"فكرة جديدة" حول كييف.. وواشنطن تلوّح بعقوبات ضد موسكو
في ظلّ توتر متصاعد بين واشنطن وموسكو بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أنّ نظيره الروسي سيرغي لافروف اقترح عليه "فكرة جديدة" بشأن النزاع في أوكرانيا خلال "محادثة صريحة" جرت بينهما في ماليزيا الخميس، على هامش اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا، "آسيان".
تحرّك الدبلوماسية يأتي في أعقاب تقارير عن عزم الكونغرس الأميركي اعتماد عقوبات جديدة ضدّ موسكو بعد موافقة البيت الأبيض على إرسال شحنات أسلحة إلى كييف.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، جدد انتقاداته لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الإثنين لعدم مساعدته في إنهاء الحرب وبعد شنّ موسكو الأسبوع الماضي أكبر هجوم جوي ضدّ كييف.
وفيما اعتبر الكرملين أن هذه التصريحات تُقابل بهدوء، شدّد المتحدث باسمه على أن موسكو ستواصل السعي لإصلاح العلاقات الثنائية "المتدهورة".
التغيير في الموقف الأميركي هذا الأسبوع جاء مع تزايد إحباط ترامب من عدم رغبة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الانخراط بجدية في مناقشات لإنهاء حربه على أوكرانيا. فهل تفلح الدبلوماسية في إنهاء الصراع الذي مضى عليه 40 شهرا؟
اللقاء الأميركي- الروسي على هامش "آسيان"
وفي ظلّ هذا التصعيد للضربات الروسية والتعثر الدبلوماسي، التقى وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الخميس، نظيره الروسي، سيرغي لافروف، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) في كوالالمبور.
وأعلن روبيو أن نظيره الروسي قدّم خلال لقائهما في ماليزيا "فكرة جديدة أو مفهوما جديدا" بشأن أوكرانيا سيتولّى نقله إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لمناقشته.

اجتماع وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة في كوالالمبور. AFP
وصرّح للصحافيين أنّها "ليست مقاربة جديدة. إنها فكرة جديدة أو مفهوم جديد سأنقله إلى الرئيس لمناقشته"، مشيرا إلى أنه ليس شيئا "يؤدي تلقائيا إلى السلام، لكنه قد يفتح مسارا".
وكشف روبيو أنّه أعرب خلال هذه "المحادثة الصريحة" في كوالالمبور عن "استياء" ترامب و"خيبة أمله" في ظلّ "انعدام التقدّم" في وقف الحرب.
وبعد جولتين من المحادثات المباشرة بين الروس والأوكرانيين في إسطنبول، ما زال الكرملين يرفض وقفا لإطلاق النار ويطالب أوكرانيا بالتخلّي عن 4 مناطق يحتلّها جزئيا وفكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الأمر الذي ترفضه كييف.
اللقاء جاء بعد تلويح ترامب بفرض عقوبات إضافية على موسكو، ومؤكدًا أنّه وافق على إرسال أسلحة دفاعية لأوكرانيا. وفيما اعتبر الكرملين أن هذه التصريحات تُقابل بهدوء، شدد المتحدث باسمه على أن موسكو ستواصل السعي لإصلاح العلاقات الثنائية "المتدهورة".
كما أثار تقرير لشبكة "سي.إن.إن" جدلاً بعد نقل تصريحات منسوبة للرئيس الجمهوري قال فيها إنه هدّد بقصف موسكو إذا غزت روسيا أوكرانيا، وهي مزاعم رفض الكرملين تأكيدها، معتبرًا أنّها قد تكون "مفبركة".
