سياسة

غزة وإسرائيل عند المواصي.. منطقة إنسانية أم بوابة الحرب؟

نشر
blinx
بينما يواصل الجيش الإسرائيلي تصعيد عملياته في قطاع غزة، أعلن السبت عن إنشاء "منطقة إنسانية" في المواصي بخانيونس، تضم مستشفيات ميدانية، خطوط مياه ومحطات تحلية، ومراكز توزيع غذاء وخيم وأدوية، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
غير أنّ هذه الخطوة التي تروَّج باعتبارها منفذاً إنسانياً، تأتي في سياق استعدادات عسكرية لدخول مدينة غزة، حيث يعيش نحو مليون نسمة وفق تقديرات الأمم المتحدة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كانت حماية المدنيين أولوية فعلية أم جزءاً من معركة أوسع لحسم الحرب.
وفي ظل هذا المشهد، يتقاطع ملف الأسرى المحتجزين لدى حماس مع جدل داخلي إسرائيلي حول معنى "النصر"، فيما يحذّر مراقبون من أنّ غياب رؤية سياسية بديلة سيحوّل "الممرات الإنسانية" إلى فخّ جديد للمدنيين، ويترك مصير الحرب رهينة لمعادلة معقدة تجمع بين السلاح والدعاية والمساومات.

اعرف أكثر

"منطقة إنسانية" أم بوابة التصعيد؟

بحسب الجيش الإسرائيلي، فإن منطقة المواصي بخانيونس صُممت لتأمين المدنيين وتوفير بنى تحتية حيوية، بينها مستشفيات ميدانية، خطوط مياه، محطات تحلية، وإمدادات غذائية وطبية تدخل بتنسيق دولي.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، دعا سكان مدينة غزة إلى "اغتنام الفرصة" والانتقال جنوباً مبكراً، مشيراً إلى أنّ "الآلاف سبق أن وصلوا بالفعل".
لكن الإعلان ترافق مع بدء عملية "مركبات جدعون 2"، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية أبراجاً شاهقة في غزة زعمت أنها استخدمت من قبل حماس كمراكز مراقبة وغرف عمليات، تمهيداً لدخول بري حسب القناة 12 الإسرائيلية.

المعضلة الإنسانية في مواجهة الواقع الميداني

وكالة فرانس برس نقلت عن سكان غزة قولهم إنّ "لا مكان آمناً" في القطاع، وإنهم يفضلون الموت في بيوتهم على النزوح مرة أخرى.
وفيما يشير الجيش الإسرائيلي إلى تشغيل خطوط مياه جديدة وزيادة طاقة محطات التحلية وإدخال آلاف الخيام والأدوية إلى المنطقة الإنسانية، حسب معاريف، تحذّر الأمم المتحدة من "كارثة" إنسانية في حال شنّ هجوم واسع على مدينة غزة.

ورقة الأسرى في قلب المعركة

ملف الأسرى يبقى أحد أبرز العقد. الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أعلن أنّ واشنطن تجري مفاوضات "متعمقة للغاية" مع حماس، وطالبها بالإفراج عن جميع الرهائن فوراً، محذراً من أنّ الوضع سيكون "صعباً وسيئاً" إذا استمرت الحركة في احتجازهم، وفق رويترز.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يصرّ على أنّ الحرب لن تنتهي إلا بعودة كل الأسرى دفعة واحدة ونزع سلاح حماس وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع، رافضاً أي صفقة جزئية، حسب القناة ١٣ الإسرائيلية.
وأبلغ رئيس الأركان، إيال زامير، عائلات الأسرى أنّ أبناءهم "على باله" في العملية، مؤكداً أنّه يتصرف بمسؤولية تجاه القوات والأسرى، وفق تايمز أوف إسرائيل.
لكن تقارير إسرائيلية أفادت بأن خططاً سابقة لإطلاق سراح جميع الأسرى عبر صفقة شاملة أُسقطت من قِبل نتنياهو عام 2024، ما عمّق الشكوك في نيات الحكومة.
وصعدت عائلات الأسرى موقفها، متهمة القيادة السياسية بإرسال الجنود إلى "حرب أبدية ستؤدي إلى قتل أو اختفاء الرهائن"، ودعت إلى العودة الفورية للمفاوضات، وفق القناة ١٣ الإسرائيلية.

جدل "النصر" و"الحسم" داخل إسرائيل

تحليل تمير هايمان، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية، نشرته القناة 12 الإسرائيلية، يسلّط الضوء على مأزق مفهوم "النصر".
فإسرائيل، برأيه، قد تكون أقرب من أي وقت مضى لتحقيق أهدافها: إضعاف حماس، استعادة الردع، وتهيئة الظروف لصفقة أسرى.
لكنه شدد، حسب رأيه، على أنّ الحسم العسكري الكامل يظل بعيداً من دون بديل مدني قادر على ملء الفراغ.
هايمان أشار، في تقرير نشرته القناة ١٢ الإسرائيلية، إلى أنّ حماس لم تعد جيشاً منظماً، بل تحولت إلى خلايا حرب عصابات، وأن السيطرة على غزة لا تعني القضاء عليها. فالحسم مرهون بسلطة بديلة تضمن عدم إعادة بناء قوتها.

حرب نفسية موازية للمعركة الميدانية

القناة 13 الإسرائيلية قدّرت أنّ حماس ستكثف دعايتها عبر بث مقاطع مصورة للأسرى، بغرض الضغط على إسرائيل للعودة إلى المفاوضات، مع اعتراف الجيش بعدم امتلاكه معلومات استخباراتية كاملة عن مواقعهم.
ونُقل أنّ حماس صوّرت فيديوهات في مخيم الشاطئ شمال غرب غزة، في منطقة لم تصل إليها القوات الإسرائيلية بعد.
هذه الحرب الدعائية تقابلها حملة عسكرية ميدانية، مع استمرار إسقاط الأبراج في غزة، واستهداف مبانٍ قالت إسرائيل إنها تضم مخازن أسلحة ومواقع قناصة، وفق معاريف.

اليوم التالي لغزة.. سؤال بلا إجابة

"رغم أنّ إسرائيل تسيطر حالياً على أكثر من 70% من القطاع وفق التقديرات العسكرية، فإن غياب رؤية سياسية لإدارة "اليوم التالي" يفتح الباب أمام إعادة تموضع حماس عبر السيطرة على المساعدات الإنسانية واستقطاب الشباب"، حسب ما نقلت القناة ١٢ الإسرائيلية.
ويرى مراقبون أنّ أي إعلان عن "النصر" لن يكون نهاية الحرب، بل بداية مرحلة استنزاف جديدة ضد خلايا حماس، ما لم تُنشأ سلطة مدنية بديلة تشرف على المساعدات وتنافس الحركة على النفوذ، تضيف القناة الإسرائيلية.
ففي ظل استمرار الغارات وتوسّع العمليات البرية، تبقى "المناطق الإنسانية" في غزة محاطة بالشكوك بين كونها ملاذاً للمدنيين أو ورقة ضغط عسكرية.
ملف الأسرى يزيد الانقسام داخل إسرائيل، فيما يبقى مفهوم "الحسم" بعيد المنال من دون بديل سياسي.
وبين الحرب الميدانية والحرب النفسية، يقف أكثر من مليوني فلسطيني أمام معضلة النزوح القسري أو البقاء تحت النار، بينما يظل الطريق إلى تسوية شاملة مليئاً بالعقبات.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة