فزاعة الصواريخ.. سلاح إسرائيل لحرب جديدة مع إيران؟
في كل مرة يقترب فيها الشرق الأوسط من لحظة تهدئة، تعود إسرائيل لتلوّح بما تسميه "الخطر الصاروخي الإيراني". فبينما تسعى العواصم الغربية إلى إحياء المسار الدبلوماسي مع طهران، ترفع تل أبيب منسوب التهديد، مصوّرةً إيران كقوة قادرة على ضرب المدن الأميركية والأوروبية، في محاولة لتبرير تصعيد جديد وربما حرب أخرى.
ففي مقابلة مع المدوّن الأميركي بن شابيرو، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إيران "تعمل حالياً على تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات يصل مداها إلى 8000 كيلومتر"، مضيفاً أن "إضافة 3000 كيلومتر أخرى سيجعل مدناً مثل نيويورك وواشنطن وبوسطن وميامي وحتى مقر إقامة الرئيس الأميركي في فلوريدا ضمن مرمى نيرانها". وردّت طهران على هذه التصريحات بوصفها "ملفّقة"، مؤكدةً أنها مجرّد ذريعة إسرائيلية لتصعيد التوتر وتبرير سياساتها العدائية.
لكن ما تصفه إيران بـ"التهديد الخيالي" يبدو أقرب إلى أداة سياسية تستخدمها إسرائيل لإبقاء الأجواء مشتعلة ولصرف الأنظار عن مأزقها الداخلي وعن حربٍ لم تحقق أهدافها. فبحسب تقارير
ذا ديفنس بوست و
المجلس الأطلسي، تعتمد تل أبيب في خطابها الأمني على تضخيم الخطر الإيراني لتبرير استمرار ضرباتها ورفضها لأي تسوية دبلوماسية.
إسرائيل تلوّح بـ"إنهاء المهمة" ضد إيران
في مقابلة مع قناة
نيوزماكس، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل "لم تُنهِ بعد مهمتها ضد إيران"، مؤكداً أن بلاده "أوقفت" تقدم طهران نحو السلاح النووي لكنها "ستُكمل ما بدأته أميركا".
وأضاف أن إيران "تسعى لتطوير وسائل الموت الجماعي، القنابل الذرية والقدرات على إيصالها إلى كل مسرح قريب"، ملمّحاً إلى أن الصراع لم ينتهِ بعد.
تأتي هذه التصريحات بعد الحرب الأخيرة التي بدأت يوم 13 يونيو الماضي واستمرت 12 يوما، وشهدت ضربات إسرائيلية وأميركية استهدفت منشآت نووية في أصفهان ونطنز وفوردو.
ويبدو أن نتنياهو يسعى إلى استثمار نتائج تلك الحرب لتبرير سياسة هجومية جديدة، إذ أعلن أن "التغيير في النظام الإيراني ممكن من الداخل"، داعياً إلى استمرار الضغط حتى انهيار النظام.
إيران تردّ باتهام إسرائيل باختلاق "تهديد خيالي"
في المقابل، ردّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على تصريحات نتنياهو بالقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي "اختلق تهديداً صاروخياً وهمياً لتبرير حرب جديدة"، معتبراً أن تل أبيب تحاول "خداع واشنطن مجدداً كما حدث في العراق" حين استُخدمت مزاعم أسلحة الدمار الشامل لتبرير الغزو الأميركي.
كما وصفت طهران في بيانٍ نقلته صحيفة
ذا ديفنس بوست تصريحات نتنياهو بأنها "مجرد تضخيم إعلامي"، مؤكدةً أن قدراتها الصاروخية دفاعية بحتة ولا تهدف إلى تهديد المدن الأميركية كما زعم.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران تمتلك ترسانة من الصواريخ متوسطة المدى، مثل شهاب-3، يصل مداها إلى ألفي كيلومتر، أي كافية لضرب أهداف داخل إسرائيل، لكنها لا تملك حالياً صواريخ عابرة للقارات كما تدّعي تل أبيب.
وأكد عراقجي أن بلاده "لا تسعى إلى الحرب، لكنها مستعدّة لها"، في وقتٍ تتّهم فيه إيران إسرائيل والولايات المتحدة بمحاولة منع أي اتفاق نووي جديد كان قاب قوسين من التوقيع قبل اندلاع الحرب في يونيو الماضي.
بحسب تحليل
المجلس الأطلسي، تعتمد القيادة الإسرائيلية الحالية على افتراضات غير واقعية بشأن قدرتها على "استكمال المهمة" ضد إيران.
يشير التقرير إلى أن تل أبيب، رغم تحقيقها مكاسب عسكرية خلال الحرب السابقة، لم تنجح في القضاء على القدرات النووية الإيرانية أو منع طهران من إعادة بناء منظومتها الصاروخية.
ويحذّر التحليل من أن أي حرب جديدة ستكون أكثر صعوبة من سابقتها، لأن إيران باتت أكثر استعدادا عسكريا، وقد استفادت من دروس الحرب السابقة في تعزيز دفاعها الجوي وتطوير قدراتها الباليستية.
كما يلفت إلى أن إسرائيل قد لا تحظى مجدداً بالدعم الأميركي المكثّف الذي ساعدها في الحرب الأخيرة، خاصة بعد الانتقادات الواسعة التي طالت حجم المساعدات الأميركية البالغة 800 مليون دولار لأنظمة الدفاع الصاروخي.
ويخلص التقرير إلى أن إسرائيل تُخطئ حين تفترض أن إسقاط النظام الإيراني ممكن عبر القوة العسكرية، موضحاً أن الهجوم الإسرائيلي السابق عزّز الشعور القومي داخل إيران بدلاً من إضعاف النظام. لذلك، فإنّ تجديد الحرب لن يُسقط النظام بل سيمنحه فرصة لتعبئة الداخل تحت شعار "المقاومة الوطنية".
ويؤكد التقرير أن الخيار الأكثر واقعية لحماية مصالح إسرائيل هو دعم اتفاق نووي جديد يضمن رقابة دولية على برنامج إيران النووي ويمنعها من تطوير سلاح نووي، بدلاً من الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة قد تتحول إلى حرب استنزاف طويلة دون نهاية واضحة.