على عكس ما شهدته الجماعات المتحالفة مع إيران فيما يعرف بـ"محور إيران" وعلى رأسها حزب الله الذي شهد تدمير قياداته وتراجع قدراته نتيجة الهجمات الإسرائيلية، فإن جماعة الحوثي كانت المستفيد الأكبر من الحرب الدائرة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، بحسب
وول ستريت جورنال.
الحوثيون استطاعوا توسيع نفوذهم خارج اليمن بالارتباط مع مجموعة من الفاعلين في الشرق الأوسط وأفريقيا وحتى روسيا، فيقول تيموثي ليندركينغ المبعوث الأميركي الخاص لليمن: "إحدى النتائج المؤسفة للصراع في غزة هي أن الحوثيين ضاعفوا اتصالاتهم مع فاعلين خبيثين في المنطقة وما وراءها".
وحينما اغتيل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في ٢٧ سبتمبر سارعت الجماعة الموجودة في اليمن إلى ملء الفراغ السياسي والعسكري داخل ما يعرف بـ"المحور الإيراني" بحسب ما يشير محمد الباشا، المحلل الأمني في الشرق الأوسط المقيم في الولايات المتحدة، للصحيفة في أكتوبر الماضي.
ليس هذا فحسب، فقد توسعت عمليات الجماعة حتى أصبحت تجند عناصرها للقتال مع الروس على الجبهة الأوكرانية، بحسب تقرير سابق لصحيفة
فايننشال تايمز. وجندت روسيا المئات من عناصر الجماعة عبر وعود بوظائف ذات رواتب مرتفعة والحصول على الجنسية الروسية.
ومع ذلك، وبعد وصولهم إلى روسيا، يتم إجبارهم على القتال في الخطوط الأمامية في أوكرانيا، بحسب الصحيفة، مضيفة أن عملية التجنيد تتم من خلال شركة مرتبطة بجماعة الحوثي، حيث يظهر في العقود توقيع عبد الولي عبدو حسن الجبري، وهو سياسي حوثي بارز، على العقود، التي بدأت في شهر يوليو.
إضافة لذلك، تُشكل مواجهة الحوثيين تحديا مختلفا لإسرائيل مقارنة بالمواجهات العسكرية في غزة ولبنان وسوريا، التي تقع جميعها على مقربة من الحدود الإسرائيلية. في حين أن تلك الجبهات تتسم بقربها الجغرافي، يقع اليمن على بُعد أكثر من 2000 كيلومتر، مما يمثل تعقيدات إضافية تتطلب عمليات عسكرية بعيدة المدى تتناسب مع المسافة وظروف المنطقة.
ومن أكبر التحديات التي تواجه المهمة هي مسألة التزود بالوقود، حيث أن
مدى طائرات F-35 المقاتلة يبلغ 2100 كيلومتر فقط، بينما المسافة إلى اليمن تصل إلى 2211 كيلومترا. هذا يعني أن الطائرات يمكنها الوصول إلى هدفها في اتجاه واحد فقط من دون التزود بالوقود، مما يجعل العودة إلى القواعد غير ممكنة عمليا من دون ترتيبات إضافية.
لذلك، كان من الضروري التخطيط الدقيق لعمليات التزود بالوقود أثناء التحليق، لضمان استمرار المهمة بنجاح وتقليل المخاطر المرتبطة بالطيران لمسافات بعيدة.
ويوضح الرائد الاحتياط د.، رئيس قسم الرقابة الجوية وأحد المشاركين في التخطيط، لصحيفة
يديعوت أحرنوت أن "عمليات التزود بالوقود أثناء الطيران ليست سهلة، خاصة عندما تكون الطائرات تحلق في منطقة عمليات حساسة وعلى مسافة بعيدة من قواعدها. التحدي هو تحقيق التناغم بين حركة الطائرات وضمان أن يتم التزود من دون أي عوائق تؤثر على المهمة".
وأضاف قائلا: "الحرب وضعتنا أمام تحديات غير مسبوقة، خاصة في مواجهة دول بعيدة مثل اليمن".
يأتي ذلك في وقت تجمع فيه إسرائيل معلومات استخبارية عبر الأقمار الصناعية وبوسائل أخرى سرية لتحديد الأهداف المحتملة مثل منصات الإطلاق، مواقع الإنتاج، ومراكز القيادة، بالإضافة إلى رموز السلطة والحكومة، مثل كبار المسؤولين لدى الحوثي.
لكن استهداف هؤلاء يبدو معقدا بحسب ما يقول البروفيسور كُوبي ميخائيل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي
للقناة ١٢، مرجعا ذلك إلى أن مستوى السيطرة الاستخبارية الإسرائيلية في اليمن أقل من المواقع الأخرى.
ويشير ميخائيل إلى أن استهداف الحوثيين يتطلب ضرب إيران، فيقول "من دون ضربات مؤثرة على إيران - في منشآتها النووية والعسكرية والاقتصادية، وعلى بنيتها التحتية للطاقة ورموز حكمها - لن نتمكن من تحقيق الهدف الاستراتيجي بتغيير النظام الإقليمي من الجذور".