بين الصين وروسيا.. إيران تعيد تقييم مظلتها الجوية
بعد الهجمات الإسرائيلية في يونيو الماضي، تسعى طهران إلى إعادة هيكلة منظومتها الدفاعية الجوية، في محاولة لسدّ الثغرات التي كشفتها حرب الـ12 يوما.
وبحسب تقارير، فإن إيران تدرس مجددًا خيار التوجّه شرقًا، وتحديدًا إلى الصين، للحصول على دعم تكنولوجي متطور، رغم أنّ روسيا ما زالت أيضًا مرشّحة كمصدر محتمل للمساعدة العسكرية، بحسب تقرير لصحيفة
ديرشبيغل الألمانية.
دفاعات باكستان تغري طهران
النموذج الذي تنظر إليه طهران حاليًا هو منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9، والتي استخدمها الجيش الباكستاني بنجاح مؤخّرًا خلال اشتباكات محدودة مع الهند في إقليم كشمير المتنازع عليه، وأظهرت تلك العملية أنّ الجيش الباكستاني تمكن من إسقاط 3 طائرات هندية، بينها طائرة فرنسية متطورة من طراز "رافال"، بفضل استخدامه لتقنيات صينية حديثة.
ورغم أن بعض تلك الإنجازات نُسبت إلى أخطاء ارتكبها الجيش الهندي أكثر من تفوق الأسلحة الصينية، فإنّ الرسالة لم تغب عن أنظار إيران، التي كانت قد تعرضت لضربات قاسية على يد إسرائيل، رغم امتلاكها أنظمة دفاعية روسية مثل S-300.
نسخة صينية من الفشل الروسي؟
اللافت أن HQ-9 الصينية مستوحاة في الأصل من نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-300، الذي تعتمد عليه إيران بالفعل، لكنّه فشل في صدّ الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة.
ومع ذلك، تعتقد طهران أن المشكلة لم تكن في التقنية بحدّ ذاتها، بل في ضعف التكامل بين مختلف وحدات الدفاع الجوي، واعتمادها على أنظمة متقادمة غير متجانسة، كما يشرح الخبير العسكري فابيان هينز من "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" (IISS).
يقول هينز: "القوة الجوية كانت الحلقة الأضعف في المواجهة الأخيرة. إيران راهنت على أن الردّ الصاروخي سيشكل رادعًا كافيًا، لكنها أهملت تطوير الدفاعات الجوية لسنوات طويلة".
طائرات قديمة وعيون مغلقة في السماء
تعتمد إيران حاليًا على مقاتلات أميركية وروسية قديمة تعود إلى ما قبل الثورة، وهي غير قادرة على مواجهة أحدث الطائرات التي تمتلكها إسرائيل. كما تعاني طهران من نقص حادّ في قدرات المراقبة الجوية عبر الطائرات، ما دفعها للاعتماد على الرادارات الأرضية، التي دُمّر العديد منها في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
وإلى جانب القصور التقني، أظهرت العمليات الإسرائيلية اختراقًا استخباراتيًا كبيرًا، إذ تمكنت وحدات إسرائيلية خاصة من تدمير مواقع للدفاع الجوي الإيراني باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ أُطلقت من داخل الأراضي الإيرانية نفسها.
خيارات محدودة وضغوط سياسية
بحسب الصحيفة الألمانية، مهمة إيران حاليا مزدوجة:
- إعادة بناء منظومة الدفاع الجوي
- رفع مستوى فعاليتها في مواجهة هجمات جوية متطورة.
فموسكو، رغم امتلاكها التكنولوجيا، لا تستطيع حاليًا تزويد إيران بالكميات المطلوبة بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا، على حدّ قول هينز.
وكانت موسكو قد وعدت طهران سابقًا بمقاتلات من طراز "سوخوي 35"، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مقابل تزويد إيران لروسيا بطائرات "شاهد" المسيّرة. إلّا أنّ موعد التسليم تأخر، ولا توجد مؤشرات واضحة حول ما إذا كانت الصفقة ستُستكمل.
في المقابل، تبدو الصين أكثر قدرة على تلبية احتياجات إيران، سواء من حيث الكمية أو الجودة. وتُطرح إلى جانب HQ-9 أنظمة صينية أخرى مثل طائرات J-10 المزودة بصواريخ PL-15 المتقدمة، التي أثبتت فاعليتها في كشمير.
لكن الانخراط الصيني في دعم إيران ليس بلا ثمن سياسي، إذ قد يُنظر إليه كخطوة استفزازية، ما قد يدفع إسرائيل إلى شنّ جولة ضربات جديدة لإفشال عملية إعادة بناء الدفاعات الإيرانية.
ويختم هينز بالقول: "سلاح الجو الإسرائيلي يتمتع بتفوق ساحق، إلى درجة أن إيران لا يمكنها الآن سوى محاولة التشويش على الهجمات وتحقيق نجاحات محدودة، أما منع هجوم واسع النطاق، فذلك يبقى هدفًا صعب المنال".