رسائل التفاوض بين قائد "قسد" والشرع.. وسيناريوهات "المفخخات"
رغم أن التفجير الأخير الذي ضرب مدينة منبج السورية قبل يومين يعتبر حدثاً أمنياً بامتياز، إلا أنه يحمل في طياته أبعاداً أكبر، وتتعلق بالسياق الذي جاء فيه، وما سبقه من تطورات حصلت على الأرض.
أسفر التفجير عن مقتل وجرح 30 مدنياً ولم تعرف الجهة التي تقف خلفه حتى الآن، وجاء في وقت كانت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والإدارة الجديدة في دمشق
تتبادلان رسائل التفاوض عبر وسائل الإعلام.
فما السر وراء ذلك التفجير؟ وكيف يمكن تفسير تزامنه مع المفاوضات الحاصلة بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي؟ وما التطورات التي سبقت حدوثه؟
"ليس الأول لكنه الأكثر دموية"
لم يكن التفجير الأخير في منبج الأول من نوعه، بل سبقته 6 تفجيرات، وأسفرت في غالبيتها عن ضحايا مدنيين، ومع ذلك كان الأكثر دموية، إذ سقط إثره 15 مدنياً بينهم 14 امرأة.
سبق هذا التفجير إعلان أحمد الشرع رئيساً انتقالياً لسوريا، كما أعلن عن حل جميع الفصائل المسلحة في شمال البلاد ضمن وزارة الدفاع السورية، وهي التي بصدد تشكيل "
الجيش السوري الجديد".
وعلى أساس ما سبق يرى مراقبون في حديث لهم لبلينكس أن ما حصل لا يمكن فصله عما جرى في دمشق من جهة، وعن المسار المتعلق بالمفاوضات الحاصلة بين الشرع وعبدي لحل قضية "قسد" الشائكة وموقعها المستقبلي في "سوريا الجديدة".
ونفت "قسد" مسؤوليتها عن التفجير، كما أبدت استعدادها للمشاركة في التحقيقات. وفي حين وجهت فصائل مسلحة أصابع الاتهام لها، ولم يحملّ بيان الإدارة السورية الجديدة أية مسؤولية للقوات الكردية.
يعتبر الباحث السوري، رامي الخليفة العلي أن "التفجير يعبّر عن إحساس قسد بأن هنالك تغييرات واستحقاقات قادمة لا محالة في شمال شرق سوريا"، ويقول لبلينكس إن "القوات الكردية تستخدم كل الطرق من أجل تأجيل هذه الاستحقاقات".
لكن الباحث السوري، إبراهيم مسلّم يرى في المقابل أن "التفجير يسعى لخلق فتنة بين الإدارة في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية".
كما يقول مسلّم لبلينكس أيضاً إن الجهة التي تقف خلفه "من مصلحتها عدم التوصل إلى أي نتائج على صعيد المفاوضات القائمة"، بين عبدي وأحمد الشرع.
ولم تتضح الصورة المتعلقة بالمفاوضات حتى الآن بين دمشق و"قسد"، وبينما يتبادل الطرفان رسائل إيجابية ويستعرضان وجهات النظر يعتقد مسلم أن التفجيرات قد تندرج في سياق عرقلتها.
على ماذا تتفاوض "قسد" ودمشق؟
يتركز التفاوض بين "قسد" وإدارة دمشق على عدة ملفات أبرزها قضية ارتباط الأخيرة بـ"حزب العمال الكردستاني"، مع ضرورة اندماجها في الجيش السوري الجديد، دون أن تبقى ككتلة واحدة.
وقال عبدي، الاثنين، إنهم يرغبون بأن يكونوا "جزءاً من وزارة الدفاع واستراتيجية الدفاع السورية"، وأضاف أنهم أرسلوا مقترحاً بهذا الشأن إلى دمشق وينتظرون الرد.
وفي المقابل قال
الشرع إن "قسد مستعدة لفرض وضع يكون فيه السلاح بيد الدولة وحدها، لكن خلافات لا تزال قائمة إزاء بعض الأمور".
"سيناريوهان لا ثالث لهما"
ويوضح الباحث العلي أنه يوجد سيناريوهان لا ثالث لهما على صعيد التفاوض القائم بين "قسد" ودمشق:
- الأول أن يتم التوصل لصفقة تسفر عن حل "قسد" عسكرياً مع بقاء حضورها سياسياً.
- ويذهب السيناريو الثاني باتجاه "حفاظ واشنطن على قسد وبالتالي تجميد الوضع في شرق سوريا على الحال الموجود عليه حالياً"، وهو الأمر الذي لا تريده دمشق وتركيا.
من جهته يشير الباحث مسلّم إلى "وجود تفاؤل بالحل السياسي بين قسد ودمشق"، ويقول: "ما دام هناك عقلاء من جميع الأطراف فإن مجريات الأوضاع ذاهبة باتجاه الحل السياسي".
كما يعتبر الباحث أن "التفجير الأخير لا يعتبر مؤشراً على فشل المفاوضات"، بل محاولة لفرض "العرقلة والتأثير".