في خطوة مفاجئة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صباح الإثنين، تعيين قائد القوات البحرية السابق إيلي شارفيت رئيسًا لجهاز الشاباك، خلفًا لرونين بار. لكن هذا الإعلان، ما لبث أن شابه الجدل، إذ أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو يعيد النظر في تعيينه، لا سيما أن شارفيت كتب مقالا مطلع العام 2025 على موقع كالكاليست انتقد فيه سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما يخص المناخ.
ليس هذا فحسب، فقد طلب عضو مجلس الشيوخ الأميركي عبر حسابه على إكس من الإسرائيليين إعادة النظر في هذا التعيين الذي قال إنه "سيثير مشكلة".
ورغم كون شارفيت شخصية عسكرية شهيرة، فإن تعيينه هذا أثار العديد من التساؤلات حول مدى استعداد الشخص الذي لا يمتلك خبرة في شؤون الأمن الداخلي لقيادة جهاز الاستخبارات الداخلي في إسرائيل، حسب تقرير لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وكان بار، الذي صوّت مجلس الوزراء على إقالته رسميًا في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن أنه لن يغادر منصبه حتى يتم إعادة جميع الرهائن الإسرائيليين من غزة، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية في هجوم 7 أكتوبر، وهو مطلب تعارضه الحكومة.
وتأتي هذه الخطوة في ظل جدل سياسي وقانوني واسع، بعد أن أصدرت المحكمة العليا أمرًا قضائيًا مؤقتًا يمنع إقالة بار، خاصة في ظل تحقيقات الشاباك حول مزاعم بوجود علاقات بين كبار مساعدي نتنياهو وقطر، التي تدعم حماس.
لكن رغم ذلك، سُمح لنتنياهو بإجراء مقابلات مع 7 مرشحين لاختيار خليفة له، وتم ترشيح شارفيت لهذا المنصب، على أن تخضع تسميته لمراجعة لجنة التدقيق قبل أن يُعرض القرار على مجلس الوزراء للمصادقة النهائية.. فمن هو شارفيت وما تاريخ عملياته البحرية؟ ولماذا أثار عدم معرفته باللغة العربية جدلا في الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية؟
اعرف أكثر
وُلد إيلي شارفيت في إسرائيل وبدأ مسيرته العسكرية في البحرية الإسرائيلية عام 1985. ومع مرور الوقت، تدرج في المناصب العسكرية داخل البحرية حتى أصبح قائدًا لها بين عامي 2016 و2021. خلال تلك الفترة، قاد العديد من العمليات الاستراتيجية التي شكلت محاور رئيسية في الدفاع البحري الإسرائيلي.
بين أبرز العمليات التي نفذها خلال قيادته للبحرية الإسرائيلية:
تعزيز الوجود العسكري في البحر الأحمر، والذي أصبح مركزًا رئيسيًا للتحديات الأمنية بسبب الأنشطة الإيرانية المتزايدة بجانب أنشطة الحوثيين. وفي تصريح له نقلته صحيفة هآرتس، في سبتمبر 2021 أشار شارفيت إلى أهمية الحفاظ على خطوط الشحن الآمنة في البحر الأحمر في مواجهة التهديدات الإيرانية المتزايدة، مشددًا على ضرورة حماية حرية الملاحة البحرية في هذه المنطقة الهامة.
كما قام بتوجيه جهود البحرية لحماية منصات الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط. حيث تعد هذه المنشآت من المصادر الأساسية للطاقة في إسرائيل، وهو ما أكده تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت في 2023. في تلك الفترة، كانت إسرائيل تواجه تهديدات من حزب الله، الذي كان يسعى لاستهداف هذه المنشآت الحيوية.
إضافة إلى ذلك، كان له دور مهم في اعتراض شحنات الأسلحة التي كانت تُرسل إلى حزب الله. وفي تصريحات نقلتها صحيفة جيروزاليم بوست، أكد شارفيت أن البحرية الإسرائيلية تمكنت من اعتراض العديد من الشحنات التي كانت تحتوي على أسلحة كانت تهدد أمن إسرائيل.
منذ مغادرته سلاح البحرية في 2021، انتقل شارفيت للعمل في القطاع المدني حيث تولى مناصب قيادية في شركات تجارية. ومنذ فترة قصيرة، عُين عضوًا في لجنة من الضباط العسكريين السابقين التي شكلها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللواء إيال زامير، من أجل تقييم التحقيقات الخاصة بأحداث 7 أكتوبر.
لكن تعيينه في منصب رئيس جهاز الشاباك يعد تحولًا كبيرًا في مسيرته المهنية، إذ يُعتبر الشاباك الجهاز المسؤول عن مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن الداخلي في إسرائيل، ويعد هذا المنصب حساسًا للغاية، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة في المنطقة.
وسيكون على شارفيت الاستفادة من تجربته في مجال الأمن البحري لتطبيق استراتيجيات مبتكرة لمكافحة التهديدات غير التقليدية.
وفي ظل التوترات المتزايدة في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، ستكون هناك حاجة كبيرة لتعميق التعاون الأمني مع حلفاء إسرائيل. وبحسب تقارير نشرتها صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن التعاون الدولي مع الدول الغربية في مجال تأمين الطرق البحرية وحماية الشحنات التجارية سيكون أمرًا بالغ الأهمية.
تشير التقارير إلى أن شارفيت لا يجيد اللغة العربية ولم يسبق له الانخراط في الشؤون الفلسطينية ومتابعتها أمنيا، وهو ما يثير الشكوك حول قدرته على قيادة الجهاز الذي يتعامل بشكل أساسي مع القضية الفلسطينية.
لكن وجود شارفيت على رأس الجهاز، ليس بالأمر غير المسبوق لرؤساء الشاباك. ففي عام 1996، تم تعيين عامي أيلون، القائد السابق للبحرية، في المنصب ذاته رغم افتقاده للخبرة في هذا المجال.
في ذات السياق، وبفضل خلفيته العسكرية، سيكون شارفيت مطالبًا بتحديث آليات عمل جهاز الشاباك، وقيادة عملية تطوير الأساليب والتقنيات التي يستخدمها الجهاز، سواء من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، أو تعزيز العمليات الاستخباراتية التقليدية، سيعتمد جهاز الشاباك على رؤيته المستقبلية لزيادة فعاليته.
ورغم اختياره من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلا أنه شارك في الاحتجاجات ضد خطة الإصلاح القضائي التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية في عام 2023. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت انضم شارفيت إلى الاحتجاجات في تل أبيب في مارس 2023 حيث عبر عن قلقه إزاء التشريعات المخطط لها، لكن دون أن يدعو إلى الامتناع عن الخدمة العسكرية، كما فعل بعض قادة الجيش السابقين.