بعد الدعوة لعودة الجنوبيين.. هل خرج حزب الله من غزة؟

تصريحات نصرالله عن "العودة إلى المنازل" كانت الأولى من نوعها، منذ بدء اشتباكات جنوب لبنان، إذ لم يلمّح إليها في خطاباته السابقة.

علي وهو مواطن لبناني من بلدة حولا الجنوبية، يقول إن العودة، التي تحدّث عنها نصرالله، "غير واردة الآن وصعبة"، خصوصا أن بلدته مدمرة بشكل شبه كامل، ويضيف "رد حزب الله على إسرائيل كان رفع عتب، فلم نرَ أي مواقع تدمرت، ولم نسمع عن قتلى في إسرائيل، وما حصل هو تثبيت لقواعد الاشتباك بين الطرفين، لا أكثر ولا أقل".

وفي بلدة القليعة الحدودية في جنوب لبنان، إذ نزحت هناء، تحفّظت عن ذكر اسمها الكامل، من بلدة برج الملوك منذ بدء المناوشات، قالت لبلينكس: "كيف سنعود إلى منازلنا والصواريخ تنطلق من محيطها؟ إلى متى سنعيش هذا الخوف الذي يطوق حياتنا؟".

الخبير العسكري اللبناني العميد الركن الدكتور حسن جوني، قال إنّ من دعاهم نصرالله للعودة هم سكان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين تركوا منازلهم هناك، عقب اغتيال القيادي فؤاد شكر يوم 30 يوليو الماضي، في الضاحية المذكورة.

في حديثه لبلينكس، يقول جوني إن نصرالله بهذا الشق يكشف أنه يتلقى أصداء الضغط الذي تواجهه بيئة حزب الله الحاضنة، بسبب الحرب.

ويعتبر أن الرسالة التي تضمنها خطاب نصرالله مفادها أن الأمور يجب أن تعود إلى الواقع الذي كان قائما قبيل اغتيال شكر، باعتبار أن "رد الأحد" جاء انتقاما لهذا الاستهداف، وبسبب المخاوف من استهداف الضاحية، نزح المواطنون منها.

من جهته، يقول الخبير العسكري عبدالرحمن شحيتلي، لبلينكس، إن كلام نصرالله كان موجها إلى الذين لم يكونوا مُشتركين بالحرب ما قبل اغتيال شكر، وبالتالي دعاهم للعودة إلى منازلهم.

في المقابل، يتفق شحيتلي وجوني في كلامهما بشأن أن رسالة نصرالله ليست موجهة لأبناء جنوب لبنان، فالحرب هناك باقية، ولن تنتهي بعد.

"الاحتواء" الذي حصل لرد الحزب بشكل سريع ولافت، طرح تساؤلات حول ما إذا كان ينوي الانسحاب من حرب غزة، تفاديا لأي معركة واسعة.

يقول الخبير العسكري اللبناني فادي داوود، إن رد حزب الله أفسح المجال للتنظيم بالانتقام لنفسه، وإعادة ماء الوجه بعد اغتيال شكر.

يرى داوود أيضا أن المنطقة دخلت في إطار "الردود المدروسة"، مشيرا إلى أن ما فعله الحزب "كان محبوكا، كما أن ما فعلته إيران خلال شهر أبريل الماضي، كان مرسوما أيضا".

ويضيف "كل ذلك يشير إلى أن الأمور ستبقى تحت عتبة الاشتباك الكبير، علما بأن جبهة الإسناد والدعم من لبنان ستبقى مفتوحة، ما دامت حرب غزة مستمرة، مثلما قال حزب الله، والرهان يتعلق بمدى نجاح المفاوضات في القاهرة، وقدرتها على انتزاع اتفاق ملموس، يضمن وقف الحرب هناك".

الخبراء جوني وشحيتلي وداوود، اتفقوا في تصريحاتهم بشأن أن لبنان يعيش الحرب منذ 8 أكتوبر الماضي، كما أنهم يُجمعون على مسألة أساسية، وهي أن الأمور لن تتدهور إلى معركة شاملة.

جوني يرى أن ما حصل خلال رد حزب الله وما سبقه من هجوم إسرائيلي، يوضّح أنه ما من طرف يريد الحرب. ويتابع: "الحزب ليس بوضع يستطيع فيه فتح حرب مع إسرائيل، كي لا يضع أعباء كبيرة على بيئته وعلى المجتمع اللبناني الذي يعاني أزمات اقتصادية حادة، كما أن الانقسام داخل لبنان كبير حول هذا الأمر".

أيضا يعتبر جوني أن إسرائيل غير معنية بتوسعة الجبهة، والدليل على ذلك أن التصريحات التي صدرت عقب "رد حزب الله"، قالت إن "العملية الاستباقية ضد حزب الله قد انتهت، ولا يعني تل أبيب تطور الوضع إلى حرب".

من ناحيته، يقول شحيتلي "نستطيع القول إن كل الأطراف تسعى للابتعاد عن الحرب حتى الوصول إلى الحل الذي لم يظهر حتى الآن"، وأضاف "ليس هناك أي قرار بالحرب، وما حصل حسم هذه النقطة، إلا إذا حصل حدث كبير يمكن أن يعيد خلط الأوراق مجددا".

من جهته، يعتبر داوود أن التقارب الأميركي-الإيراني في المنطقة، وصل إلى مراحل متقدمة، مشيرا إلى أن هذا الأمر سينعكس على الجبهات ويمنع الحرب، وبالتالي فإن المنطقة ذاهبة نحو التهدئة، ويضيف "ما لاحظناه أنه كان هناك صمت إيراني بعد الرد، ويمكن تفسير هذا الأمر في إطار إيجابي، يدفع الأمور نحو الاستقرار، والقول إن الضربة التي حصلت قد انتهت".