"إلى أين نذهب؟".. "صرخات" توقظ الغزيين ورعب القصف يطاردهم
في قطاع غزة، يطارد الخوف الفلسطينيين حيثما حلّوا. تحت القصف، رعب وصرخات استغاثة وبحث متكرّر عن مأوى بعد استئناف إسرائيل ضرباتها قبل 3 أسابيع ما يتسبّب بموجة جديدة من النزوح.
ويسأل محمود حسين الذي فرّ من القصف في شمال القطاع الفلسطيني إلى خيمة في الزوايدة في الوسط، "يطالبوننا بالإخلاء، ولكن إلى أين نذهب؟".
ويضيف وهو يعدّد المناطق القريبة التي حدّدها الجيش الإسرائيلي طالبا إخلاءها، "لا يوجد أي مكان، لا شيء".
منذ استئناف الضربات الجوية والعمليات البرية في قطاع غزة، أصدر الجيش الإسرائيلي مجموعة من أوامر الإخلاء لمناطق في الشمال والجنوب ووسط قطاع غزة، محذرا السكان من هجمات وشيكة. وغالبا ما يلي الإنذارات قصف عنيف.
وقالت الأمم المتحدة الإثنين، إن نحو 400 ألف من سكان غزة نزحوا منذ 18 مارس.
مشهد نزوح متكرر يشرح الألم
كان عدد من الفلسطينيين في الزوايدة يجمعون أغراضهم مرة أخرى الإثنين، بحثا عن مكان آمن.
البعض يملأ أكياسا من البلاستيك بالحاجيات القليلة التي تبقت لديهم، وحولهم عدد من الأطفال.
ثم حمّلوا فرشهم على عربات يجرّها حمير سارت على الطريق الترابي، بينما كانت النساء يحملن سلالا على رؤوسهن.
أصبح هذا المشهد اعتياديا في غزة حيث نزح تقريبا جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة من منازلهم، مرات عدّة، وفقا للأمم المتحدة.
وانتهت مع استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية، هدنة هشة بين حركة حماس وإسرائيل كانت استمرت شهرين. وحتى الآن، باءت الجهود المبذولة لاستئناف وقف إطلاق النار بالفشل.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 1449 فلسطينيا قُتلوا في العمليات الإسرائيلية المتجددة، ليصل إجمالي عدد القتلى منذ بدء الحرب إلى 50 ألفا و810 فلسطينيين.
واندلعت الحرب بعد هجوم شنه عناصر من حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1218 شخصا، وفقا لتعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
"ركضنا إلى الخارج مرعوبين"
في دير البلح وسط القطاع، استهدفت غارة جوية إسرائيلية منزلا ليل الإثنين الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص بينهم 5 أطفال، وفقا لما ذكره الدفاع المدني في غزة.
وأظهرت لقطات فيديو لفرانس برس كرسيا بلاستيكيا وحوض استحمام منزليا خاصا بالأطفال أحمر اللون عالقين بين طابقين منهارين من منزل.
وكان عدد من الأشخاص يهرعون نحو الأنقاض لانتشال جثة حُملت ملفوفة ببطانية في شاحنة.
ويقول عبد صباح، أحد أقارب صاحب المنزل المستهدف. "ركضنا الى الخارج مرعوبين. لم نعرف في البداية أين وقعت الضربة. كانت هناك سحابة كثيفة من الغبار".
ويقول صباح إنه تمّ انتشال 11 جثة، "معظمهم من الأطفال والنساء".
وجلست فتاة صغيرة وسط الأنقاض والقضبان المعدنية، محاطة ببطانيات وفراش إسفنجي مهترئ.
في مستشفى شهداء الأقصى القريب، وصلت جثامين ملفوفة في أكفان بلاستيكية بيضاء.
بكى أفراد عائلات الضحايا أمواتهم وأقاموا صلاة الجنازة عليهم، بينما بدا عدد من الأكفان ملطخا بالدماء.
وتسأل نادين صباح باكية "كان المنزل مليئا بالنازحين والأطفال. قُطعت رؤوس أربعة أطفال، ما ذنبهم؟".
وتوضح أنها كانت في المبنى المستهدف وقت الهجوم.
وتقول أمل جبل (35 عاما)، إنها غادرت دير البلح الإثنين بعد أن أيقظتها "الصرخات القادمة من الحي"، وذلك قبل غارة "هزّت المنطقة بأكملها".
وتضيف "كان الدمار كبيرا والخوف أكبر، جميعنا ننتظر دورنا للموت، ليس هناك أي بصيص أمل بالنجاة".