ترامب يأتي بخطة "جيش خاص" لأوكرانيا.. وكييف: موسكو تصعّد
في اليوم نفسه الذي تكشف فيه
ذا تلغراف ملامح خطة سلام غربية طويلة الأمد لأوكرانيا تتضمن منطقة عازلة منزوعة السلاح بعمق 20 كلم على جانبي خط الجبهة المجمّد، واعتماد متعاقدين أميركيين مسلّحين لبناء التحصينات وحماية المصالح الأميركية، وشرطة جوية لإعادة فتح الطيران التجاري تدريجياً، وقوة مهام بحرية في البحر الأسود، وبعثات تدريب غربية داخل أوكرانيا، وقوة طمأنة أوروبية قوامها آلاف الجنود، تعلن وزارة الدفاع الروسية، السبت 30 أغسطس أيضا، إسقاط 20 طائرة مسيّرة أوكرانية صباحاً (18 فوق القرم و2 فوق سمولينسك)، بعد بيان سابق عن تدمير 86 مسيّرة خلال الليل وحتى السبت.
وفي المقابل يقول الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن موسكو تستغل فترة التحضير لقمة محتملة بين البلدين لشن هجمات جديدة وضخمة، داعياً إلى إجراءات صارمة بحق ممولي الجيش الروسي وعقوبات فعّالة على القطاع المصرفي وقطاع الطاقة.
وبالتوازي يعلن الجيش الأوكراني استهداف مصفاتي نفط في كراسنودار وسيزران خلال الليل مع حرائق وأضرار محلّية، فيما تفيد القوات الجوية الأوكرانية بأنّ روسيا أطلقت 537 مسيّرة و45 صاروخاً في هجوم ليلي، وأن الدفاعات الأوكرانية أسقطت 510 مسيّرات و38 صاروخاً.
ملامح خطة السلام كما أوردتها ذا تلغراف
تنقل صحيفة ذا تلغراف أنّ الفكرة الأساسية تقوم على منطقة عازلة منزوعة السلاح بعمق 20 كلم على جانبي خط الجبهة المجمّد، مع ترجيح أن يكون الجنود الأوكرانيون خط الدفاع الأول ضدّ أيّ حرب مستقبلية، وترجيح أن توفّر الولايات المتحدة معلومات استخبارية لأوكرانيا وللبعثة المكلفة بحفظ السلام.
يجري التفاوض على إسناد قيادة بعثة حفظ السلام إلى الناتو أو الولايات المتحدة.
وتناقَش هذه الترتيبات إلى جانب ضمانات أمنية أخرى وضعتها ائتلافية الراغبين بقيادة المملكة المتحدة وفرنسا، مع احتمال إعلان تفاصيل نهائية تشمل الشرطة الجوية للتأمين الجوي والتدريب ومهام بحرية في البحر الأسود ابتداءً من عطلة نهاية هذا الأسبوع، وذلك بعد أسابيع من التحرك الدبلوماسي الذي أثارته محادثات ترامب مع بوتين في ألاسكا.
وتقول الصحيفة إنّها استندت إلى إحاطات أكثر من 10 مسؤولين غربيين لتنشر ما تعتبره أشمل رواية لكيفية إنفاذ مهمة أوروبية لأي اتفاق سلام.
وتسارَع التخطيط بعد إبلاغ ترامب القادة الأوروبيين أنّ بوتين منفتح على أن يقدّم الحلفاء الغربيون ضمانات أمنية لأوكرانيا، كما أبدت أميركا استعدادها لدعم ما قد يكون إحدى أكبر المهمات الخارجية منذ حربي أفغانستان والعراق.
تعزيز الحدود وإعادة بناء الردع الأوكراني
تتمثل الاستراتيجية الأساسية لمنع اندلاع حرب مستقبلية في مواصلة إعادة بناء القوات الأوكرانية المنهَكة لتكون أداة الردع الرئيسية.
وبموجب الخطة، تتولى تشكيلات أوكرانية الدفاع عن حدود محصّنة عند خطوط الجبهة التي يتم الاتفاق عليها في أي اتفاق سلام.
وتُعاد تسليح قوات كييف وتدريبها على أيدي حلفاء الناتو الأوروبيين عبر آليات قائمة وجديدة.
فعلى سبيل المثال قد تواصل أوكرانيا شراء أنظمة أميركية مثل بطاريات باتريوت أو راجمات هيمارس باستخدام أموال توفّرها الدول الأوروبية.
المتعاقدون الأميركيون ودورهم الردعي
يمكن أن تُشيَّد تحصينات الخطوط الأمامية والقواعد القريبة عبر شركات عسكرية خاصة أميركية.
