صراعات‎

وثائق استخبارات سورية.. عائلات تتجسس على بعضها "وفيسبوك يقتل"

نشر
blinx
كشفت وثائق استخباراتية سورية سرية حصلت عليها صحيفة "التايمز" عن مدى الرعب الذي عاشه السوريون في عهد النظام السوري السابق، حيث كان أفراد الأسرة يتجسسون على بعضهم البعض، وكان أدنى شك قد يؤدي إلى زج الناس العاديين، بما في ذلك الأطفال، في شبكة من السجون سيئة السمعة للتعذيب والإعدام، مع دفن الضحايا في مقابر جماعية.
وتقول الصحيفة أنها كشفت عن آلاف الملفات، وكشفت عن الطريقة التي تسلل بها النظام إلى مجموعات المحتجين منذ بدء الثورة عام 2011. كما كشفت عن تفاصيل شبكات واسعة من المخبرين.
وتظهر هذه الوثائق، بحسب الصحيفة، الطريقة التي تعمل بها أجهزة الأمن السورية "غير الكفوءة" عن:
  • الشك المستمر في أن المخبرين هم عملاء مزدوجون.
  • الطريقة التي يتجسس بها المخبرون من أجهزة الاستخبارات المختلفة على بعضهم البعض.
  • استجواب الأطفال المتهمين بعدم الولاء للنظام.
  • تدوين الملاحظات بدقة حول علاقات الحب للمشتبه بهم.

كيف حصلت الصحيفة على هذه الوثائق؟

هذا الشهر، تقول الصحيفة إنها حصلت على إذن بالدخول إلى ٤ قواعد استخباراتية في مدينة حمص.
وتقول إنها حللت وثائق تتعلق بالطريقة التي أرغم بها النظام الناس على الاعتراف ضد أصدقائهم وأقاربهم وجيرانهم. وكشفت عن سجلات اعتقال ومخابئ اتصالات داخلية تتعلق بإدارة والتحقيق مع المخبرين.
وتوضح أنه سمح لها بالبحث في الوثائق ونسخها ونشرها بشرط تغيير الأسماء والتواريخ والمواقع المحددة.

"العصافير" والجواسيس

تُظهر الوثائق كيف كان المخبرين يُعرفون باسم "العصافير". بعضهم تجسس على أصدقائه وأقاربه، وأحيانًا على مخبرين آخرين.
كما كُشفت شبكات فساد داخل الأجهزة الأمنية، حيث كان بعض المخبرين يهربون أشخاصًا مقابل أموال، بينما يتعاونون مع المعارضة لكسب الثقة.

تشبه "ستازي" ألمانيا الشرقية.. كيف تدار أجهزة الأمن السورية؟

كان النظام السوري يسجل تفاصيل حياة من يضعهم تحت المراقبة بدعوى التشكيك في عداوته، بل حتى أولئك من يعملون لصالحه.
مثل جهاز "الستازي" في ألمانيا الشرقية، كان النظام يسجل بتفصيل قاسٍ حياة الأشخاص الذين كانوا يشك في أنهم ليسوا مؤيدين بشكل كامل له، بما في ذلك أولئك الذين يعملون لصالحهم، في مستندات مختومة، موقعة وموثقة على رفوف لا نهاية لها.
ويراقب ضباط النظام المواطنين بالطرق الآتية:
  • التنصت على الهواتف
  • اختراق أجهزة الكمبيوتر
  • إرسال العملاء لمراقبة المشتبه فيهم شخصيا
وجمعت تقارير المراقبة التي ترصد تفاصيل حياة الواقعين تحت المراقبة حتى موقع المرآب الذي كانت تصلح فيه والدة أحد المشتبه بهم سيارتها، ومعدل زيارات أحد المشتبه بهم أقاربه، وما يملكه آخر من مبان سكنية.

مراقبة أسقطت حيا في حمص

في إحدى الحالات عام 2013، أُكتشف أن قائدة في جماعة معارضة كانت على علاقة غرامية مع جندي من النظام يعمل كمخبر، ما سمح للنظام بالوصول إلى معلومات حساسة عن المنطقة المحاصرة.
وتوضع الوثيقة أن النظام حينها استطاع اكتشاف نقطة ضعف في أحد أحياء حمص الواقعة في يد المعارضة، عبر امرأة تنتمي وزوجها وإخوانها إلى أحد الفصائل، وفي نفس الوقت كانت على علاقة عاطفية مع مخبر في قوات النظام كان يعمل في نقطة تفتيش على أطراف المنطقة المحاصرة.
وبسبب علاقتهما الغرامية استطاع الدخول إلى الإنفاق وأبلغ قيادته عنها، وبعدها بـ٣ سنوات سقطت أجزاء من الحي.

