"اقتلوا أنفسكم".. عصابة 764 تتحكم بالأطفال "أونلاين"

المجموعة التي استهدفت فتاة أوكلاهوما، قابلها صحافيو واشنطن بوست، ومجلة وايرد، ودير شبيغل.

وسمّى الجناة أنفسهم مجموعة "764"، وهو العنوان البريدي للمراهق الذي أنشأه في عام 2021.

الجناة الذين حددتهم السلطات ينقسمون بين أولاد غير بالغين ورجال في منتصف الأربعينيات من العمر. ومهمتهم أن يبحثوا عن أطفال يعانون من مشكلات في الصحة العقلية ويبتزوهم لإيذاء أنفسهم أمام الكاميرا.

ينتمون إلى مجموعة على الإنترنت فيها آلاف من الأعضاء، التي غالبا ما تنقسم وتتخذ أسماء جديدة، ولكنها تظل تستخدم التكتيكات نفسها.

هؤلاء الجناة لا يسعون للحصول على المال من خلال "الابتزاز الجنسي" كما يقول الضحايا، لكنهم فقط يريدون أن يستمتعوا بمنظر الدماء.

وأصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي تحذيرا في سبتمبر 2023 حدد فيه 8 مجموعات تستهدف القُصَّر الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و17 عاما، وتسعى إلى إيذائهم من أجل "الترفيه أو الإحساس بالسيطرة".

لا تنشط هذه المجموعة وغيرها من المجموعات التي تفعل ذات الأفعال على تطبيق Discord فقط، وإنما هم نشطون جدا على تطبيق Telegram الذي يتيح محادثات جماعية ويستخدمه أكثر من 800 مليون شخص شهريا.

يوفر Telegram وDiscord اتصالات مشفرة بالكامل، وهي ميزة تحمي الخصوصية، ولكنها تجعل مراقبة المكالمات أكثر صعوبة.

ويولي التطبيقان مهمة الإشراف على المحتوى لمسؤولي المجموعات على التطبيق، أي أنه لا يمكن حذف المحتوى مثل إنستغرام أو فيسبوك، بل المستخدم المسؤول للمجموعة هو من يحدد، ولا تتدخل إدارة التطبيق إلا في بعض الحالات عندما تنتهك المنشورات سياساتها.

وينشر أعضاء هذه المجموعات مواد إباحية خاصة بالأطفال، ومقاطع فيديو لتقطيع الجثث، وصورا للجروح التي أصاب بها الأطفال أنفسهم بأمر من الجناة.

تقول المنصات، إن ردع هذه الجماعات يمثل أولوية ملحة، لكن إزالة آلاف الحسابات كل شهر غير كافٍ، لأنه سرعان ما ينشئ المستخدمون المستهدفون حسابات جديدة ويجتمعون مرة أخرى بسرعة، وفقا لمقابلات مع الضحايا.

ولم ترد Telegram على أسئلة الصحافيين حول هذه الشبكة، لكنها قالت إنها تزيل "ملايين" من أجزاء المحتوى الضار كل يوم من خلال "المراقبة الاستباقية للأجزاء العامة من النظام الأساسي وتقارير المستخدم".

وقالت المتحدثة باسم Telegram، ريمي فون: "إساءة معاملة الأطفال والدعوات إلى العنف محظورة بموجب نظامنا الأساسي الذي أنشأناه". وبعد حديث الصحافيين مع Telegram أغلق التطبيق عشرات المجموعات بعد أن حدد أنها مراكز تواصل للشبكة 764.

في مجموعات الدردشة الخاصة بالشبكة 764 التي تضم قرابة الـ5 آلاف عضو، يتفاخرون بأفعالهم المسيئة ويشجعون بعضهم بعضا، وكشف التحقيق عن أنهم يتشاركون النصائح حول مكان العثور على الفتيات اللاتي يعانين من اضطرابات نفسية.

وفي محادثة جماعية على Telegram في أبريل الماضي، كتب أحد هؤلاء الأعضاء أنه حصل على مقطع فيديو مدته 18 دقيقة لقاصرة تمارس أفعالا جنسية، وكتب أنها "الفتاة الـ14 هذا الشهر".

شركة Discord قالت إنها حذفت 34 ألف حساب مرتبطة بمجموعة 764، هذا ما كشفته متحدثة باسم الشركة رفضت كشف هويتها خوفا من أن تنتقم المجموعة منها.

