مروان البرغوثي.. قصة "صيد ثمين" تسعى إسرائيل لقتله في سجنها

ولد مروان البرغوثي عام 1959 في بلدة كوبر الواقعة في شمال غرب محافظة رام الله والبيرة، وبدأ في شبابه الانخراط في العمل مع الفصائل الفلسطينية.

ورصدت إسرائيل نشاطات البرغوثي واعتقلته للمرة الأولى عام 1976، وأفرج عنه بعد فترة وجيزة، ليُعاد القبض عليه عام 1978 لأسباب تتعلق بتنظيم نشاطات عنيفة ضد الإسرائيليين.

وبعد إطلاق سراحه، عاد البرغوثي للمرة الثالثة إلى السجون الإسرائيلية عام 1983، وأُفرج عنه سريعا في العام ذاته، ليستأنف دراسته ويلتحق بجامعة بيرزيت، وفقا لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية.

في الجامعة ازداد نشاط البرغوثي، وظهر دوره القيادي عندما انتخب رئيسا لمجلس الطلبة لمدة 3 سنوات متتالية، وأسس حركة الشبيبة التابعة لحركة فتح، وكانت كل هذه الخطوات السريعة سببا كافيا لاعتقاله للمرة الرابعة عام 1984 لفترة قصيرة.

واعتاد البرغوثي على الزيارات الإسرائيلية للقبض عليه، والتي تكررت عام 1985، حيث مكث 50 يوما في السجن، ليخرج بشرط الإقامة الجبرية.

وبعد أحدث اعتقال في عام 1986، خرج البرغوثي ليُنتخب عضوا في المجلس الثوري لحركة "فتح" خلال مؤتمرها العام الخامس في نفس السنة، وبعد أن أجبر على الرحيل إلى المنفى في ليبيا، قبل أن يعود إلى بلاده في العام 1994.

وتطورت أدوار البرغوثي القيادية في حركة فتح، ليصبح أمين سر الحركة في الضفة الغربية، ثم انتخابه عام 1996 عضوا في المجلس التشريعي للحركة، وعضوية اللجنة المركزية في المؤتمرين السادس والسابع لفتح.

واستمر نشاط البرغوثي إلى أن أصبح أحد أبرز القادة في حركة فتح، قبل أن ترصده من جديد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتقرر مطاردته إلى أن نجحت في القبض عليه عام 2002.

البرغوثي الذي أطلق عليه لقب "الفرنسي" قضى عامين رهن الاحتجاز، قبل أن يُحكم عليه بالسجن المؤبد 5 مرات بالإضافة إلى 40 عاما.

وخلال فترة السجن واصل البرغوثي دراسته ليحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية، عن رسالة كتبها بين جدران سجن هداريم وهُربت سرا عبر محاميه.

اتهمت حركة فتح، السلطات الإسرائيلية، بإصدار قرارها بتصفية مروان البرغوثي داخل السجن، مؤكدة تعرضه "لأبشع ممارسات التعذيب الوحشي في معتقل مجدو".

وأصدرت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني بيانا، الأحد 27 أكتوبر، أكدت خلاله أن ما يتعرض له البرغوثي "محاولة لتصفيته بقرار من حكومة احتلالية متطرفة".

وحذرت فتح من المس بحياة البرغوثي، وكذلك بقية القادة الأسرى، مؤكدة أن ذلك من شأنه نقل المواجهة مع إسرائيل إلى مرحلة متصاعدة من التوتر والانفجار.

ووجهت لجنة فتح المركزية الدعوة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومحكمة العدل الدولية، والمؤسسات الحقوقية، الدعوة للتدخل بشكل عاجل لإنقاذ البرغوثي قبل تصفيته، ومعه كل الأسرى.

وطالبت فتح اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، بالضغط على إسرائيل من أجل السماح بزيارة البرغوثي والأسرى المتعقلين في السجون الإسرائيلية.

عندما بدأت إسرائيل مطاردة البرغوثي للقبض عليه عام 2002، نجا القائد في حركة فتح من الاغتيال أكثر من مرة، كان آخرها باستخدام صواريخ موجهة وسيارة مفخخة.

وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها آرييل شارون قائلا: "كنت أتمنى أن نحصل على رماد البرغوثي في جرة، يؤسفني أننا قبضنا عليه حيا".

وتعتبر إسرائيل البرغوثي منذ بداية التعرف عليه خطرا كبيرا، بسبب قدراته القيادية وتأثيره الكبير وتدرجه في المناصب بشكل كان من الممكن أن يجعله على رأس السلطة الفلسطينية إذا لم يتم القبض عليه.

البرغوثي أعلن عام 2020 نيته الترشح للانتخابات الرئاسية الفلسطينية حال انعقادها، وفي عام 2021 رفض آلية اختيار قائمة فتح للانتخابات التشريعية وشكّل قائمة مع ناصر القدوة بعيدا عن قائمة الحركة، ما يشير إلى انخراطه في العمل السياسي حتى داخل سجنه.

وفي ظل موافقة إسرائيل على إطلاق سراح زعيم حركة حماس السابق يحيى السنوار، رفضت الإفراج عن مروان البرغوثي خلال عملية تبادل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مع معتقلين فلسطينيين عام 2011.

وتعتبر إسرائيل أن مروان البرغوثي يمكنه أن يعيد ترتيب الداخل الفلسطيني ويوحد الفصائل ضدها إذا خرج، خاصة بعد الذي فعله السنوار عقب الإفراج عنه وتخطيطه لهجمات 7 أكتوبر التي بدأت الحرب الحالية في غزة، بحسب تحليل سابق لصحيفة الغاريان البريطانية.

وتتمسك حماس في الوقت الراهن بالإفراج عن مروان البرغوثي ضمن الصفقة المنتظرة مع إسرائيل التي تأمل أن تأتي مع وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنهاء الحرب التي استمرت لأكثر من عام.

وفي حالة زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل من أجل الموافقة على "حل الدولتين" وإقامة دولة فلسطينية خاصة مستقلة، سيكون البرغوثي أبرز المرشحين على منصب الرئيس حال الإفراج عنه، وهو سبب إضافي يجعل تل أبيب تتمسك به داخل سجونها، أو تخطط لتصفيته وفقا لبيان حركة فتح.