صبر ترامب ينفد.. هل تخرج "حرب أوكرانيا" من قائمة أولوياته؟
في مؤشر واضح على نفاد صبر الرئيس الأميركي، هددت أميركا أوروبا وأوكرانيا وروسيا بالتخلي عن دور الوسيط في جهود إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية إذا عرقل أحد الأطراف وضع حد للصراع.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة، إنه "سيتجاهل" محاولة إنهاء الحرب في أوكرانيا إذا صعبت موسكو أو كييف وضع حد للصراع.
لكنه أضاف للصحافيين أنه لا يريد أن يقول إنه سينسحب من المحادثات. وأوضح أنه لا يزال يعتقد بأن هناك فرصة جيدة لإنهاء الصراع.
وردا على سؤال عما إذا كانت روسيا تتلاعب به، قال ترامب "لا أحد بوسعه فعل ذلك".
بعثت الولايات المتحدة رسالة واضحة إلى الأوكرانيين والأوروبيين في باريس الجمعة، مفادها أن "هذه ليست حربنا"، مهددة بتركهم ليدافعوا عن أنفسهم ضد روسيا إذا لم تنته الحرب في أوكرانيا بسرعة.
ولا يخفي ترامب الذي باءت وعوده بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة بالفشل، نفاد صبره وإحباطه مع تعثر المفاوضات مع موسكو وكييف.
في الوقت نفسه، زاد ترامب من الضغوط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يقول إنه "ليس من المعجبين به"، وعلى حلفائه الأوروبيين الذين يتهمهم بالتلكؤ في زيادة ميزانيات الدفاع واستغلال السخاء الأميركي.
وتظهر واشنطن أيضا علامات متزايدة على رغبتها في خفض حضورها العسكري في أوروبا.
في تصريحات أدلى بها الجمعة، غداة محادثات أجراها في باريس مع الأوروبيين والأوكرانيين، حذّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من أن ترامب قد يركز جهوده على ملفات أخرى.
وقال لعدد من الصحافيين أمام طائرته في مطار لوبورجيه في باريس قبل عودته إلى واشنطن "يجب أن نحدد في الأيام المقبلة إذا كان (السلام) قابلا للتحقيق أم لا"، وفي "حال لم يكن ذلك ممكنا يجب الانتقال إلى شيء آخر لأن الولايات المتحدة لديها أولويات أخرى".
وأكّد وزير الخارجية الأميركي "سنكون مستعدّين للمساعدة عندما تصبحون مستعدّين للسلام لكننا لن نواصل هذا المجهود لأسابيع وأشهر"، مشيرا إلى أن هذه الحرب التي اندلعت مع بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022 "تدور في القارة الأوروبية".
وأضاف روبيو "إذا لم يكن ذلك ممكنا، وإذا كنا بعيدين جدا" عن السلام "فأعتقد أن الرئيس ربما يصل إلى لحظة يقول فيها: حسنا، هذا يكفي".
تبدو تصريحات الوزير الأميركي بمثابة تحذير لأن أوكرانيا تعتمد إلى حد كبير على المساعدات العسكرية والاستخبارية الأميركية، وسيحتاج الأوروبيون إلى الدعم الأميركي لتأمين أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.
وقال روبيو في هذا الصدد "أظن أن المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا يمكنها مساعدتنا في دفع العجلة في هذا الإطار للاقتراب من حل. رأيت أن أفكارهم كانت مفيدة وبناءة" خلال الاجتماعات التي عقدها معهم في باريس.
ولم يستبعد أن يعود إلى أوروبا الأسبوع المقبل لإجراء المزيد من المناقشات، ربما في لندن.
ترى سيليا بيلين من منظمة "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" أن الموقف الأميركي "ليس مفاجئا"، مضيفة "ترامب يريد التخلص من القضية الأوكرانية التي تسبب له مشاكل".
تتابع الخبيرة "خطته هي إعادة تأهيل روسيا على الساحة الدولية. لا أقول إنه يعمل لصالح روسيا، لكنه يريد تجديد الشراكة الاستراتيجية مع موسكو، ولا يريد أن يسمح لمشكلة صغيرة مثل أوكرانيا بالوقوف في طريقه".
منذ عودته إلى السلطة، تبنى الرئيس الأميركي نهجا مختلفا تماما عن سلفه الديموقراطي جو بايدن في ملف أوكرانيا.
تقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويقول إنه يحاول التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار في أوكرانيا.
وتحت ضغط من واشنطن، وافقت كييف في 11 مارس على وقف غير مشروط للقتال لمدة 30 يوما، لكن روسيا رفضت المقترح. والتقى المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بالرئيس الروسي للمرة الثالثة في أوائل أبريل.
بموازاة ذلك، أجرت الولايات المتحدة محادثات متعددة منفصلة في السعودية مع الأوكرانيين والروس.
وفي المقابل، شكلت باريس ولندن "تحالف الراغبين" الذي يتألف من نحو 30 دولة داعمة لأوكرانيا وتعمل خصوصا على إنشاء قوة تهدف إلى ضمان وقف إطلاق النار المحتمل ومنع أي هجمات روسية جديدة.
لكن وجود قوة عسكرية متعددة الجنسيات في حال تحقيق السلام، وهو ما ترغب فيه كييف، يعد خطا أحمر بالنسبة إلى موسكو.