الوجه الآخر للأولمبياد.. مليارات ونفوذ سياسي

في التعريف الرسمي للجنة الأولمبية الدولية فهي منظمة غير حكومية وغير ربحية، يقع مقرها الرسمي في لوزان بسويسرا.

وبحسب وكالة أسوشيتد برس تعتمد اللجنة في مصادر دخلها بشكل أكبر على بيع حقوق بث الأنشطة الأولمبية، وتشكل 60% من عوائد الدخل، بجانب 30% على عقود الرعاية.

ووفقا للمصدر فإن عوائد اللجنة الأولمبية من آخر 4 دورات أولمبية، شتوية وصيفية، حتى أولمبياد طوكيو 2021 بلغت 7.6 مليارات دولار.

تقول اللجنة إنها تعيد 90% من الدخل إلى الرياضات المختلفة، هذا رغم عدم مكافأتها أبطالها المتوجين بالذهب ماليا، إذ تكتفي، عادة، بمنحهم ميداليات.

كما أن غالبية النفقات تدفعها الدول المستضيفة، ما يزيد من أعباء النفقات. فمثلا، بلغت كلفة تنظيم أولمبياد طوكيو 13 مليار دولار، وفقا للتقارير الرسمية، لكن تقارير أخرى تشير إلى أن الكلفة ربما كانت ضعف ذلك.

وفي 2019 افتتحت اللجنة الأولمبية مقرا جديدا لها كلف، بحسب أسوشيتد برس، 200 مليون دولار.

ولا يبدو ذلك محل شك، بقدر ما يؤشر على استفادة لجنة باخ من العرس الأولمبي على الأصعدة كافة.

لا تتوقف مكاسب اللجنة الأولمبية الدولية من الأولمبياد في جني الأرباح، بل يؤهلها ذلك للعب دور أكبر من مجرد تنظيم نشاطات رياضية.

ورغم شعارها المناهض للسياسة كمبدأ، فإن اللجنة الأولمبية الدولية، IOC، تمتلك مقعدا في الأمم المتحدة كمراقب، وتساهم مع الأمين العام في تحقيق الأهداف المتعلقة بالتنمية والاستقرار في العالم.

وقبل ذلك، تتواجد اللجنة الأولمبية الدولية داخل الأمم المتحدة بناء على إرث عريق بعراقة الأولمبياد، والمقصود هنا التقليد الإغريقي القديم المسمى إيكيتشيريا أو "الهدنة الأولمبية"، والذي ولد في القرن الثامن قبل الميلاد، وهو مبدأ مقدس يطالب الجميع بوقف أعمال العداء والحروب خلال الدورات الأولمبية.

ومن جهة أخرى توفر اللجنة فرصة تاريخية للدول عبر منحها تنظيم الأولمبياد، باعتبارها سلاحا ناجزا فيما يعرف بالقوة الناعمة.

يدير اللجنة الأولمبية مجلس مكون من 100 عضو، ويختار الأعضاء بعضهم بحسب توافق داخلي بينهم.

وتعد الأميرة نورا، أميرة ليختنشتاين، أقدم عضو تم اختياره ولا تزال في المجلس حتى الآن، إذ تتواجد فيها منذ العام 1982.

ويحفل المجلس بشخصيات اعتبارية من ملوك وأمراء من دول عدة، لكن العمل الفعلي والتنفيذي يقوم به الألماني توماس باخ وعدد من الأعضاء المختصين، إذ يتولى باخ رئاسة اللجنة من 2013.

ولا يتقاضى باخ أو أي فرد في المجلس راتبا من اللجنة، إذ تعد مهمتهم تطوعية، وهذا ما يجعل الميزانية التسييرية للجنة زهيدة للغاية.

وفي 2022 بلغت 370 ألف دولار، صرفت على نثريات السفريات والاجتماعيات للأعضاء التنفيذيين وليس الشرفيين، فيما دُفعت 163 ألف دولار منها للسلطات السويسرية كضرائب، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

رغم النجاحات الذهبية التي يعيشها باخ ولجنته الأولمبية حاليا، لكن هناك مخاوف حقيقية على الأولمبياد.

ويتعلق الأمر بهروب المنظمين من الأولمبياد، الشتوي والصيفي، وهو أمر يبدو أن سببه ارتفاع تكلفة تنظيمها بشكل متصاعد.

وتجلت هذه الأزمة في 2017 عندما لم تجد اللجنة الأولمبية أمامها سوى عرضين فقط لاستضافة أولمبياد باريس الحالي، الأول من باريس والثاني لوس أنجلوس.

واضطر هذا الأمر اللجنة الأولمبية الدولية إلى تغيير تقليدها الراسخ بالكشف عن المنظم قبل 7 أعوام، لتمنح باريس تنظيم النسخة الحالية، ولوس أنجلوس النسخة المقبلة عام 2028.

ولم تكتف بذلك، بل أقدمت على منح مدينة بريزبن الأسترالية حق تنظيم أولمبياد 2032، قبل 11 عاما من موعد الحدث، في خطوة قد تعطي مؤشرا عن حقيقة مقلقة، مفادها أن الأولمبياد لم يعد حدثا جاذبا.

وحتى في الأولمبياد الشتوية، لم يكن هنالك سوى عرضين لأولمبياد بكين 2022 الماضي، والذي فازت به بكين على حساب ألماتي الكازاخية.

وتخشى اللجنة من أن يصبح ذلك عادة، مستقبلا، خاصة في ظل توسع الأولمبياد المستمر وإضافة رياضات جدد.