صوّت سكان قرية بوكا تشيكا الواقعة في أقصى جنوب ولاية تكساس يوم 3 مايو 2025 لصالح تأسيس مدينة جديدة تحمل اسم "ستاربيز"، لضم مشروع إيلون ماسك الفضائي العملاق، حسب صحيفة التلغراف.
جاءت نتيجة التصويت، 212 صوتاً مقابل 6، بمثابة ضوء أخضر رسمي لسبيس إكس، الشركة التي أسسها ماسك، لتحويل مساحتها الصناعية إلى منطقة مدنية مُعترف بها، حيث كتب حساب إكس الرسمي للمدينة، الذي أنشأه ماسك مباشرة بعد التصويت: "تحوُّل ستاربيز إلى مدينة سيساعدنا في بناء أفضل مجتمع ممكن للرجال والنساء الذين يصنعون مستقبل البشرية في الفضاء".
تمتد مدينة ستاربيز على ساحل تكساس قرب الحدود مع المكسيك، وهي موقع استراتيجي لمنطلق صواريخ شركة سبايس إكس، ولا يقتصر دورها على التطوير التكنولوجي، بل يتوسع ليشمل نمط الحياة للموظفين وأسرهم.
فبينما يرى مؤيدون أن ستاربيز ستكون أقل عبئًا على مقاطعة كاميرون إذا تمكنت من إدارة بعض مواردها بنفسها، مثل الأمن والبنية التحتية، يقول معارضون إن منح شركة ماسك نفوذا أكثر يهدد بتصاعد المخاوف البيئية، مثل الانفجارات الصوتية الحادة والحطام الناتج عن تجارب إطلاق الصواريخ.
كما يخشى البعض من تحايل ماسك على بعض اللوائح وممارسة سيطرة أكبر على إمكانية الوصول إلى شاطئ بوكا تشيكا المحبوب لدى السكان.
وقد بلغ هذا الجدل حدّ نقله إلى قبة المجلس التشريعي في تكساس خلال هذا العام.
اعرف أكثر
تأسست منشآت ستاربيز في بوكا تشيكا عام 2014 كقاعدة لتصنيع وإطلاق الصواريخ، وباتت اليوم المقرّ الرئيسي لاختبارات وتطوير صاروخ "ستارشيب"، أكبر صاروخ في العالم، المصمم لإرسال البشر إلى القمر والمريخ بالتعاون مع وكالة "ناسا" ووزارة الدفاع الأميركية، وفقا لمجلة تايم الأميركية.
يمتد الموقع على أكثر من 4 كيلومترات مربعة، حسب موقع ذا هيل، وتقطنه حاليًا مئات العائلات من موظفي الشركة، وقد بدأت أعمال التخطيط لربط البنية التحتية الخاصة بها بأنظمة النقل والمياه والصرف الصحي في مقاطعة كاميرون.
كما تخطط الشركة لبناء مركز مجتمعي متطور بقيمة 22 مليون دولار ومجمعات سكنية وترفيهية ومدارس لخدمة العاملين في الموقع وأسرهم.
في انتخابات المجالس المحلية التي أعقبت التصويت، تم اختيار بوبي بيدن، نائب رئيس عمليات الإطلاق في سبايس إكس كأول رئيس بلدية لمدينة ستاربيز، دون وجود أي منافس.
كما تم انتخاب كل من جينا بتريزلكا، مديرة في الشركة، وجوردن باس، مدير العمليات في الموقع، كمفوضين للمدينة.
هؤلاء المسؤولون الثلاثة لا يملكون خبرات سابقة في الحكم المدني، وكلهم موظفون حاليون لدى ماسك، ما أثار جدلًا واسعًا حول تضارب المصالح ومفهوم "المدينة الخاصة" حيث تندمج سلطة الشركات بالحكم المحلي.
ووفق تقرير نشرته صحيفة تيكساس تريبيون، فإن قانون الولاية لا يمنع موظفي الشركات من الترشح للمناصب في المدن الجديدة، ما داموا يقيمون فيها، وهو ما ينطبق على بيدن وفريقه الذين انتقلوا للعيش في ستاربيز قبل عدة أشهر من التصويت.
لم تكن ستاربيز سوى خطوة ضمن خطة أكبر وضعها إيلون ماسك منذ انتقاله هو وشركاته من كاليفورنيا إلى تكساس. فقد نقل الرجل أغلب شركاته إلى الولاية الجنوبية، بما في ذلك تيسلا وذا بورينغ كومباني ونيورالينك، هربًا من ما وصفه بـ"القيود البيروقراطية المدمرة في كاليفورنيا" ومعارضته الشديدة لسياسات الحزب الديمقراطي الذي يهيمن على الولاية، وفقا لشبكة بي بي سي.
وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن ماسك اشترى في عام 2024 مجمعًا سكنيًا فخمًا بقيمة 35 مليون دولار لإيواء أكثر من 10 أطفاله من أمهات مختلفات، كما باع جميع ممتلكاته في لوس أنجلوس تقريبًا.
يشير هذا التحول إلى رغبة ماسك في بناء بيئة تشغيلية خاصة به، تخضع لأقل قدر ممكن من القوانين التنظيمية، وتسمح له بإدارة مجتمعاته وفق رؤاه الخاصة.
ماسك ليس وحده من شق هذا المسار، إذ أقدم عدد من عمالقة التكنولوجيا على نفس الخطوة.
دعم مارك أندريسن، مخترع متصفح نيتسكايب، ورييد هوفمان، مؤسس لينكد إن، مشروعًا يُدعى California Forever يهدف لبناء مدينة جديدة من الصفر في منطقة نائية شرق سان فرانسيسكو، بعد شراء عشرات الآلاف من الأفدنة، وفقا للتلغراف.
أما بيتر ثييل، الشريك المؤسس في باي بال، فكان من أوائل المستثمرين في مشروع Seasteading الهادف إلى بناء مدن عائمة مستقلة في عرض البحر، بعيدًا عن قوانين الدول.
كما حاول مستثمرون في العملات الرقمية إنشاء مجتمعات شبه ذاتية الحكم في بورتو ريكو، وهو ما أطلق عليه البعض "اليوتوبيا التكنولوجية".