التجنيد في تركيا.. كل ما نعرفه عن جاسوس إيران في إسرائيل

مردخاي ميمان، إسرائيلي يدخل الآن عقده الثامن من العمر، لديه سجل جنائي في بلده، قرر بدء حياة جديدة في تركيا كرجل أعمال، لكن فصلا جديدا من حياته كان على وشك البدء في مايو 2024.

تعرّف ميمان على رجلين تركيين هما أندري فاروق أصلان وجنيد أصلان، اللذين قدما نفسيهما في صورة رجال أعمال، ليبدأ معهما رحلة أخرى إلى مدينة سمنداغ بإسكندرون التركية.

أقنعه الرجلان بشراكة مع رجل أعمال إيراني أطلقا عليه اسم إيدي.

تحدث ميمان مع رجل الأعمال الإيراني هاتفيا للمرة الأولى، وادعى إيدي أنه لا يستطيع مغادرة بلاده، وفي الوقت نفسه لا يستطيع الإسرائيلي الدخول لإيران بصورة رسمية، ليكون الحل هو تهريب ميمان عبر الحدود المشتركة.

بالقرب من مدينة فان الحدودية بين تركيا وإيران خرجت سيارة على متنها ميمان، وبعد دخول الحدود الإيرانية التقى مع إيدي ورجل آخر يدعى هاجا، والذي تم تقديمه كعميل من جهاز أمن إيراني، لتبدأ الرحلة الحقيقية، بحسب الرواية الإسرائيلية.

اقترح إيدي، الذي يتحدث العبرية بطلاقة، على رجل الأعمال الإسرائيلي القيام بمهام تشمل نقل أموال أو أسلحة وإلقائها في نقاط محددة مسبقا، وتصوير أماكن مزدحمة مختلفة في إسرائيل وإرسالها إلى السلطات الإيرانية، بحسب زعم هيئة البث الإسرائيلية.

في كابينة شاحنة، دخل ميمان مرة أخرى إلى إيران "تهريبا" في أغسطس، وفي منزل إيدي التقى مسؤولي الاستخبارات الإيرانية ليطلبوا منه تدبير عمليات اغتيال لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أو وزير الدفاع يوآف غالانت، أو رئيس الشاباك رونين بار.

مستوى التأمين العالي للقادة الإسرائيليين كان هو مبرر ميمان لاستبعاد فكرة اغتيالهم، ليكون البديل اغتيال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، انتقاما لمقتل رئيس حماس إسماعيل هنية.

سأل الإيرانيون ميمان إن كان يعرف مدينة رعنانا، وحينما أجاب بالإيجاب اقترحوا اغتيال بينيت بعبوة ناسفة، لكنهم اختلفوا على المقابل، إذ طلب الإسرائيلي دفعة مقدمة قدرها مليون دولار، لكن الإيرانيين عرضوا دفع مبلغ يتراوح بين 300 و400 ألف دولار، فرفض.

بعد الفشل في الاتفاق على الدفعة الأولى، غادر الوكلاء وأخبره إيدي أنهما سيعودان إليه متوسلين، بحسب هيئة البث، لكن صحيفة معاريف تشير إلى رفض الإيرانيين المقابل المالي، وإبلاغه أنهما سيتصلان به لاحقا.

ورغم فشل المفاوضات، فقد حصل ميمان على 5000 يورو من إيدي وممثل للاستخبارات الإيرانية مقابل مشاركته في الاجتماعات قبل مغادرة إيران، بحسب معاريف.

لدى ميمان سجل جنائي سابق مع 5 اتهامات إحداها تعود للعام 2013، وزعم بأن لديه علاقات بالعصابات في إسرائيل. ويقول محاميه إن مردخاي نفسه "قدم خدمات أمنية لإسرائيل" لم يوضحها، فيما يخدم أبناؤه في المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

قدمت السلطات الإسرائيلية لائحة اتهام أمنية ضد ميمان، واعتبر مسؤول بارز في جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلي، شين بيت، أن هذه قضية خطرة للغاية وتجسد الجهود الهائلة التي يبذلها عملاء الاستخبارات الإيرانية لتجنيد مواطنين إسرائيليين للقيام بأعمال عنف في إسرائيل، مضيفا: "في وقت تخوض إسرائيل حربا على عدة جبهات فإن تحركات المشتبه به ساعدت إيران وأجهزتها الاستخباراتية في حملتها ضد إسرائيل".

ويقيّم المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن إيران تلجأ، من بين أمور أخرى، إلى أشخاص ذوي خلفية إجرامية من أجل تنفيذ عمليات داخل إسرائيل، بحسب معاريف.

لكن أغسطس لم يكن شهر سقوط ميمان وحده، فقد سقط قبله إيدن دباس الذي طلب منه بعض المهام التي تبدو غريبة بعض الشيء مثل وضع رؤوس دمى مقطوعة على باب منازل مسؤولين إسرائيليين مقابل ١٢ ألف دولار، بحسب هآرتس.

وفي يوليو ٢٠٢٤، ألقي القبض على إليمليخ شتيرن، 21 عاما، بعد أن تكليفه بمهام تتضمن تسليم طرود تحتوي على رسائل تهديد، بما في ذلك رأس مقطوع لحيوان، إلى أبواب الإسرائيليين.

وطُلب من شتيرن أيضا إشعال حريق في غابة وقتل شخص ما، لكنه لم ينفذ هذه المهام، بحسب ما نقلت CNN عن الأمن الإسرائيلي.

وذكر تقرير هآرتس أن إيران تسعى بشكل متزايد لتجنيد إسرائيليين للقيام بمهام تجسس أو تنفيذ أنشطة تخريبية داخل إسرائيل. الأسلوب الأكثر شيوعًا للتجنيد يتم من خلال منصات التواصل الاجتماعي مثل تلغرام، وواتساب، وفيسبوك، وإنستغرام.

ويتنكر العملاء الإيرانيون في هيئة محترفين مثل وكلاء عقارات، ويغرون الإسرائيليين بإمكانية كسب المال بطريقة سهلة، ولكن في حالة دباس استخدمت طهران أسلوب يُعرف بـ"النهج الأمامي"، حيث يتواصل المشغلون الإيرانيون مع الإسرائيليين بشكل مباشر دون إخفاء هويتهم.