فضيحة وثائقي BBC عن غزة.. أخطاء جسيمة واعترافات متأخرة
اعترفت هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي بوجود "أخطاء جسيمة" في إنتاج الوثائقي "غزة: كيف تنجو من منطقة حرب". جاء هذا الاعتراف بعد أن كشف تحقيق داخلي عن مشكلات تتعلق بمصداقية العمل الصحفي، الأمر الذي أدى إلى سحب الوثائقي من منصة iPlayer وإثارة جدل واسع حول نزاهة تغطية بي بي سي للأحداث في غزة.
ماذا يناقش الفيلم الوثائقي؟
يعرض الوثائقي "غزة: كيف تنجو من منطقة حرب" تجربة الحياة في غزة تحت القصف الإسرائيلي من منظور الأطفال، حسب مراجعة
ذا تلغراف.
يقوم الفتى عبد الله اليازوري، البالغ من العمر 14 عاما، بدور الراوي، حيث يروي المعاناة اليومية لسكان القطاع الذين يعيشون بين أنقاض المنازل والخيام المؤقتة.
كما يسلط الوثائقي الضوء على مشاهد قاسية من حياة الأطفال مثل زكريا، الصبي البالغ من العمر 11 عاما، الذي يعمل كمساعد للمسعفين في المستشفى الوحيد العامل في غزة، ورناد، الطفلة التي تقدم برنامج طبخ على تيك توك وتحاول الحفاظ على روحها الإيجابية رغم القصف المستمر.
هوية مخفية وشبهات في الإنتاج
كشف تحقيق بي بي سي أن الطفل عبد الله الذي يروي تفاصيل الحياة في غزة هو نجل مسؤول في حكومة حماس.
الشركة المنتجة للوثائقي، هويُو فيلمز، قدمت معلومات مضللة لبي بي سي بشأن خلفية الطفل. بعدها، أقرت بي بي سي بأنها لم تقم بالتحقيقات اللازمة قبل بث الفيلم للتأكد من هوية الراوي، وهو خطأ وصفته بـ"غير المقبول".
لم يتوقف الجدل عند هذا الحد، إذ أقرّت الشركة المنتجة بأنها دفعت مبلغا ماليا محدودا لوالدة عبد الله مقابل دوره في الوثائقي، وتم تحويل الأموال عبر حساب شقيقته البنكي. على الرغم من ذلك، أكدت الشركة أنها لم تقدم أي أموال لحركة حماس، في حين تعهدت بي بي سي بإجراء تدقيق مالي شامل لضمان عدم وجود أي مخالفات.
ضغوط سياسية وردود فعل دولية
لم تمر الفضيحة مرور الكرام في الأوساط السياسية، إذ عبّر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن "قلقه" بشأن الوثائقي خلال مؤتمر صحافي جمعه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن.
كما واجهت بي بي سي انتقادات واسعة من قبل جهات إعلامية بارزة، إذ وقّع أكثر من 500 إعلامي، من بينهم غاري لينيكر وأنيتا راني وريز أحمد، على عريضة تنتقد قرار الشبكة بسحب الوثائقي.
اتهامات بالتحيز ضد إسرائيل
الجدل حول الوثائقي فتح الباب مجددا أمام اتهامات لبي بي سي بالتحيز ضد إسرائيل. داني كوهين، الرئيس السابق لقسم التلفزيون في الشبكة، اعتبر أن هذه القضية ليست مجرد حادثة معزولة، بل تعكس "مشكلة ممنهجة في بي بي سي تتعلق بالتحيز ضد إسرائيل"، مضيفا أن "هذه الفضيحة ليست سوى قمة الجبل الجليدي".
ودعا كوهين إلى تحقيق مستقل للنظر في آليات الإنتاج الصحفي داخل بي بي سي، مشيرًا إلى أن "الوثائقي تم تمريره عبر النظام دون أي عوائق، ما يثير تساؤلات حول معايير التحرير والمراجعة في الشبكة".
ما الخطوة التالية لبي بي سي؟
بعد تصاعد الأزمة، تعهدت بي بي سي باتخاذ إجراءات تأديبية بحق المسؤولين عن الأخطاء، كما أعلنت عن مراجعة شاملة تشمل "استخدام اللغة، الترجمة، والاستمرارية التحريرية"، بعد أن كشف تقرير لصحيفة
ذا تلغراف عن تحريف في الترجمة، حيث تم استبدال عبارة "اليهود" بـ"القوات الإسرائيلية".