خلال فترة حكم الأسد، كان بشار صديقا لبكين التي دعمت مشروعات الحزام والطريق والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، فضلا عن استخدامها حق النقض في مجلس الأمن لصالحه، إذ يلحظ استخدامها حق النقض ثماني مرات خلال الحرب في سوريا من أصل ثلاثين مقترحا لقرارات بشأن سوريا في المجلس، وهو نصف إجمالي عدد قرارات الفيتو المستخدمة من قبل الصين في المجلس (١٦ قرارا).
وعقب الأحداث التي أطاحت بالأسد، حثت بكين "الأطراف المعنية في سوريا على ضمان سلامة وأمن المؤسسات الصينية والموظفين الصينيين في سوريا"، واتخذت بكين موقفا محايدا ومحترما لإرادة الشعب السوري.
هذا الموقف، البراغماتي، يعكس احتفاظ الصين بنهجها القائم على عدم التدخل في الأزمات في الشرق الأوسط، خاصة أن سوريا لا تؤثر بصورة مباشرة على مشاركة بكين على المستوى الإقليمي، عكس وجود القوى الكبرى والمتوسطة في سوريا.
ورغم ظهورها في الفترة الأخيرة كوسيط دبلوماسي في المنطقة، فهي متحفظة في مسألة المشاركة، لإبعاد نفسها عن الأحداث الأخيرة وتاليا تعزيز قدرتها على الصمود في التعامل مع النظام الخليفة الذي سيحكم سوريا قريبا، بحسب ما تشير نجلاء الزرعوني باحث أول في العلاقات بين الصين والشرق الأوسط بمركز المستقبل في
مقال.
وتفسر الزرعوني الدعم الذي قدمته بكين للأسد على أنه خيار الصين "الطبيعي والمنطقي" للحفاظ على الاستقرار في سوريا ومنع الاضطرابات الجيوسياسية، إذ تعطي دائما الأولوية لدعم الحكومات الشرعية ضد التدخل الخارجي أو التمرد الداخلي، لا سيما بالنظر لتجاربها الخاصة من التوسع الإقليمي وحركات المعارضة داخل الصين.
لكن في الوقت نفسه، فإن بكين أدركت وجود سيناريو محتمل للإطاحة بالأسد منذ الاحتجاجات التي اجتاحت سوريا قبل أكثر من عقد، ما جعل الشقوق في هذا النظام متجذرة، حتى لو لم تتم مناقشته صراحة خلال الحوارات الصينية السورية.
وتشير الزرعوني إلى أنه رغم اعتقاد بعض المراقبين بتأثر مصالح بكين بصورة مباشرة من انهيار نظام الأسد، فإن نهج الصين يتضمن عادة استراتيجية خروج مرنة، ما يضمن انتقالا سلسا عند التعامل مع أي تغيير حكومي محتمل في المنطقة، وهو ما يفسر قرار الصين بالنأي بنفسها عن التدخل العسكري الروسي والإيراني في سوريا، واختيار الطرق الدبلوماسية والسياسية - رغم تفضيلها لدعم رئاسة الأسد.