المثير في هذه القصة أن هذه التصرفات لا تحدث في الـDeepWeb وإنما على تطبيقات متاحة للجميع، ويمكن تنزيلها بطريقة سهلة جدا، وغالبا أنت كقارئ لهذه القصة لديك أحد هذه التطبيقات.

ما هو الـDeep Web؟

هو جزء من الإنترنت الذي لا يمكن الوصول إليه بسهولة عبر محركات البحث الشهيرة مثل غوغل.

ويشمل الـDeep Web شبكات خاصة محمية تستخدم للنشاط الإجرامي والتبادل السري للمعلومات. ويشكل هذا الجزء من الإنترنت تحديا للسلطات التي تتابع النشاط عبر الإنترنت والرقابة عليه بسبب طبيعته غير المرئية والمخفية.

المتحدثة باسم Discord قالت إن الشركة تستخدم الذكاء الاصطناعي، أو AI، للكشف عن السلوك المفترس لهذه العصابات عن طريق تحديد النصوص المسيئة والصور الجنسية للأطفال، ويغلق الـAI الحسابات وحظر المستخدم من خلال التعرف على عنوان الـIP، أو عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص به.

لكن هذا الحديث لم يرق للضحايا وذويهم الذين تحدثت معهم واشنطن بوست، وحمّلوا المسؤولية كاملة لإدارة التطبيقات التي يستخدمونها.

والدة فتاة أوكلاهوما حمّلت الشرطة وإدارة تطبيق Discord المسؤولية الكاملة عن حياة ابنتها وإساءة معاملتها.

مؤسس 764 هو صبي يبلغ من العمر 16 عاما من ولاية تكساس الأميركية، استخدم أشكالا مختلفة من الأسماء المستعارة مثل "فيليكس" و"براد" في أثناء إدارة المجموعة عبر الإنترنت من منزل والدته.

سرعان ما طوّر المراهق الذي كشف عن اسمه وهو "برادلي كادينهيد" أتباعا عبر الإنترنت باعتباره زعيم طائفة تصف نفسها بأنها "تقدر الأعمال السادية"، وفقا لسجلات المحكمة التي تصف حياته على الإنترنت وفي العالم الحقيقي.

وتقول السجلات، إن كادينهيد أصبح مفتونا بالصور العنيفة في سن العاشرة وبعد 3 سنوات، تم إرساله إلى مركز احتجاز الأحداث بعد أن هدد بإطلاق النار على مدرسته.

تم اعتقال كادينهيد في يوليو 2021، وفي حديثه لاحقا إلى ضابط الشرطة، قال كادينهيد إن مجموعته استقطبت ما يصل إلى 400 عضو ينشرون بصورة روتينية صورا سادية، بما في ذلك مقاطع فيديو للتعذيب والانتهاكات.

كادينهيد، البالغ من العمر الآن 18 عاما ويقضي عقوبة السجن لمدة 80 عاما بتهمة الحيازة بقصد الترويج لاستغلال الأطفال في المواد الإباحية، لم يرد على رسالة تطلب إجراء مقابلة معه، ووالداه لم يردا على الرسائل.

وقال كريس بيري، محامي كادينهيد، إنه قد يطعن في الحكم، مستندا إلى "مشكلات في الصحة العقلية" للمتهم.

لسنوات عديدة لم تعرف الفتاة ولا أمها من هو الشخص الذي عذّب ابنتها من وراء الشاشات، وهذا ما أدى إلى جعل الأم تخشى مما قد تفعله العصابة معها بعد ذلك. وقالت الأم: "شعرت بالارتياح خلال الشهر الماضي عندما أخبرني أحد مراسلي صحيفة واشنطن بوست باعتقال كادينهيد".

وقالت إن ابنتها، الآن 17 عاما، عُولجت في مؤسسات الصحة العقلية في السنوات القليلة الماضية. ووجدت الأم قدرا من الاستقرار منذ خضوع ابنتها للعلاج من الصدمة بسبب الإساءة عبر الإنترنت.

ولكن يبقى شيء يذكّر فتاة أوكلاهوما بالماضي، إنها ندبة على فخدها تحمل الرقم "764"، وهو نتيجة طلب أفراد العصابة منها أن تحفره على فخذها في أحد الأيام يوم كانت خاضعة لهم.