لم تكتفِ إسرائيل بممر واحد قسمت به قطاع غزة إلى نصفين، شمالي وجنوبي، هو "نتساريم"، إذ أنشأت آخر مشابها يحمل اسم "مفلاسيم"، على اسم إحدى مستوطناتها في جنوب إسرائيل بحسب ما كشفته تحليلات واشنطن بوست لصور الأقمار الصناعية.
الممر الجديد يستهدف حماية المستوطنين والمستوطنات من هجوم آخر مماثل لما حدث في 7 أكتوبر 2023، بحسب الصحيفة الأميركية.
لكن هذا الممر أتى على جثث سكان شمال القطاع وركام مساكنهم، إذ دمرت إسرائيل أكثر من 70% من مخيم جباليا الذي يشهد حملة عسكرية إسرائيلية ثالثة، دمرت نحو 5 آلاف مبنى..
فماذا نعرف عن الممر الجديد لإسرائيل في غزة؟
اعرف أكثر
أحياء بكاملها هُدمت في شمال غزة، وما يصل من 70% من مباني مخيم جباليا دمرت بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي، الذي يبرر عمليته الثالثة في غزة، منذ أكتوبر 2024، بمواجهة حماس، لكنه في الحقيقة يقيم "منطقة عازلة جديدة".
تحليلات الأقمار الاصطناعية تُظهر إنشاء محور عسكري يمتد من الساحل إلى السياج الحدودي مع إسرائيل، ما يعزز التحركات الميدانية لقواتها، فيما يشبه محور نتساريم الذي يفصل شمال غزة عن جنوبها بحسب واشنطن بوست.
هذا الممر هو ممر مفلاسيم، الذي تحدثت عنه صحيفة هآرتس في نوفمبر 2024، ليحمل اسم مستوطنة جنوب إسرائيل، إضافة إلى ممر ثالث يحمل اسم كيسوفيم يفصل دير البلح عن خان يونس الواقعتين إلى الجنوب من وسط غزة.
من أجل هذا الممر الجديد، هجّرت إسرائيل أكثر من 100 ألف فلسطيني في شمال غزة لتفرغ المناطق منها، فيما هدمت ثلث المباني في شمال غزة منذ بداية الحرب وحتى الأول من ديسمبر، بحسب الأمم المتحدة، وذلك على النحو التالي:
أكثر من 5 آلاف مبنى في جباليا.
أكثر من 3 آلاف مبنى في بيت لاهيا.
أكثر من ألفي مبنى في بيت حانون.
وأظهرت البيانات أن 60% من الدمار في مخيم جباليا للاجئين حدث بين 6 سبتمبر و1 ديسمبر من العام الحالي.
ورغم عدم تقديم الجيش الإسرائيلي تفسيرًا علنيًا لهذه التحركات، فإن محللين يرون أن الهدف منها قد يكون إنشاء منطقة عازلة تفصل شمال غزة عن باقي المناطق، بهدف حماية المستوطنات الإسرائيلية في الجنوب التي تعرضت للهجمات في 7 أكتوبر 2023.
وفي الوقت الذي تنشئ فيه إسرائيل ممرها الجديد في شمال غزة، توسعت، وتتوسع، في ممر نتساريم، فبعد أن احتلت في بداية الحرب طريقًا يبلغ طوله 4 أميال، لمنع الفلسطينيين من العودة شمالا، أصبحت الكتلة التي تسيطر عليها نحو 18 ميلًا مربعًا، وفقا لتحليل صحيفة نيويورك تايمز لصور أقمار اصطناعية ولقطات فيديو، مطلع ديسمبر 2024.
وعلى مدى الأشهر الـ3 الماضية، هدم الجيش الإسرائيلي أكثر من 600 مبنى حول الطريق، لينشئ ما لا يقل عن 19 قاعدة كبيرة في جميع أنحاء المنطقة وعشرات القواعد الصغيرة في إشارات تدل على محاولة بقاء طويلة الأمد، على النحو التالي:
على الرغم من تصريحات الجيش بأن التوسعات تأتي "لأسباب عملياتية"، فإن محللين عسكريين إسرائيليين يرون أن هذا التحرك يعكس تحولا في استراتيجية إسرائيل، حيث "الانسحاب والانفصال لم يعد خيارا"، وفقا للجنرال المتقاعد أمير أفيفي.
نتنياهو خلال زيارته لمحور نتساريم في 19 نوفمبر أشار إلى أن الهدف الرئيسي من هذا التوسع هو منع عودة حماس إلى السلطة. ورصفت إسرائيل ممر نتساريم وحصّنته بشكل كبير، وفقا للصحيفة الأميركية، مما يمنح القوات الإسرائيلية سيطرة استراتيجية على الحركة داخل القطاع.
عارضت إدارة بايدن السيطرة الإسرائيلية طويلة الأمد، بينما دعا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب قبل تسلمه السلطة في الولايات المتحدة، وقال إن حماس يجب أن تسلم الرهائن فورا.
في حديث له مع هيئة الإذاعة الإسرائيلية "كان" مطلع ديسمبر 2024، اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون، إسرائيل بتنفيذ "تطهير عرقي" في قطاع غزة. وقال: "بيت لاهيا لم تعد موجودة، وبيت حانون لم تعد موجودة، والآن يعملون على جباليا"، وهو ما نفاه القادة الإسرائيليون وحزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو إذ وصف الأمر بأنه "أكاذيب خبيثة".
هذا المخيم الواقع في شمال غزة واجه سكانه 3 حملات تلخصها صحيفة الغارديان كالآتي:
الحملة الأولى: أكتوبر 2023 – يناير 2024
شهد المخيم ضربات جوية عنيفة في البداية كان أعنفها في 31 أكتوبر 2023 إذ قتلت مئات الفلسطينيين وتركت فوهات كبيرة في الأرض عند تقاطع مزدحم.
زعمت إسرائيل أن المخيم "كان مركزًا للقيادة للواء الشمال" التابع لحركة حماس، وأمرت المدنيين بالتوجه جنوبا.
8 نوفمبر 2023، دخلت القوات الإسرائيلية المخيم.
12 ديسمبر 2023، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، يوآف غالانت، انتهاء القتال.
أواخر يناير 2024، انسحبت إسرائيل من المخيم.
الحملة الثانية: مايو 2024
في 11 مايو 2024، زعم الجيش الإسرائيلي تمكن حماس من إعادة تكوين قدراتها العسكرية، وأصدرت جولة جديدة من أوامر الإخلاء للمدنيين. وبعد يومين، بدأ الهجوم الكامل.
بعد ٣ أسابيع انسحبت إسرائيل بعدما وردت تقارير عن تدمير 70% من المباني في المخيم، بما في ذلك أحياء عديدة.
الحملة الثالثة: أكتوبر 2024 – حتى الآن
عادت إسرائيل بهجوم كاسح في ٥ أكتوبر للمرة الثالثة
بدلت إسرائيل المباني التي دمرتها بمجموعة من الممرات المحصنة لتناسب المدرعات والدبابات الإسرائيلية.