ويُنظر إلى وجود متعاقدين أميركيين على الأرض في أوكرانيا بوصفه دعماً كبيراً للقوى الأوروبية التي تريد إشراكاً أميركياً في أي اتفاق سلام، إذ يعني ذلك أن للبيت الأبيض مصلحة مباشرة في الميدان بما يزيد أثر الردع ضد أي هجوم روسي.
وتعود مناقشات الاستعانة بمتعاقدين إلى توقيع اتفاق مشترك لاستخراج ثروات أوكرانيا من المعادن والعناصر الأرضية النادرة بين واشنطن وكييف.
ولا يزال البيت الأبيض يعارض نشر قواته في أوكرانيا، لكنه وافق على تقديم دعم واسع لاستخدام قوات أوروبية لترسيخ أي اتفاق سلام.
المنطقة العازلة وقوات المراقبة.. ما دور الصين؟
طرحت بعض الدول الأوروبية فكرة إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تفصل القوات الأوكرانية والروسية بعد انتهاء القتال، على أن تتولى قوات حفظ سلام أو مراقبون باتفاق كييف وموسكو مهمة الدوريات داخلها في أي تسوية.
ومن المرجّح أن يطالب زيلينسكي بنشر قوات أوروبية في المنطقة، فيما اقترح الكرملين إشراك الصين كضامن أمني.
وبحسب فايننشال تايمز اقترح ترامب أيضاً نشر قوات صينية لحفظ السلام في أوكرانيا ما بعد الحرب خلال لقائه القادة الأوروبيين الأسبوع الماضي.
غير أنّ الخلافات بين الطرفين تجعل هذا الخيار غير مرجّح، إذ إن الفكرة التي طرحها بوتين أولاً عارضتها أوروبا ورفضها زيلينسكي بسبب دعم بكين "للمجهود الحربي الروسي"، كما تُصر الدول الأوروبية على أنّها لن تضع رجالها ونساءها العسكريين على خطوط التماس بين الجيشين.
وردّاً على تقارير إنشاء منطقة عازلة قال زيلينسكي إن الروس يمكنهم الانسحاب إذا أرادوا خلق مسافة أكبر بينهم وبين القوات الأوكرانية.
تبحث خطة لنشر قوة تقودها أوروبا في عمق الأراضي الأوكرانية لتشكّل خط دفاع ثالث وردعي إذا عادت الحرب، على أن تكون بالأساس قوة ردع قوامها آلاف الجنود الأوروبيين.
وقد أبلغت عشرات الدول نظراءها استعدادها للانضمام إلى الانتشار بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا إضافة إلى دول البلطيق والشمال والإسكندنافية.
وسبق أن طُرح حجم قوامه نحو 30 ألف جندي أوروبي ثم جرى تقليصه بسبب نقص الموارد والخشية من أن يُنظر إليه بوصفه مبالغاً في استعراض القوة، كما أن عروض الدعم للمهمة لم تُرفق غالباً بتعهّدات ملموسة.
وستتوقّف القوة على تعهّدات أميركية تشمل شبكة أمان ودعماً آخر في مجالي اللوجستيات والاستخبارات.
وبحسب ذا تلغراف، لن تُنشر قوة الطمأنة إلا لفترة تتراوح بين 5 و10 سنوات أو إلى أن تتيقن الدول المشاركة من قدرة الجيش الأوكراني على الدفاع عن نفسه.
الشرطة الجوية وفتح الطيران التجاري
تجري مناقشات بين دول أوروبية بشأن إدخال منطقة حظر طيران تسمح لأوكرانيا بإعادة فتح خطوط الطيران التجاري بثقة.
يكشف المخطط أنّه قد يُنفَّذ تدريجياً بدءاً من غرب البلاد ثم يمتد ليشمل مزيداً من الأجواء إلى أن تصبح البلاد بأكملها آمنة للطيران التجاري.
يُنظر إلى استئناف الرحلات الجوية كعنصر أساسي لتحفيز الاستثمار ولمساعدة اللاجئين على العودة.
في البداية تستهدف المهمة عبر دوريات لمقاتلات غربية وأنظمة دفاع جوي أرضية فتح مطار لفيف ومطارات أخرى في غرب البلاد، ومع تزايد الثقة في صمود ترتيبات وقف النار ستمتد المهمة شرقاً نحو كييف ومدن أخرى.
قوة مهام بحرية في البحر الأسود
بموجب الخطط تتولى تركيا قيادة مهمة بحرية لتأمين ممرات الشحن من وإلى أوكرانيا.
وبينما نجحت كييف في إبقاء ممرات بحرية خاصة بها مفتوحة زمن الحرب ستعمل العملية على إعادة فتح المزيد عبر دوريات بحرية غربية.
كما ستقود المهمة جهود إزالة الألغام من المياه بدعم من بلغاريا ورومانيا.
بعثات التدريب الغربية داخل أوكرانيا
أرجح أشكال الانتشار الأوروبي سيكون عبر مدرّبين عسكريين يُنقلون إلى قواعد جديدة في غرب أوكرانيا.
طُرحت الفكرة أول مرّة من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، العام الماضي وسط مخاوف من تغيّب عدد كبير من الجنود الأوكرانيين من معسكرات التدريب في فرنسا، ورفضها الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، حينها باعتبارها تصعيدية.
لكنها عادت هذا العام تحت ضغط ترامب لبناء خطة سلام بوصفها وسيلة لمنح ردع إضافي ضد عودة الحرب، كما أن قوات التدريب ستسرّع وتيرة إعادة تسليح الجيش الأوكراني وبنائه لإحداث تأثير القنفذ الفولاذي على خطوط الجبهة.
وإلى جانب المهمة الفرنسية سيُنقل على الأرجح برنامج التدريب البريطاني عملية إنترفليكس إلى غرب أوكرانيا وفق الخطط الحالية.
الشكوك تجاه نوايا موسكو والحوافز الاقتصادية
يسود لدى مسؤولين أوروبيين شعور بأنّ خطط الضمانات الأمنية قد لا ترى النور لأنهم غير واثقين من استعداد بوتين للموافقة على وقف إطلاق نار.
وقد وصفت روسيا المقترحات الغربية بأنها أحادية الجانب ومصممة لاحتواء روسيا، ما زاد منسوب الشكوك في أوروبا.
ودفع تردد بوتين ترامب إلى سحب الحوافز الاقتصادية المعروضة على موسكو لإنهاء الحرب.
وكشفت ذا تلغراف أنّ الرئيس الأميركي وصل إلى قمة أنكوريدج في ألاسكا ومعه مجموعة فرص مربحة لبوتين منها فتح موارد ألاسكا الطبيعية أمام موسكو ورفع بعض العقوبات الأميركية عن قطاع الطيران الروسي، وأكبر تلك العروض صفقة محتملة تمنح بوتين حق الوصول إلى معادن وعناصر نادرة في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا حالياً.
وفي المقابل قال أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني عقب لقائه ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لترامب في نيويورك إنه لا تُمارَس ضغوط أميركية على أوكرانيا لتقديم تنازلات إقليمية.
ما أبرز المستجدات الميدانية السبت؟
أفادت وزارة الدفاع الروسية بإسقاط 20 طائرة مسيّرة أوكرانية بين الساعة 04:00 و08:00 ت.غ صباح السبت، بينها 18 فوق القرم وطائرتان فوق سمولينسك، وذلك بعد بيان سابق عن تدمير 86 مسيّرة خلال الليل وحتى السبت. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة هذه التقارير بشكل مستقل.
وكتب زيلينسكي على منصة إكس أن موسكو تستغل فترة التحضير لاجتماع قمة محتمل بين البلدين لشنّ هجمات جديدة وضخمة، موضحاً أن الطريقة الوحيدة لإعادة فتح الطريق أمام فرصة دبلوماسية هي اتخاذ إجراءات صارمة ضدّ كلّ من يمول الجيش الروسي وفرض عقوبات فعّالة على موسكو، خاصة على القطاع المصرفي وقطاع الطاقة، مع عدم تحديد موعد لاجتماع بين الزعيمين حتى الآن.
وأعلن الجيش الأوكراني استهداف مصفاتي نفط في منطقتي كراسنودار وسيزران خلال الليل.
وسجل عدة انفجارات وحريق عند مصفاة كراسنودار بجنوب روسيا التي تنتج 3 ملايين طن من المنتجات النفطية الخفيفة سنوياً.
وقالت سلطات كراسنودار إن حطام طائرة مسيّرة ألحق أضراراً بإحدى وحدات المصفاة مما أدّى إلى اندلاع حريق امتدّ على مساحة 300 متر مربع قبل إخماده لاحقاً، من دون إصابات ومع إجلاء العاملين.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية إسقاط 11 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق منطقة كراسنودار خلال الليل.
واندلع حريق أيضاً في موقع مصفاة سيزران في منطقة سامارا التي بلغت طاقتها الإنتاجية 8.5 ملايين طن سنوياً قبل أغسطس، وأكد حاكم سامارا وقوع محاولة لاستهداف منشأة صناعية خلال الليل من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت 537 مسيّرة و45 صاروخاً في هجوم ليلي، وأن الدفاعات أسقطت 510 من أصل 537 مسيّرة و38 من أصل 45 صاروخاً، مع تسجيل خمس ضربات صاروخية و24 هجوماً بمسيّرات استهدفت 7 مواقع، وتساقط شظايا في 21 موقعاً.