البيض و"البريك" في رمضان.. أساسيات توحد أطباق التونسيين
"تقريبا لم يعد يوحّد فقراء وأثرياء تونس خلال الشهر الكريم إلا طبق البريك". يقول خيري، بائع الدواجن والبيض في حي الزهور، أحد الأحياء الشعبية بالعاصمة التونسية، مستبشرا بانتعاش تجارته مع اقتراب حلول شهر رمضان.
فلا تخلو موائد التونسيين في مختلف المناطق والجهات طيلة 30 يوما من البريك الذي يعد البيض أهم مكوناته، فترتفع نسب الاستهلاك إلى نحو 175 مليون بيضة أي تقريبا 26 بيضة لكل تونسي، حسب معطيات رسمية.
ولأهمية هذا المكون في طعام التونسيين، أكدت وزارة التجارة التونسية الثلاثاء، 4 فبراير، أن الأسعار ستكون مناسبة ومستقرة بسبب الفائض المسجل في الكميات المعروضة، مشيرة إلى أن البيض يعتبر مادة حساسة لأن الدولة تتدخل في تحديد أسعاره، كما أن نسب استهلاكه ترتفع 58 % في رمضان.
فما حجم مصاريف الأسر التونسية على البيض خلال رمضان؟ وماذا عن وضعية المخزون الاستراتيجي للبيض؟
البيض أو "العضم" في قلب اهتمامات الوزارة
تتفق أغلب اللهجات العربية على تسميته بالبيض، غير أن للتونسيين رأي آخر، فهو عضَم ومفرده عضمة. تؤكد نجمة، 53 سنة، لبلينكس أنها لا تعرف سبب هذه التسمية لكنها تعرف جيدا أن مشترياتها استعدادا لشهر رمضان يجب أن تتضمن على الأقل علبتين من البيض، أي ما يعادل 60 بيضة مقابل 22 دينار، مايقارب 7 دولار ونصف.
ترتفع أسعار هذه المادة نسبيا في شهر الصيام لكثرة الطلب عليها، غير أن نجمة تعتبرها مقبولة مقارنة بالغلاء الذي تشهده بقية الأساسيات الغذائية في السنوات الماضية.
من جهتها، عقدت وزارة التجارة الثلاثاء، 4 فبراير اجتماعا مع ممثلي تجار الدواجن واللحوم البيضاء لمتابعة وضعية المخزون الاستراتيجي من البيض.
وأكد مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة، زهير بوزيان لبلينكس أن الأسعار ستكون مناسبة ومستقرة بسبب الفائض المسجل في الكميات المعروضة، مشيرا إلى أن البيض يعتبر مادة حساسة لأن الدولة تتدخل في تحديد أسعاره كما أن نسب استهلاكه ترتفع 58 % في رمضان.
وفي ندوة صحفية لوزارة الفلاحة التونسية، كشف المسؤول عن الإدارة العامة للإنتاج الفلاحي أن مستوى إنتاج البيض تحسن بنسبة 2.8 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، بواقع 158 مليون بيضة مع تخصيص مخزون تعديلي بحوالي 23 مليون بيضة للاستهلاك في رمضان.
التونسيون يتهكمون على عاداتهم الاستهلاكية
رغم إقبالهم المفرط على استهلاك البيض بسبب ربطهم لعلاقة "غريبة" بين طبق البريك وموائد رمضان، تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي بالصور الهزلية والتدوينات المتهكمة على استعدادات السلطات لتوفير البيض، والاهتمام المبالغ فيه بهذه المادة تحديدا، رغم المشاكل الاقتصادية المعقدة والمتنامية التي تعاني منها تونس.
ورغم ارتفاع المديونية للخارج وتعثر الاقتصاد تركز السلطات خطابها على نجاحها في توفير المواد الأساسية خاصة التي يكثر عليها الطلب في شهر رمضان الذي يرتفع فيه استهلاك الأسر التونسيىة بنحو 35 بالمائة حسب تقديرات المعهد الوطني للاستهلاك (حكومي).
بمكونات بسيطة وكميات دهون مرتفعة، يتربع البريك على عرش إفطار التونسيين، فهو عبارة عن عجين رقيقة تسمى الملسوقة وتعد بطريقة تقليدية محشوة بالبطاطا المسلوقة والبقدونس والتونة أو اللحم المفروم وبيض. تقُلى حبات البريك في الزيت وتقدم ساخنة حسب أذواق أفراد العائلة فهناك من يريد أن تكون البيضة نصف نيئة ومن يريدها مع حبات كابرير.
لا يعرف تحديدا كيف أصبح البريك من أساسيات الأطباق الرمضانية للتونسيين. لكن أول من احترف صناعتها وبيعها هم يهود تونس الذين قدموا عدة أطباق للمطبخ التونسي كالفريكاسي والمدفونة وغيرها. واقترن البريك بهذه الطائفة إذ أن أشهاها يقدم في مطاعم ضاحية حلق الوادي بالعاصمة، أو في جزيرة جربة جنوب البلاد، وهما أهم مناطق إقامة اليهود التونسيين.