سياسة

بريطانيا تقترب من الاعتراف بدولة فلسطين.. لكن لماذا الآن؟

نشر
blinx
في تحوّل بارز في السياسة الخارجية البريطانية، أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر عزمه على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، ما لم تستجب إسرائيل لجملة من الشروط، من بينها التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار والالتزام بمسار سلام طويل الأمد.
وتمثل هذه الخطوة تحولًا في الموقف البريطاني التقليدي الذي كان يربط الاعتراف بفلسطين بمرحلة "الأثر الأقصى" ضمن عملية سلام شاملة، دون تحديد إطار زمني أو شروط واضحة.
لكن وللمرة الأولى، حدّدت الحكومة البريطانية شروطًا ملموسة وجدولًا زمنيًا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، بحسب صحيفة الغارديان. ما الذي يعنيه الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

خطوة تحمل أبعادا سياسية

يُعد الاعتراف البريطاني المرتقب خطوة رمزية كبيرة، لكنها تحمل أبعادًا سياسية واضحة، إذ تُعد بمثابة إقرار رسمي بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، دون الخوض في التفاصيل المعقدة مثل ترسيم الحدود أو تحديد العاصمة.
وسيسمح الاعتراف بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، من خلال تعيين سفير فلسطيني في لندن، وسفير بريطاني في فلسطين. ويرى مؤيدو الخطوة أنها قد تحيي المسار السياسي نحو حل الدولتين.
ورغم أن نحو 140 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين، بينها الصين، الهند، روسيا، وقائمة من الدول الأوروبية مثل قبرص، إيرلندا، النرويج، إسبانيا والسويد، فإن أي دولة من مجموعة السبع لم تتخذ هذه الخطوة حتى إعلان فرنسا الأخير بأنها تعتزم الاعتراف بفلسطين خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

لماذا الآن؟

يعود توقيت الإعلان البريطاني إلى عاملين دوليين وضغوط داخلية متزايدة:
  • خارجيًا، بادرت فرنسا عبر إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون بأن بلاده ستعترف بفلسطين في سبتمبر، مما شكّل حافزًا لبريطانيا للسير في الاتجاه ذاته، وإن بشروط إضافية.
  • أما العامل الآخر فتمثل في رد الفعل الأميركي غير المعارض. إذ قال الرئيس دونالد ترامب، عندما سئل عن إمكانية اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية: "لا مشكلة لديّ في أن يتخذ (ستارمر) موقفًا. ما أركز عليه الآن هو إطعام الناس". كما قلّل ترامب من أهمية الخطوة الفرنسية، قائلًا إنها "لا تهم" ولا "تحمل أي وزن".
  • على الصعيد الداخلي، يواجه ستارمر ضغطًا متصاعدًا من داخل حكومته ومن البرلمان. عدد من وزرائه البارزين، مثل أنجيلا راينر وإيفيت كوبر، يؤيدون الاعتراف الفوري، وطرح وزراء آخرون، مثل ويس ستريتينغ وشبانه محمود، القضية خلال اجتماعات الحكومة. كما وقع أكثر من 250 نائبًا من مختلف الأحزاب، بينهم ثلث نواب حزب العمال، على رسالة تطالب بالاعتراف الفوري.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة Survation لصالح شركة Ecotricity – التي أسسها أحد داعمي حزب العمال – أن 49% من البريطانيين يؤيدون الاعتراف بفلسطين، مقابل 13% فقط يعارضونه.

ما مضمون الخطة البريطانية؟

أوضح بيان رسمي صدر مساء الثلاثاء، أن بريطانيا ستعترف بفلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما لم تلتزم إسرائيل بـ:
  • وقف فوري لإطلاق النار.
  • التعهد بعدم ضم الضفة الغربية.
  • اتخاذ "خطوات جوهرية" لإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة، بما يشمل السماح بإيصال المساعدات عبر الأمم المتحدة.
وتشير هذه الشروط إلى مطالبة إسرائيل بإحياء أفق حل الدولتين، رغم رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لهذا المسار منذ سنوات.
كما تضمن البيان شروطًا موجّهة لحركة حماس، منها:
  • الإفراج الفوري عن جميع الرهائن.
  • القبول بوقف إطلاق نار فوري.
  • الالتزام بنزع السلاح.
  • عدم المشاركة في أي حكومة مستقبلية لقطاع غزة.
وسيقوم ستارمر في سبتمبر بتقييم مدى التزام الجانبين، إسرائيل وحماس، بهذه الشروط قبل اتخاذ القرار النهائي.

"خطة سلام موثوقة"

وأشارت الحكومة البريطانية إلى أنها تعمل، بالتوازي مع خيار الاعتراف، على "خطة سلام موثوقة" بالتعاون مع حلفاء دوليين، تشمل:
  • ترتيبات انتقالية للحكم والأمن في غزة.
  • ضمان إيصال مساعدات الأمم المتحدة.
  • انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
  • إزاحة قيادة حماس كخطوة نحو حل سياسي قائم على دولتين.

من قد ينضم إلى الاعتراف؟

يمهّد البيان البريطاني لإمكانية اعتراف مشترك بين بريطانيا وفرنسا بدولة فلسطين في سبتمبر.
وتشارك دول عدة في محادثات تجري حاليًا في نيويورك، برعاية فرنسية-سعودية، حول الاعتراف. وتأمل فرنسا أن تصدر بعض الدول العربية مواقف علنية ضد حماس وتطالب بنزع سلاحها، لتشجيع المزيد من الدول الأوروبية على اتخاذ خطوة مماثلة.
ومن بين الدول الأوروبية التي لم تعترف بعد بفلسطين، أعلنت بلجيكا أنها ستعيد النظر في موقفها في سبتمبر.
لكن بعض الدول، مثل ألمانيا والولايات المتحدة، ما تزال متمسكة بموقفها الرافض للاعتراف بدولة فلسطينية خارج إطار تسوية شاملة للنزاع في الشرق الأوسط.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة