سياسة

100 يوم مع ترامب.. الرئيس الأميركي يدير العالم بـ"حدسه"

نشر
blinx
 & 
تجاوز دونالد ترامب على مدى نحو 100 يوم في البيت الأبيض، الحدود المعتادة لسلطة الرئيس الأميركي، وجعلها طوع رغباته، من توبيخ نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى تهديد القضاة وإشعال حرب تجارية عالمية، مرورا بأمر تنفيذي يتعلق بضغط مياه الاستحمام.
لم يتردد ترامب مطلع أبريل بالقول بأن "الولاية الثانية هي فعلا أقوى بكثير".
هيمن معيار القوة على الأشهر الثلاثة الأولى للثري الجمهوري في البيت الأبيض. لكن بعكس الولاية الأولى (2017-2021) حين أحاط نفسه ببعض الوزراء والمستشارين والعسكريين الكبار القادرين على كبح جماحه، اختار ترامب هذه المرة أن يجمع حوله فريقا من الأوفياء الذين يؤكد أنه يتيحون له أن يحكم معوّلا على "حدسه".

مستشارون يساعدون ترامب على حدسه

استخدم ترامب (78 عاما) هذا التعبير لدى الحديث عن سياسته بشأن التعريفات الجمركية، والقائمة حتى الآن على إعلانات صادمة وانعطافات مفاجئة.
وتقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة غرينيل باربارا تريش "هذه المرة، أحاط الرئيس نفسه بمستشارين لا يطبقون فقط مناورات القوة الجريئة (التي يريد هو القيام بها)، بل يشجعون عليها في بعض الأحيان".
وإذا كان لصورة أن تختصر الولاية الثانية، فهي ترامب الجالس في المكتب البيضوي الذي زيّنه بالتحف المذهبة، محاطا بوزراء يقابلون تجاوزاته بالضحك، وصحافيين يطرحون عليه الأسئلة بينما يوقّع أمرا تنفيذيا تلو الآخر.

الثأر من القضاة

يحذّر الخصوم من أن النظام الذي أقامه ترامب ونصّب نفسه مركزا أوحد له، يهدد الهيكل الدقيق الذي أرساه الدستور لتحقيق توازن مع الصلاحيات الرئاسية.
يرتكز التوازن السياسي في الولايات المتحدة على السلطتين التشريعية والقضائية. لكن الكونغرس يهيمن عليه الجمهوريون، ويُظهر الى الآن ولاء لا لبس فيه للرئيس الحالي، الى حد أن النائبة كلاوديا تيني تقدمت باقتراح لجعل يوم ميلاد ترامب عطلة رسمية.
أما القضاة، فوجّه ترامب انتقادات الى كثيرين منهم، واتهمهم بأنهم "يريدون تولّي صلاحيات الرئاسة". حتى أنه استشهد يوما بنابليون ليشرح موقفه بقوله إن "من يخلص البلاد لا ينتهك أي قانون". ومن ثم فهو يهدد القضاة الذين يعترضون على بعض قراراته.
وعليه، وبعد أن طالب بعزل قاضٍ فدرالي أمر بتعليق قراره بطرد مهاجرين إلى السلفادور، وجّه إليه رئيس المحكمة العليا تأنيبا علنيا نادرا، مشددا على أنه "على مدى أكثر من قرنين، ثبت أنّ العزل ليس ردا مناسبا على خلاف متعلّق بقرار قضائي".
ويرى ترامب أن وزارة العدل هي بمثابة "الذراع المسلحة" في عملية "الثأر" السياسي التي وعد مناصريه بها بعد عودته الى البيت الأبيض، علما بأنه أصدر في اليوم الأول من ولايته، قرارا بالعفو عن مثيري الشغب الذين اقتحموا الكابيتول في السادس من يناير 2021.
وهاجم ترامب حتى الآن مكاتب محاماة والطلاب الأجانب، ودفع القضاء الفدرالي لملاحقة مدير سابق لوكالة الأمن السيبراني الأميركي، خطؤه الوحيد هو تأكيده عدم وجود مخالفات في انتخابات 2020 الرئاسية التي خسرها ترامب أمام سلفه الديموقراطي جو بايدن.
وتوعد ترامب من يعتدون على سيارات شركة "تيسلا" المملوكة لحليفه إيلون ماسك، بمواجهة "جحيم قضائي". وبات للثري الأميركي موقع لصيق بترامب الذي أوكل إليه الإشراف على وكالة حكومية لخفض النفقات الفدرالية.

فريق رئاسي لمدح ترامب

أما فريق التواصل الاعلامي، فنقل أسلوب عمل حملة ترامب الانتخابية الى البيت الأبيض باعتماد الإهانة أحيانا، والاستفزاز غالبا، والمديح دائما.
وعندما قال ترامب خلال حفلة استقبال "لدينا هنا بعض أعضاء مجلس الشيوخ لكنني لا أحبهم فعلا، لذا لن أقوم بتقديمهم"، كتب أحد حسابات الإدارة الأميركية تعليقا على ذلك جاء فيه "الرئيس الأكثر طرافة على مدى التاريخ".
وبعدما تراجع بعض الشيء عن حربه التجارية وأعلن تعليق بعض التعريفات التي تسببت بخسائر حادة في أسواق المال العالمية، حيا مستشاره ستيفن ميلر "الاستراتيجية الاقتصادية الأكثر براعة في تاريخ الرؤساء الأميركيين".
ويستحيل التنبؤ بما ستكون عليه المراحل المقبلة في ولاية ترامب الثانية، اذ يبقى الجمهوري رئيسا غير قابل للتوقع، لكنه مهووس كذلك.

من مياه الاستحمام لهز النظام العالمي

تبقى بعض هواجسه تفصيلية، مثل الأمر التنفيذي المتعلق بزيادة ضغط المياه في دوش الاستحمام ما يتيح له "غسل شعري الجميل" بشكل أفضل. لكن إجراءاته الأخرى تهز أركان النظام الاقتصادي والدبلوماسي في العالم، مثل رغبته المعلنة في ضم غرينلاند، وحديثه عن "السيطرة" على قطاع غزة، أو رؤيته الضمنية لعالم مقسم وفق مناطق نفوذ.
الثابت الوحيد بالنسبة الى المحللين، هو أن ترامب يعيش على جذب الاهتمام في الولايات المتحدة والعالم، والأكيد أنه قادر على استقطابه أفضل من أي شخصية سياسية أخرى في الزمن المعاصر.
لكن هذه الرغبة في أن يكون موضع الاهتمام على الدوام، قد تتحول الى نقطة ضعف في بلاد لا تتوقف فيها الحملات الانتخابية، ويتوقع أن ينصرف اهتمامها قريبا على التحضيرات للانتخابات الرئاسية لعام 2028.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة