لماذا تدعم إسرائيل دروز سوريا؟
يرى محللون أن التزام إسرائيل بالدفاع عن الطائفة الدرزية في سوريا، رغم أنه يُفسَّر جزئيا بالضغوط السياسية الداخلية، يرمي بالأساس إلى تحقيق هدف استراتيجي بعيد المدى يتمثل في إضعاف البلد العربي المجاور.
وفي ظلّ الحرب المستمرة منذ 19 شهرا مع حركة حماس في قطاع غزة، كثّفت إسرائيل ضرباتها على سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر.
بعد اندلاع مواجهات دامية في سوريا على خلفية طائفية في مارس، هدّدت إسرائيل بالتدخّل عسكريا في سوريا إذا أقدمت السلطات على المساس بالدروز.
في الثالث من مايو، بعد اشتباكات متجدّدة، شنّت إسرائيل غارة على محيط القصر الرئاسي في العاصمة السورية. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "هذه رسالة واضحة للنظام السوري. لن نسمح بنشر قوات جنوب دمشق أو بتهديد الطائفة الدرزية بأيّ شكل من الأشكال".
يقول إفرايم عنبار، الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، "تشعر دولة إسرائيل بأنها مدينة للدروز ولمساهمتهم الاستثنائية في الجيش الإسرائيلي".
في إسرائيل، شارك الدروز في تظاهرات طالبوا فيها الحكومة بالدفاع عن أبناء طائفتهم في سوريا.
والدروز حاضرون في مناطق إسرائيلية منذ عام 1948، وهم يشغلون مناصب في الجيش والشرطة.
وبحسب رأي عنبار، فإن الدفاع عن الدروز هو أيضا جزء الاستراتيجية الجيوسياسية الجديدة بعد الأسد، والتي تتمثل في محاولة إسرائيل "حماية الأقليات الدرزية والكردية من الأغلبية السنية".
ويقول أندرياس كريغ، المحاضر البارز في "كينغز كولدج لندن"، إن إسرائيل لا تتحرك "بدافع إنساني تجاه الطائفة الدرزية"، بل إنها "تستخدم بوضوح (هذه الأقلية) كذريعة لتبرير احتلالها العسكري لأجزاء من سوريا".
بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت الاشتباكات التي اندلعت في 28 أبريل بين مسلحين دروز وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة، عن مقتل 126 شخصا في صحنايا وجرمانا قرب دمشق، وفي معقل الدروز في السويداء في جنوب غرب البلاد.
بعد هذه الاشتباكات، وصف الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز القادة الروحيين الدروز في السويداء، أعمال العنف الجارية بـ"هجمة إبادة غير مبررة"، ودعا إلى تدخل "قوات دولية لحفظ السلم"، مؤكدا أن الدروز "جزء لا يتجزأ من سوريا".
دعوات إسرائيلية لتقسيم سوريا؟
في 29 أبريل، قال وزير المالية الإسرائيلي المنتمي إلى اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي يشغل أيضا منصب نائب وزير الدفاع، إن الحرب "لن تنتهي إلا عندما يتم تفكيك سوريا، وهزيمة حزب الله بشكل حاسم، وإزالة التهديد النووي الإيراني، وتطهير غزة من حركة حماس".
ويؤكد وزير الخارجية جدعون ساعر باستمرار على "ضرورة حماية" المكونات الكردية والعلوية والمسيحية والدرزية في سوريا.
ومنذ العام 2013، نشر مقالا بعنوان "وداعا سوريا"، دعا فيه إلى تقسيم البلاد إلى كيانات متعددة على أسس عرقية ودينية، وإلى "حكم ذاتي درزي في جنوب غرب سوريا".
وإسرائيل وسوريا في حالة حرب منذ العام 1967، تاريخ احتلال إسرائيل لجزء من هضبة الجولان السورية، وإن كانت الحدود بينهما ظلت هادئة لسنوات طويلة.
ويعيش الدروز بشكل رئيسي في سوريا ولبنان وإسرائيل.
في إسرائيل، يشكّلون أقلية ناطقة بالعربية يبلغ عددها أكثر من 150 ألفا.
ويتوزّع الدروز على أكثر من 20 قرية في الجليل وجبل الكرمل وهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عدد حاملي الجنسية الإسرائيلية 153 ألفا، وفق دائرة الاحصاء المركزي.
يضاف إليهم نحو 23 ألفا في الجولان، غالبيتهم العظمى تحمل إقامات إسرائيلية دائمة.