بعلبك تحت "النار".. ما دوافع إسرائيل "للانتقام" منها؟

جغرافيا، تبعد بعلبك نحو 160 كيلومترا عن الحدود مع إسرائيل، وتعتبر واحدة من المدن الأساسية بالنسبة لحزب الله، وفق ما يقول الخبير العسكري والاستراتيجي، هشام جابر لبلينكس.

جابر يوضح أن بعلبك، مثل صور والنبطية في جنوب لبنان، تضمّ سكانا متعاطفين مع حزب الله ويشكلون بيئة حاضنة له.

ويتابع "إسرائيل سعت إلى تنفيذ استهدافات كبيرة في صور والنبطية وهي الآن تنتقم من بعلبك بشدة، والهدف من ذلك هو تأليب القاعدة الشعبية هناك على حزب الله.. والهدف من ضرباتها هناك ليس عسكريا".

المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير يتوافق مع جابر في مسألة الهدف الإسرائيلي من قصف بعلبك والبقاع، ويقول لبلينكس إن هذه المنطقة اللبنانية تمثل "عمقا شعبيا لحزب الله، وقصفها يأتي انتقاما للفشل الميداني الذي واجهه الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان".

اعتبر قصير أن "بعلبك تمثل منطقة مهمة جدا لحزب الله، وتاليا فإن قصف إسرائيل لها يهدف لاستهداف البيئة الشعبية بشكل أساسي".

تعتبر بعلبك ومناطق الهرمل والبقاع في شرق لبنان مناطق قريبة من سوريا، ولهذا تمثل امتدادا لها في لبنان.

أيضا، تمثل بعلبك "خط الدفاع الخلفي" لحزب الله باعتبار أنها تقع في منطقة واسعة جدا وفيها ثقل كبير للحزب، كما أنها تمثل منطقة "إمداد" للأخير بين سوريا ولبنان.

إسرائيل تصف منطقة البقاع بـ"الاستراتيجية" لحزب الله، ويقول معهد "ألما" الإسرائيلي للدراسات الأمنية إن الأصول الاستراتيجية لحزب الله منتشرة في البقاع، منها مواقع للوحدة الجوية، وأخرى تابعة لوحدات الصواريخ بعيدة المدى.

ويزعم المعهد أيضا أن منطقة البقاع تضم 3 مطارات تابعة لحزب الله، وهي تُستخدم لتشغيل الطائرات المسيرة.

وخلال شهر أغسطس، وعقب تنفيذ حزب الله هجوما كبيرا ضد إسرائيل، انتقاما لاغتيال القيادي فؤاد شكر، أعلن الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله، الذي قضى بغارة إسرائيلية يوم 27 سبتمبر الماضي، أن حزب الله أطلق طائرات مسيرة خلال الهجوم انطلاقا من منطقة البقاع، ما يمثل إعلانا رسميا من قبل الحزب بانخراط هذه المنطقة ضمن المواجهة مع إسرائيل.

وقبل أشهر أيضا، جرى التحذير داخل إسرائيل من أهمية بعلبك كمنطقة مهمة لحزب الله، فالباحث الإسرائيلي إيال زيسر قال إنه يمكن الافتراض بأنه سيتم الحفاظ على القدرات الاستراتيجية لحزب الله في أماكن بعيدة عن الحدود مع إسرائيل، لاسيما في منطقة بعلبك، وذلك بعدما عملت إسرائيل، وفق رؤيتها، على التخلص من مقدرات عسكرية للحزب عند الخط الأمامي معها في جنوب لبنان، وذلك خلال عمليتها البرية التي بدأت مطلع أكتوبر.

ويقول الخبير العسكري هشام جابر إن "حزب الله لا يضع أسلحة وصواريخ داخل مدينة بعلبك"، مشيرا إلى أن التنظيم "يعرف أين يتواجد وأين يوزع عناصره".

ويضيف "منطقة البقاع واسعة جدا ولدى حزب الله الكثير من الإمكانيات لاختيار مناطق لوضع صواريخ وأسلحته بعيدا عن بعلبك".

وسط الاستهدافات المستمرة لبعلبك ومناطق أخرى في بقاع لبنان، تظهر تساؤلات عما إذا كانت هذه الضربات ستؤثر على خطوط إمداد "حزب الله"، وعما إذا كانت هذه المنطقة ستكون مشمولة بأي تسوية لاحقة بين إسرائيل ولبنان.

جابر يقول لبلينكس إن القصف على شرق لبنان لا يؤثر على خطوط الإمداد الخاصة بحزب الله كما أنها لا تؤدي إلى قطعها، مضيفا "هناك معابر كثيرة موجودة ويمكن لحزب الله أن يوفر الخطوط التي يراها مناسبة كون البقاع واسع جدا جغرافيا".

المحلل قاسم قصير يعتقد أن خطوط الإمدادات لم تتأثر، ويقول إن الدليل على ذلك هو استمرار حزب الله بالقتال على الحدود في جنوب لبنان، إذ إن المجريات الميدانية والمعطيات الحربية تؤكد أن خطوط الإمداد ما زالت سليمة، وفق تعبيره.

وفي شهر مارس، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إنه "حتى في حال التوصل إلى اتفاق مستقبلي مع لبنان وحزب الله، فإن منطقة بعلبك ستبقى مركز تسليح للحزب"، موضحة أنه "لم يتم إدراج هذه المنطقة في أي نقاش أو اقتراح طُرح خلال الأشهر الأخيرة بشأن التهدئة عند جبهة الحدود بين لبنان وإسرائيل".

وفي هذا الخصوص، يشرح قصير أنه في حال تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فإنه سيكون شاملا ولن يستثني أي منطقة، مشيرا إلى أن هذا الأمر مرتبط بعمق المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة بين لبنان وإسرائيل خلال الوقت الراهن.