"تغيير التاريخ والدين".. غضب سوري من تعديل المناهج الدراسية

ألغت وزارة التربية والتعليم مادة التربية الوطنية من المناهج الدراسية، "نظرا لما تحتويه من معلومات مغلوطة كانت تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد، وترسيخ قواعده".

وشملت التعديلات إعادة مادة التربية الدينية الإسلامية والمسيحية إلى المجموع العام، وباتت ضمن المجموع العام للشهادة الثانوية بفرعيها.

ومن بين التعديلات البارزة التي أثارت جدلا واسعا، تعديل عبارة "أن يبذل الإنسان روحه للدفاع عن وطنه" بـ "أن يبذل الإنسان روحه في سبيل الله".

وكذلك عبارة "الشهداء ضحوا للحفاظ على تراب الوطن" إلى "ضحوا في سبيل الله"، واستبدال "المغضوب عليهم،ولا الضالين" بـ "ابتعدوا عن طريق الخير باليهود والنصارى".

وعدلت الوزارة السورية أشياء تتعلق بالتاريخ العثماني، وألغت فقرتي فقرتي "رأى جور العثمانيين" و"في ظل سلطة عثمانية غاشمة"، كما شملت التعديلات استبدال "حرب تشرين التحريرية"، إلى "حرب عام 1973".

ودعا مواطنون وخبراء، وزارة التربية والتعليم السورية إلى تغيير التعديلات الجديدة، إذ يرى البعض أنها لم تكن موفقة، خاصة الأمور التي تتعلق بتغييرات الدين.

وقال خبير العلاقات الدولية والسياسية، قصي عبيدو، في حديث مع بلينكس، إن بعض قرارات وزارة التربية والتعليم كانت "لا بد منها"، ومن بينها إلغاء التربية الوطنية.

وأشار عبيدو إلى أن مادة التربية الوطنية كانت بالفعل "تمجد كليا النظام السابق، وتجسد الوطن في شخصه ونظامه فقط"، الأمر "الذي جعل حذف المادة منطقيا".

لكن الخبير السوري يقول إن بعض التعديلات الأخرى التي أقرتها وزارة التربية والتعليم "جانبها الصواب"، وخاصة، استبدال معنى "غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، في مادية التربية الإسلامية بوصف يشير إلى "اليهود والنصارى".

وأكد عبيدو أن الوصف الجديد يثير النعرات الطائفية دون داع، مؤكدا أن الدولة تحتاج إلى تعزيز التجانس بين أبناء الشعب السوري، وفصل الدين عن الدولة، ونبذ التعصب.

وقالت المواطنة السورية، ريتا فاخوري، إنها غاضبة بسبب "الإساءة المنهجية ضد فئات بعينها، مشيرة إلى أن استبدال "المغضوب عليهم، بالنصارى واليهود كان خطأ كبيرا".

وعقبت فاخوري: "هل المغضوب عليهم والضالين صاروا النصارى واليهود؟ وزنوبيا ملكة تدمر صارت شخصية خيالية؟! والدفاع عن الوطن ضد الاحتلال الإسرائيلي لازم ينحذف؟! شو الجيل اللي بدو يربى نتيجة هيك أفكار؟".

القرارات أغضبت قطاعا كبيرا من السوريين، الذين شنوا حملات هجوم على وزارة التعليم، بينما ظهرت على استحياء بعض الإشادات بنسبة ضئيلة للغاية.

وأبدى أحد المتفاعلين على بيان الوزارة على "فيسبوك"، انزعاجه من التغييرات، وعلق: "هذا اسمه تخبيص.. التخبيص في أي شيء بحجة (بكير - بدنا هدوء - خلينا نعطي الموضوع فرصة) كله مقبول، أمّا التخبيص في التعليم فهو غير مقبول إطلاقاً، تعديل المناهج يحتاج لجنة مختصة، ومختصة جداً ومؤهلة أكاديمياً على أعلى مستوى)، أمّا هاد التعديل اسمه تخبيص وبس".

وانتقد مايكل خوري تغيير المناهج، مشيرا إلى أن تعديلها "إجراء غير قانوني، وليس من صلاحيات سلطة الأمر الواقع وبخاصة حذف نظریات علمية مثبتة وحقائق تاريخية".

وأضاف خوري: "تضمين بعض المناهج عبارات إقصائية لا تليق بنا كشعب سوري ولا تليق بالمواطنة"، متسائلا: "من هي اللجنة التي شكلت لتقوم بهذا العمل؟ ومن شكلها؟".

ورأت متفاعلة مع القرار أن الحكومة السورية تسرعت بسبب إقدامها إجراء تغيير في المناهج أثناء العام الدراسي، وعلقت قائلة: "معقول حكومة تسيير أعمال تشيل مواد و تحط مواد ونحنا أصلا بمنتصف العام الدراسي؟ عشو مستعجلين فهمونا معلش".

أكد أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي، في حديث مع بلينكس، أن "الحوار سيكون في اتجاه واحد"، تعقيبا على التعديلات التي أقرتها وزارة التربية والتعليم دون مشاورات.

وأضاف فهمي: "سيكون هذا هو الوضع السائد خلال الفترة السياسية الانتقالية، والتي ستكون طويلة مثلما أكد أحمد الشرع عندما أعلن عن الحاجة إلى 4 سنوات، لكتابة دستور وإجراء انتخابات".

وأوضح فهمي: "التعديلات على مناهج التعليم في سوريا، تعكس تحولات حقيقية وجذرية قادمة على عدة مستويا، تشمل الدراسة والعملية التعليمية برمتها".

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن التغييرات المتوقعة في سوريا لن تؤثر على التعليم فقط، وإنما ستشمل تمكين المرأة وفرص الشباب، معتبرا أن الأمر يأتي ضمن "منظومة أوسع لإدارة المرحلة الانتقالية".

ونوه إلى أن إلغاء مادة التربية الوطنية من المناهج الدراسية يحمل دلالات عميقة تتجاوز حدود المادة نفسها أن هذه التحولات ليست مقتصرة على مادة التربية الوطنية فحسب، بل تمتد إلى تغييرات شاملة في المناهج التعليمية، وربما تصل إلى مناهج الجامعات، مثل كليات الآداب والتاريخ والفلسفة.