج لبنان منتصرا"، بحسب رويترز.

وقبل ذلك، قال محمود قماطي القيادي في حزب الله للتلفزيون الرسمي العراقي يوم الأحد إن الجماعة ستكون مستعدة لبدء استكشاف الحلول السياسية وإنها "تأتي بعد وقف العدوان على لبنان"، مجددا من دون ذكر غزة.

يرى الباحث السياسي اللبناني يوسف دياب أن خطاب نعيم قاسم جاء ملتبسا عن قصد وأنه لا يحسم مسألة ربط جبهة غزة مع لبنان، مشيرا في حديثه لبلينكس أن حزب الله أراد أن يرفع المسؤولية عنه، كي لا يقال إنه يعقد مسألة وقف إطلاق، لكن بيانا رسميا مكتوبا قبل ذلك يقول إنه لن يتخلى عن دعم غزة.

ويعتقد دياب أن حزب الله لا يزال يربط الساحتين، وحال التراجع فإنه سيكون خسارة سياسية وجماهيرية، وأن ما جاء في خطاب قاسم كان من باب "رفع العتب".

ورغم هذا الحديث فإن حماس لا تزال تثق في حزب الله، فيقول سامي أبو زهري القيادي الكبير في حماس لرويترز إن أعضاء الحركة لا يزالون "واثقين من موقف حزب الله من ربط أي اتفاق بوقف الحرب في غزة"، مستشهدا ببيانات سابقة لحزب الله.

على جانب آخر، يشير مسؤول بالحكومة اللبنانية طلب عدم نشر اسمه في حديث لرويترز إلى أن حزب الله عدل عن موقفه بسبب مجموعة من الضغوط، بما في ذلك النزوح الجماعي للأفراد من الدوائر الانتخابية الرئيسية حيث يعيش أنصاره في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.

يقول دبلوماسي غربي كبير لرويترز إن لا مؤشرات على وقف إطلاق النار تلوح في الأفق، وإن الموقف الذي يعبر عنه المسؤولون اللبنانيون "تطور" من موقفهم السابق الذي ركز بشكل صارم على وقف إطلاق النار في غزة عندما بدأت القنابل تتساقط على بيروت.

في هذا الصدد، يشير دياب إلى أن الأمور أصبحت معقدة أكثر من مطلب وقف إطلاق النار، وأن المطلب لم يصبح ذا قيمة، لأنه لا يوجد تجاوب من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

في السياق ذاته، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الثلاثاء، أن دعوة حزب الله لوقف إطلاق النار، تُظهر أنه أصبح في موقف دفاعي بعد "تعرضه لضربات قاسية"، فيما قال مسؤولون إن الولايات المتحدة لا تحاول إحياء مبادرتها لوقف إطلاق النار، ولكنها تعمل على تقييد العمليات الإسرائيلية في لبنان وضد إيران بدلاً من وقف الأعمال العدائية بحسب CNN.

في هذا السياق، يشير مهند الحاج علي، الخبير في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إلى أن إسرائيل تمكنت من أن تكون صاحبة اليد العليا من خلال تكثيف الضغوط على حزب الله عسكريا، بحسب رويترز.

وأضاف أن "حزب الله يمارس لعبة سياسية، لكن هذا ليس كافيا بالنسبة للإسرائيليين. الأمر لا يسير على هذا النحو".