تحرك للكونغرس وعقوبات مرتقبة
وفي مبنى الكابيتول، قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الجمهوري، جون ثون، الأربعاء، إنهما سيحاولان تمرير تشريع هذا الشهر من شأنه أن يمنح ترامب القدرة على فرض عقوبات على مشتري صادرات الطاقة الروسية، وفق نقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
وكان قادة الحزب الجمهوري قد أبدوا سابقا تحفظاتهم بشأن هذا التشريع الذي رعاه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والسيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال، بحيث اعتبروا أن فرض عقوبات جديدة على مشتري الطاقة الروسية، قد يُقيد يد ترامب ويتعارض مع جهوده الرامية إلى جمع موسكو وكييف على طاولة المفاوضات.
وكان ثون قد أيّد مشروع القانون في أبريل، لكنه قال إنه سيحتاج إلى التشاور مع البيت الأبيض لتنسيق الجهود. وقال ثون في خطاب ألقاه أمام مجلس النواب إن المشرعين "أحرزوا تقدمًا ملموسًا" بشأن الاقتراح، وأنه قد يكون جاهزًا للمناقشة في المجلس هذا الشهر.
يهدف مشروع القانون إلى قطع عائدات الطاقة الروسية بفرض رسوم جمركية بنسبة 500% على الواردات الأميركية من الدول التي تشتري النفط والغاز واليورانيوم الروسي. يحظى مشروع قانون مجلس الشيوخ بأكثر من 80 راعيًا.
وقال جونسون للصحفيين: "أظهر فلاديمير بوتين عدم استعداده للتعقل والحديث بجدية عن التوسط في السلام، وأعتقد أنَّ علينا توجيه رسالةٍ له".
وفي اجتماع للحكومة، قال ترامب الثلاثاء إنه يفكر في دعم مشروع القانون مضيفا: "نتعرض لكثير من الهراء الذي يقذفه علينا بوتين.. إنه لطيف للغاية طوال الوقت، لكن اتضح أنّ كلّ هذا لا معنى له".
وعندما سأله أحد الصحفيين عن الإجراء الذي سيتخذه ضدّ بوتين، قال ترامب "لن أخبرك. نريد مفاجأة صغيرة".
وفي سياق منفصل، تعمل أوروبا على إعداد حزمة عقوبات جديدة على موسكو.
سياسة ترامب المتذبذبة تجاه أوكرانيا
تذبذبت سياسة الإدارة تجاه أوكرانيا، إذ حاول ترامب الضغط على كلٍّ من زيلينسكي وبوتين لتقديم تنازلات لإنهاء الحرب.
ويرى مايكل كوفمان، الزميل البارز في برنامج روسيا وأوراسيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أنّ المسؤولين في إدارة ترامب "لا يتراجعون، ولا يتخذون القرارات السياسية التي تمنحهم زمام هذه الحرب، بل وضعوا أنفسهم أقرب إلى دور التحكيم، رغم أن المفاوضات لم تُحرز أي تقدم"، كما يقول.
وكان متحدثون باسم البيت الأبيض والبنتاغون قد أكّدوا الثلاثاء، استئناف بعض عمليات نقل شحنات الأسلحة إلى كييف بتوجيه من ترامب، لكنهم لم يُحددوا طبيعة الأسلحة المُرسلة إلى أوكرانيا.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي: "كما أثبتت عملية مطرقة منتصف الليل، فإنّ الجيش الأميركي أقوى من أي وقت مضى، يريد الرئيس ترامب وقف القتل، وقد تعهد بتزويد أوكرانيا بذخائر دفاعية إضافية".
أُثيرت شكوك حول مستقبل المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا الأسبوع الماضي، بعد مراجعةٍ أجراها البنتاغون للمخزونات العسكرية الأميركية والمساعدات في جميع أنحاء العالم، حيث كشفت وزارة الدفاع عن بعض أنواع الأسلحة التي كانت تتدفق إلى البلاد، وفق "واشنطن بوست".
وصرحت مصادر الأسبوع الماضي بأنّ المسؤولين يعتزمون تعليق بعض المساعدات نظرًا لضرورة هذه الأسلحة لأولويات أميركية أخرى.