أسماء مقابل تخفيف التعذيب

من خلال تعذيب المعتقلين، تمكنت الأجهزة الأمنية من انتزاع اعترافات بأسماء عشرات المشتبه بهم. في إحدى الحالات، اعترف شاب معتقل عام 2015 تحت الضرب بوجود أكثر من 70 اسمًا لمعارضين في منطقته، وتمت إضافتهم إلى قوائم المطلوبين.
كان المعتقلون يتعرضون لما يسمى "حفلة الترحيب" إذ يتلقون ضربا مبرحا في الممرات المؤدية إلى الزنزانة، قبل أن يدخلوا الحبس الانفرادي ثم يعرضون للاستجواب تحت أبشع أنواع التعذيب.
وتشير إحدى الوثائق إلى أن أحد الشباب المعتقلين عام ٢٠١٥، وهو أوقف على نقطة تفتيش بسبب فيديو "يسيء إلى شخصية الرئيس" في هاتفه، قدم 70 اسماً، بالإضافة إلى أعمارهم وأوصافهم (بما في ذلك الطول) من المعارضين في منطقته، بهدف تخفيف العذاب الذي يتعرض له.
في نهاية التقرير، في قسم بعنوان "رأي المحقق/أقترح"، يضيف الضابط: "بعد استخدام أساليب الإقناع والترهيب، اعترف بالانتماء إلى جماعة إرهابية وبإهانة شخصية الرئيس".
ويوصي الضابط بإحالة المعتقل إلى القضاء العسكري في حمص بتهمة الانضمام إلى مجموعات إرهابية مسلحة والتعاون مع الإرهابيين، كما يجب إضافة الأشخاص الذين ذكرهم المعتقل أثناء استجوابه إلى قائمة "المطلوبين".

ابن ١٢ عاما أمام المحكمة بسبب صورة الرئيس

اعتقل الأمن طفلا يبلغ من العمر 12 عامًا، تم إحضاره "لتمزيقه ورقة تحمل صورة الرئيس"، إذ عثر على أوراق ممزقة تحمل صورة الرئيس تحت كرسيه في المدرسة، قام معلمه بالإبلاغ عنه ومنه إلى المشرف التربوي في المدرسة، الذي قام بإبلاغ مركز الشرطة، لتحول إلى فرع الاستخبارات السياسية، ليعتقل وتسأله أجهزة الأمن الذي قال إنه مزق الورقة دون أن يلاحظ وجود صورة الرئيس.
وأكد المعلم، وفق محاضر الأمن، أن الطالب هادئ ومهذب ولم يظهر أي سلوك سلبي في السابق.
"قمنا بإجراء فحص أمني عن خلفيته العائلية، وتبين أن عائلته ليست متورطة في أي نشاطات تتعلق بالأحداث الجارية في البلاد"، بحسب الوثقة.
الطفل، كما يذكر التقرير، أخبر المحققين: "لم تكن لديه نية سيئة ولم يقصد الإساءة إلى أي شخص".
ومع ذلك، وبعد ٤ أيام من اتهامه بتمزيق الورقة، تم إرسال الطفل البالغ من العمر 12 عامًا للمثول أمام المحكمة.

الفيس بوك يقتل

في وثيقة من داخل مقار الأمن التابع للنظام، تظهر وثيقة أنه تم اعتقال رجل في منتصف العمر وأب لابن واحد كان يعمل مع منظمة إنسانية، بتهمة التواصل مع "الإرهابيين" وإشعال الفتنة الطائفية، بحسب وصف الضباط.
ووجهت إليه الاتهامات الآتية:
  • دخول المناطق المحاصرة التي تسيطر عليها المعارضة لتوصيل المساعدات الإنسانية.
  • تنسيق مع الجماعات المحلية المعارضة، التي كانت تسيطر على نقاط الدخول.
كما يحوي التقرير الاستخباراتي الذي يوصي باعتقاله على معلومات أكثر بكثير عن شقيقي زوجته، الناشطين المؤيدين للمعارضة الذين هربوا من سوريا بمساعدة مهرب.
احتجزت أجهزة الأمن الرجل بعدما اخترقت حاسوبه، وقالت إنه "نشط على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتحديد على فيسبوك، حيث لديه صفحة تحت اسم [...]. تحتوي صفحته على منشورات طائفية وتحريضية ضد الدولة وإهانات تجاه القيادة السياسية" ليعتقل ويتم قتله داخل السجن.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة